واختتمت بسلام مثلما تمنينا .. ليلة تتويج البطل بدرع الدوري كانت من أجمل ليالي الرياضة العراقية في السنين الأخيرة لمدلولات توقيتها والزخم الجماهيري المساهم الأكبر في إضفاء الثقة والطمأنينة على استحقاق بغداد أن يزاح عنها ظلم (فيفا) لتعاود احتضان الاشقاء والاصدقاء في ملاعبها الآمنة حتى ما بعد الفجر.
صراحة ، كان اتحاد كرة القدم واثقاً من خطواته التي سبقت المباراة عندما أصرّ على قبول التحدي لتكون بغداد شاهدة على تلاحم انساني كبير لمؤازرة فريقين اجتهدا ونالا نصيبهما من سهرة عرس الختام.
وإذا كانت ادارة ملعب الشعب الدولي والقوة الأمنية المتواجدة فيه لحماية المسؤولين وأفراد الناديين والجمهور قد أدت واجبها مثلما تملي عليها الواجبات بكفاءة عالية وانضباط احكم السيطرة على كل جنبات الملعب ومحيطه، فإن الأداء التحكيمي الذي ظهر عليه علي صباح بالشجاعة والثقة الكبيرتين كان انعكاسه مؤثراً على الجمهور الذي تابع مجريات اللقاء من دون أية اعتراضات أو اطلاق صفارات الاستهجان بعدما عَرف صباح كيف يبدد غضب بعض اللاعبين قليلي الخبرة في هكذا مباريات مصيرية ولم يَسقط في فخ النرفزة أو مبادلة انفعال بعض اللاعبين باشهار الكروت الملونة مما أخضع الجميع لقانون اللعبة ولم يسمح لأحد الخروج عن سطوته.
فنياً لم تصنع مباراة القوة الجوية ونفط الوسط المتعة المعتادة في مباريات الختام لدوريات الكرة ، بالعكس كان الأداء مخيباً إذ غلب عليه الحذر الشديد ربما كان مقبولاً من نفط الوسط باعتباره حريصاً على عدم اضاعة فرصة دخول التاريخ إذا ما تهوّر في تقدمه وغفل عن خطأ يؤدي الى قتل حلمه، لكن لا يمكن ان يبرر فريق القوة الجوية حالة التيه والضعف وعدم الرؤية الصحيحة لهدفه، ولا نبالغ لو قلنا ان الصقور تخلوا عن تأريخهم 120 دقيقة وتناسوا موعدهم مع اللقب السادس في ظرف مثالي ربما لا يتكرر لسنين عدة في ظل بروز اندية طامحة لأداء ادوار البطولة مثل أمانة بغداد والميناء ونفط الجنوب ودهوك.
وفي الدرس المغاير لسقوط الصقور، فإن نفط الوسط مسك المعادلة من الوسط حقاً، لاعبون مغمورون بقيادة حارس كبير ومدرب خرج من جلباب استاذه ناجح حمود المعروف عن تفرّده في اصطحاب فريق النجف لصراع محتدم مع الاندية الجماهيرية في الثمانينيات معوّلاً على ارادته ومؤمناً بان الانسان يصنع المعجزات إذا ما طمح اليها من دون خوف أو ضعف، وهذا ما فعله شهد أمس الأول بمنح نور روحية القائد الحقيقي داخل الملعب ، تلك الميزة التي راهن عليها كبار المدربين الأجانب الذين عملوا مع منتخبنا لأنه مصدر القوة والحماسة والأمل.
كانت النتيجة عادلة في انصاف البطل ووصيفه بعد الأداء الرتيب واستنزاف لياقة لاعبي الفريقين في مطاردة الكرات وتشتيتها كيفما أتفق طالما أن الحسم جاء من نقطة الجزاء التي يلعب الحظ بنسبة كبيرة في تسمية المنتصر، لكن نأمل ان تكون آخر مباراة في الدوري يلجأ الاتحاد الى تسمية البطل بعد ماراثون طويل تخلله تنظيم دور نهائي من مجموعتين . فالمسابقة لابد ان تعود الى اصولها التي عُرفت بها من خلال دوري عام للاندية العشرين تتنافس من اجل زيادة النقاط والاهداف لينتزع البطل اللقب في النهاية وفقاً لحصاد الذهاب والإياب ، وهذا ما يتوجب على لجنة المسابقات مراعاته عند اجتماعها المقبل لمناقشة سلبيات الموسم وابرز المقترحات الكفيلة باستعادة الدوري لنظامه الرسمي.
ويبقى السؤال مفتوحاً أمام مسؤولي الرياضة : متى يتم التحرّك الجدي صوب لجنة الطوارئ في (فيفا) من خلال تفعيل موقف الاتحاد الآسيوي لمساندة مطلبنا ولا يستلزم ذلك سوى تنسيق العلاقات والادوار لوضع ملف الحظر على طاولة رئيسه سلمان بن ابراهيم ليكون شريط فيديو (ليلة الشعب) دليلاً دامغاً لمن يدغدغ قلبه الشك بأن الظروف الأمنية في بغداد تحول دون رفع الحظر، هذه الفرية التي لم تعد تشكل مسوغاً قاطعاً مثلما دعا وزير الشباب والرياضة الاتحاد الآسيوي أمس الأحد الى "إعادة قراءته بشأن الحظر الرياضي المفروض على الملاعب الرياضية" فما عادت القراءة تكفي من دون مشاهدة من قلب الحدث!
درع البطل يُسقِط الحظر
[post-views]
نشر في: 12 يوليو, 2015: 09:01 م