اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > التــقــشــف يــحــيــل اوراق الـفــقــراء الــى الـعـــــدم

التــقــشــف يــحــيــل اوراق الـفــقــراء الــى الـعـــــدم

نشر في: 13 يوليو, 2015: 12:01 ص

يعد نظام التقشف من انماط الانظمة الاقتصادية التي تطبقها الحكومات لاحتواء ازمة مالية واقتصادية معينة ولهذا النظام اوجه مختلفة كفرض نظام ضريبي او كمركي معين، اما في حال وجود ازمة مالية معقدة او طويلة الامد فيتم اللجوء الى نظام ضغط النفقات العامة. ان تط

يعد نظام التقشف من انماط الانظمة الاقتصادية التي تطبقها الحكومات لاحتواء ازمة مالية واقتصادية معينة ولهذا النظام اوجه مختلفة كفرض نظام ضريبي او كمركي معين، اما في حال وجود ازمة مالية معقدة او طويلة الامد فيتم اللجوء الى نظام ضغط النفقات العامة. ان تطبيق مثل هكذا انظمة يتطلب اقصى درجات الدقة والحذر كي لا يتسبب بتعطيل جانب من جوانب الحياة الاقتصادية او يمس بالواقع المعيشي لاي شريحة من شرائح المجتمع ولا سيما الطبقات الفقيرة. وان يرفع نظام التقشف شعار العدالة والموضوعية الا ان هذا الشعار بات ابرز الغائبين عن الطاولة السياسية الاقتصادية حينما استهدف شريحة محدودة من شرائح المجتمع العراقي ألا وهي شريحة الارامل والمطلقات وموظفي العقود الحكومية والاجور اليومية حيث يرى الكثير منهم بان هذا النظام جاء ليطبق عقوبة الاعدام على امل المواطن البسيط بالحياة الكريمة ولم تتوقف التاثيرات السلبية لنظام التقشف عند ذلك الحد بل انها اربكت المنظومة الاقتصادية بالكامل والمتأصلة في عدم مراعاة الابعاد السلبية لهذا النظام في حال وجود خلل كبير في مضامينه التطبيقية.
 
 
مقومات الحياة الكريمة
محمد واسراء وفاطمة ومنتظر تحدثوا عن رحلتهم الوظيفية التي انتهىت بهم خارج اسوار الدائرة فبعد ان كانوا موظفين حكوميين وبصفة اجر يومي اضطرت الدائرة الى الاستغناء عن خدماتهم بذريعة قلة التخصيصات المالية في وقت شكل هذا الاجراء صدمة نفسية كبيرة لهم تفوق ما سببته من ضرر اقتصادي فبعد ان كان الامل يحذوهم بفرصة للتعيين او تحسين اجورهم اليومية فوجئوا بهذا القرار الغريب والذي وكما وصفوه لا يرتقي الى مستوى مؤسسات الدولة في التعامل مع المواطن.
اما "سارة سعيد وغيث جبار" وكلاهما من موظفي العقود في ديوان محافظة بابل سبق لهما ان اتما اجراء الخطوبة على امل التثبيت والبدء باجراءات الزواج لكن للتقشف رأي اخر بالامر اذ تحدثت سارة وقالت مجموع راتبينا بحدود 800 الف دينار مع المكافآت كان يمكن ان يؤسس لبيت زوجية بالحد الادنى من مقومات الحياة المعيشة الكريمة. مضيفة: كانت عيوننا تتسابق مع الزمن صوب اقرار الموازنة عسى ان يحظى احدنا بفرصة تثبيت على الملاك لكن للاسف حصل عكس ذلك وقطعت مرتباتنا وبقينا ندور في دوائر الحيرة. خاصة بعد اعتماد الموازنة على نظام التقشف الذي للاسف وقع كاهلها الاكبر على الفقراء.
الغاء المشاريع
استاذة الادارة والاقتصاد اقداس حسين بينت: ان تطبيق نظام التقشف ما كان ليقتص من حياة هولاء لو طبق بطريقة علمية وموضوعية ففي الوقت الذي يراد من التقشف معالجة المشاكل الاقتصادية للخروج من ازمات مرحلية فرضتها السياسة الاقتصادية المشوهة، تحول هذا النظام الى قشة حكومية كسرت ظهر الفقراء. مضيفة: كان الاجدر بصناع القرار في الحكومات المحلية ان يعملوا على ضغط النفقات العامة والغاء العديد من المشاريع التي لا تلتصق بصورة مباشرة بحياة المواطن وان لا تقع الاعباء الناجمة عن نظام التقشف على طبقة واحدة دون غيرها. اضافة الى اهمية ضغط المصروفات الخاصة باعضاء مجالس المحافظات والاقضية.
 
