بعد عام 1958 ، وطبقا لشهادات سياسيين ودراسات اكاديمية ، شهد العراق حالة من الصراع السياسي بين قواه العاملة في الساحة السياسية للسيطرة على السلطة بشتى الطرق ، ولا ضير من الاستعانة بقوى خارجية للاطاحة بالنظام الجديد . في العراق الحاضر ينسف الماضي بكل ما يحمل من مظاهر ، رموز او فلول النظام الملكي سُحلوا بالحبال في شوارع بغداد ، ومنذ تلك اللحظة ترسخ في الاذهان العنف والعنف المضاد فوصل الى درجات بشعة جعلت التاريخ العراقي الحديث يروي احداثه بالدم . ولعل الغريب في الامر ان احزابا تقول عن نفسها انها وطنية قومية تقدمية اشتراكية شاركت في صناعة العنف واشاعته ، بذريعة ملاحقة فلول النظام المباد ، او بشعار الحفاظ على الجمهورية فيما ادارة الدولة انتقلت الى العسكر .
العراق ربما يكون البلد الوحيد في المنطقة تكررت فيه العهود المبادة ، ومعظم قادته قتلوا ومنهم لم يسعفه الحظ في الحصول على قبر، قادة النظام الجديد يبيدون السابقين بكل قوة .
في فجر يوم 14 تموز حصلت مجرزة في بغداد بايعاز صاحب مقولة " كص راس واقطع خبر" ومع ارتفاع الصوت بالقضاء على الاستعمار واذنابه ، ورفع المظلومية ، وتحرير ثرواته وجعل الحياة وردية زاهية ، علقت جثة الوصي عبد الإله قرب جسر الشهداء ، لترسيخ حقيقة في اذهان الاوساط الشعبية بان كل ما يتعلق بالنظام السابق لابد ان يكون مصيره الإبادة ، من يقف ضد هذا التوجه يصطف مع الرجعيين اعداء الجمهورية ، ومن يؤيده يغني مع الجموع عبد "الكريم كل القلوب تهواك".
قانون الإزاحة بالدم ابتكار عراقي بامتياز ، تعزز حين سيطر العسكر على الدولة ، ووصل الصراع بين القوى السياسية الى التصفيات الجسدية . المشاعر الوطنية خرجت من الشباك ، بعد ان دخل الصراع على السلطة من الباب ، العقول الحزبية استنفرت كل طاقاتها وجهودها التنظيرية فاستعانت بقوى خارجية لدعم رغبتها في السيطرة على السلطة ، صانع القرار صاحب الرتبة العسكرية ، في كل الاتجاهات يميل ، اقوال الزعيم يكررها الإعلام الرسمي ، وحين تمر سيارة تحمل تابوتا ، يعلق بعض من يشاهدها "روح الف رحمة على روحك خلصت من اقوال الزعيم" . بعد مرور خمس سنوات على 14 تموز دخلت البلاد في فصل مأساوي بتنفيذ انقلاب عسكري ، فكان نتيجة طبيعية للصراع السياسي ، وتجاهل اقامة نظام ديمقراطي يضمن التداول السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع .
زمن العهد المباد لم يكن ورديا ، ولكنه طبقا لباحثين كان بداية مشروع تأسيس دولة مدنية ، بتضافر جهود الاحزاب الوطنية المؤمنة بالديمقراطية ، علما ان الارضية الشعبية كانت متوفرة لاجراء تغييرات لتعزيز النظام الديمقراطي وتحرير ثروات البلد من السيطرة الاجنبية ، لكن الاطراف السياسية الفاعلة في الساحة وقتذاك ، فضلت تكرار التجربة المصرية في بغداد لكن بطريقة "كص راس واكطع خبر" واستمر العمل بهذه القاعدة ، ففقد العراقيون حتى قبر عبد الكريم قاسم.
قبر الزعيم
[post-views]
نشر في: 12 يوليو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
خليلو...
كثيرون منا يتحدثون عن تاريخنا المعاصر وسلبيات الموقف من وقائعهاودورنا فيها في الوقت الذي لايمكننا انكار اننا ساهمنا فيها كسلوك ايجابي من بعضنا وسلبي من بعضنا الآخر وفي هذا المسار تدبج مقالات تنتقد كل ما حصل بعدنصف قرن من الزمان ناسين ان الحقائق عندما يج