قبل ان يضطر العراقيون لخوض حروب اقليمية وداخلية ، كانوا ينتظرون حلول مناسبات الاعياد لعل حكومتهم الرحومة او المرحومة ، تمنحهم مكرمات سخية بصرف نصف الراتب للموظفين والمتقاعدين . قبل انتقال السلطة الى الثوار العسكر كان اصحاب القرار يصدرون عفوا عن المساجين المحكومين بتهم مختلفة ، هذه المكرمة تترك اثرا طيبا في نفوس ذوي المشمولين بالعفو ، اما السجناء السياسيون ففي كل الازمنة كانوا يشكلون مصدر قلق للسلطة ، فيظلون في السجون ، حتى ظهور مذنب هالي .
منح مكرمات العيد الى ابناء الشعب الصامد المكافح المناضل صاحب اول حضارة عرفها التاريخ ، وغيرها من الملخيات ، يرتبط بارتفاع اسعار النفط بالاسواق العالمية ، مثل هذه الظروف مرت على العراق ، لكن الحكومات المرحومة لم تفكر بمنح العيدية ، خشية حصول تضخم واضطراب في قانون العرض والطلب ، فضلا عن امكانية بروز عقبات تعرقل تنفيذ الخطة الخمسية .
منذ تشكيل الدولة العراقية مطلع عشرينات القرن الماضي ، لم تستطع الحكومات المتعاقبة تنفيذ الجزء الاكبر من الخطط الخمسية ، فضاعت العيدية ، ومشاريع التنمية الاقتصادية استمرت بالتراجع وبنجاح ساحق ، لتتحول موارد الدولة بعد الغزو الاميركي للعراق الى جيوب اهل "الحل " والربط بالدوشيش على طاولة محاصصة العملية السياسية ، ثم تنتهي اللعبة بتوزيع "بقصم السيد" بين المشاركين على وفق الاستحقاق الانتخابي مع مراعاة الغاء العمل بنظام "يشتغل ابو كلاش وياكل ابو جراوية" .
فقرة منح المكرمات في الاعياد والمناسبات الوطنية والدينية والقومية لم ترد ضمن بنود وثيقة الاصلاح السياسي ، في ضوء ذلك اصبح من الصعب الاستجابة للمطالب الشعبية للحصول على المكرمة ، لأن الاطراف الموقعة على الوثيقة ، تمتلك نظرة بعيدة تهدف الى تحقيق المكاسب المستقبلية قبل الآنية ، من خلال تقاسم الهيئات المستقلة باعتماد التوازن في توزيع المناصب والمواقع بين المكونات العراقية ، للحفاظ على استقرار المثلث الشيعي الكردي السنّي.
الحكومة الحالية تواجه مشكلة مالية ، عرقلت تنفيذ المشاريع الستراتيجية في مقدمتها انشاء محطات كهرباء جديدة ، العمليات العسكرية تتطلب المزيد من الاموال ، برامج ايواء النازحين تنتظر مكرمة الدول المانحة بمنح منظمات دولية الاموال اللازمة لشراء مواد غذائية وطبية
ثم تسلم الى اكثر من ثلاثة ملايين نازح ، من دون ان تمر على الحكومة العراقية ، لان المجتمع الدولي ، اطلع على تقارير وبيانات وضعت العراق في المرتبة الاولى في قائمة الدول الاكثر فسادا في العالم .
وثيقة الاصلاح السياسي ، تضمنت بندا ينص على مكافحة الفساد المالي الاداري وملاحقة المسؤولين المتورطين بسرقة المال العام ،اغلبهم غادر العراق راكبا الجمل بما حمل ، ومنهم مازال يتصدر المشهد السياسي ، يقيم الموائد الرمضانية ويقدم في صباح العيد بقصم السيد عيدية لقواعده الشعبية تعبيرا عن شكره على منحه ثقتها بوصفه رمزا تاريخيا ينافس حمورابي في تشريع القوانين ، من اموال هذا النموذج وغيره يمكن منح النازحين علبة زنود الست في عيدهم "المبارك" بالمخيمات .