العبث بميزان العرض والطلب
واوضحت حسين: ان الآثار السلبية المترتبة على هذا النظام لم تقتصر على انهيار الحياة الاقتصادية خاصة عند موظفي العقود والاجر اليومي، بل ان اثارها ستمتد لتسبب حالة من الركود في الاسواق المحلية حيث ان الانعدام المفاجئ في القدرة الشرائية لدى شرائح واسعة من المجتع العراقي ستسبب بضرر كبير على اصحاب المحال التجارية والذين سيعانون تلقائيآ من كساد كبير في بضاعتهم مقارنة بالفترة الماضية. مستطردة: عمل التقشف وبصورة غير مباشرة الى العبث بميزان العرض والطلب والذي هو عماد الاستقرار في السوق والمعروض من البضائع والسلع سيفوق الطلب. 
وهذا ما أكده ابو علي صاحب محل لبيع الاجهزة الكهربائية عن وجود تراجع كبير في معدلات الطلب على السلع والبضائع وهذا يعود بديهيآ الى ضعف القدرة الشرائية بصورة كبيرة لدى الشرائح المذكورة معربا عن استياءه الشديد مما وصفه الفوضى الاقتصادية التي تشهدها البلاد ويعاني منها السوق.
 
طالبة جامعية و300 الف
ولم يقتصر التأثير السلبي لهذا النظام على هولاء الموظفين وتلك الشرائح بل التحقت عوائلهم بقوافل الضحايا وهذا ما حصل مع احدى طالبات المرحلة الثالثة كلية التربية جامعة بابل والتي رفضت ذكر اسمها حيث اكدت استحالة استمرارها في الدوام واصبح حصولها على شهادة البكلوريوس ضربا من الخيال في ظل الازمة المالية التي تعيشها وعائلتها. متابعة: والسبب يعود الى قطع راتب والدي الذي يعمل في مديرية بلدية بابل بصفة اجير يومي منذ ثلاث سنوات. لكن نظام التقشف كان بالمرصاد لنا. علما ان الاجر الشهري الذي كان يتقاضاه والدها يبلغ 300 الف دينار لكنه يسد اكثر من حاجة.
الباحثة الاجتماعية ابتهال الموسوي وصفت مصير هذه الطالبة بالمفجع لما تركه التقشف من آثار سلبية على الصعيد النفسي والمعنوي والاجتماعي لحياتها فصدمة فقدانها للمقعد الدراسي ستظل ترافقها مدى الحياة وطالبت (الموسوي) وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بان تتحمل مسؤولياتها الانسانية ازاء وضع الطالبة هذا وعدم تركها تذهب فريسة سهلة تمزقها انياب التقشف والبطالة.
 
عمالة الاطفال
ومن بين الافرازات السلبية لنظام التقشف زيادة عمالة الاطفال والتي اصبحت ظاهرة خطيرة قد تهدد المنظومة النفسية والاخلاقية لدى الطفل بشكل مباشر خاصة ان بعض الاعمال التي لا تنسجم مع بنية الطفل وطاقته النفسية والجسمانية. والاعمال التي تقتضي الوقوف لساعات طويلة في تقاطعات الشوارع وتحت اشعة الشمس اللاهبة . اضافة الى جعل هولاء الاطفال صيدا سهلا للتسول ان الانخراط في العصابات والمجاميع الخارجة عن القانون.
ام ياسر اضطرت بعد وفاة زوجها وحرمانها المفاجئ من راتب الرعاية الاجتماعية الى الاعتماد على ولدها ياسر البالغ من العمر( 12 ) عاما لسد احتياجاتها المنزلية وتوفير لقمة العيش لها ولابنائها الثلاثة الصغار في وقت لم تخف الام مخاوفها من تواجد ابنها خارج المنزل لساعات طويلة في مناخ لا ينسجم جملة وتفصيلا مع طبيعية الاطفال لكن للظرف القاسي قولا اخر.
الباحثة الاجتماعية ابتهال الموسوي: ان تحمل الطفل لاعباء المعيشة في وقت مبكر قد يترك اثارا نفسية كبيرة تهدد حياة الطفل حتى عند الكبر. اما ابتعاده عن احضان الاسرة وقضاءه اغلب الاوقات خارج المنزل فان ذلك من المؤكد يشكل تهديدا خطيرا للبنية الاخلاقية والسلوكية للطفل تبدأ بتلفظه لعبارات ترفضها الذائقة العامة وتنتهي بسلوكيات قد لا تقف مدياتها عند حد. مطالبة: كل من يعنيه الامر من اصحاب القرار في الحكومتين المحلية والمركزية بتدارك هذا الموقف وانتشال الاطفال من وحل الانحرافات السلوكية والعقد النفسية.
هنا تبرز الحاجة الى اعتماد جملة من النقاط التي تكفل تطبيق هذا النظام بصورة موضوعية ولعل ابرزها هو وجوب العمل على استنساخ تجارب الدول والانظمة التي اعتمد في الياتها التطبيقية على التقشف في مجال صغط النفقات واحتواء شتى الازمات الاقتصادية دونما خطأ او تلكؤ اضافة الى اتباع اليات تضمن عدم التلاعب في موازين العرض والطلب لضمان استقرار السوق اضافة الى وجوب تفعيل القطاع الخاص والذي سوف يحتضن الكثير من الايدي العاملة مع اهمية اعادة الروح الى الصناعة الوطنية، وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل مما سيفتح افاقا رحبة للعمل في شتى المجالات واستيعاب اكبر قدر ممكن من الايدي العاملة عبر تأهيل المعامل والمصانع الحكومية التي ظلت تعاني الاهمال منذ سنوات عديدة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram