TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كان نزيهاً

كان نزيهاً

نشر في: 11 يوليو, 2015: 09:01 م

عندما عين لي كوان رئيسا لوزراء سنغافورة عام 1965 ، قال لاحد رفاقه عندما سأله ماذا سيفعل ؟ : "توجد كتب تعلمك كيف تبني بيتا او كيف تزرع حديقة ، ولكنني لم ار كتابا عن كيف تبني امة من خليط متباين من المهاجرين، او كيف توفر سبل العيش لشعب من عدة طوائف" وكان لي كوان آنذاك في الاربعين من عمره، وبعد عامين رفع شعار من اجل حكومة نظيفة : "لقد عانينا من انتشار الفساد والطمع بين عدد كبير من المسؤولين، فالمناضلون من اجل الحرية لشعوبهم تحولوا الى نهابين لثرواتها، ولهذا حرصت من اول يوم توليت فيه السلطة على اخضاع كل دولار من الايرادات العامة للمساءلة، والتأكد من انه سيصل الى المستحقين من القاعدة الشعبية دون انه ينهب في الطريق".
منذ اعوام ونحن نكتب عن الفساد ومئات المليارات التي اهدرت وسرقت، واصبحنا نقرأ ونسمع عن مسؤولين فاسدين وظفوا موازنة مؤسسات الدولة لمنافعهم الشخصية، وغادروا من غير أن يتركوا منجزا واحدا يذكر الناس بما يجري.
كم هي بسيطة هموم العراقيين أن يعرفوا مثلا، أين اختفت اموال الكهرباء، بعد اثني عشر عاما من التغيير تبحث الناس عن دولة غير محكومة بالفساد، العراقي اليوم ينتحب ويكتئب حزنا على ضياع الحلم بأيدي مجموعة من المسؤولين محدودي الأفق ومتواضعي القدرة، همهم الوحيد استمرار حالة الاحتقان الطائفي لأنها في النهاية تصب ملايين ومليارات من الدولارات في أرصدتهم الخاصة .
لماذا أصبحنا دولة يعيش نصف مواطنيها تحت خط الفقر في الوقت الذي ينافس فيه سياسيونا على قوائم أغنياء العالم؟
لم يعد أحد يسأل لماذا أصبح الفساد جزءا من لحم الدولة وشرايينها، لم يعد احد يسأل من أين جاء نائب بكل الأموال التي تتيح له أن يرسل أبناءه لمتابعة كل مباريات برشلونة وريال مدريد، لا يوجد اليوم من يسأل السياسيين كيف تضخمت ثرواتكم؟
كانت مشكلة بعض مدعي السياسة العثور على سكن مناسب وإذا بهم اليوم بعد دخول الحكومة والبرلمان يملكون القصور والشقق في لبنان ودبي ولندن.
يعلمنا لي كوان أن مقياس الإنجاز ليس ابتداع الألفاظ والقاء الخطب، بل مشاريع التنمية والتطوير والرفاهية، وبعد 12 عاما لم نجد في العراق سوى غبار سياسي يغطي كل دروب البلاد.
سنغافورة بفضل نزاهة لي كوان أصبحت، اليوم ي، شريكة للعالم المتطور وصارت شركاتها الكبرى تمتلك عددًا من كبار المؤسسات في اميركا واوربا ، وفي العالم هذا الجديد، تتنافس هذه الجزيرة الصغيرة مع اليابان والمانيا والصين على الموقع الاول في سلم الرفاهية الاجتماعية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. حسين العبادى

    وانا اتابع جميع الاعمده فى المدى وخاصة العمود المخصص لك وانتابى شعور بان اقدم نصيحه لك بان المسؤول العراقي لايقرا الصحف وذا اراد ان يشتري صحيفه فانه يطالع عالم الابراج فقط

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram