TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > توقيع: 2010 كتاب الأمل في كتاب اليأس

توقيع: 2010 كتاب الأمل في كتاب اليأس

نشر في: 2 يناير, 2010: 10:47 م

وارد بدر السالم(1)يتفاءل الكثيرون مع بداية كل عام جديد؛ وهذا منطقٌ انساني يشي أن الحياة الماضية في عامها الماضي كانت تفتقد الى السعادة الى حد من الحدود؛ بينما يتشاءم آخرون عندما تسقط ورقة خريف جديدة من أعمارهم لتبدأ أخرى في الإنبات والنمو على ايقاعات غامضة كما يرون.
وبين الاثنين ثمة سعادات ملغاة وآمال محبطة وتطلعات مشروعة لما هو امضى في الحياة وأكثر بهجة وقدرة على الإحتواءات الإنسانية. وللعراقيين فصول كثيرة وكبيرة في الأماني والأمنيات والتطلعات مع مطلع كل عام جديد، فالبشرية في حياتها المضطردة لا تملك الا التفاؤل والنزوع الى الأمل والركض حتى وراء السراب؛ كإنما الحياة بتعقيداتها المتتالية ظلت تفتقد الى السلام كلما تقدمت خطوة الى الأمام.وهو ما يجعل الشعوب تبتكر أساطيرها ومعتقداتها وطقوسها، فتعقد عليها آمالها وسرابها القادم، قبل خسوف الشمس وبعد كسوف القمر، كي تنسى عاماً مضى وتتهيأ لعام أتى في اسطوانة الأمل التي لا تكف عن الغناء. ولا يختلف العراقيون عن غيرهم من شعوب الأرض في إدراك كتاب الأمل والسعي الى بلوغه، رغم مخاطر الوصول الى صفحاته!rn(2)الأمل مفتاح نفسي للشعوب المقهورة. أنه مرادف لليأس. كتابٌ مغلق على المجهول. ولو كانت الشعوب تدرك أسرار المجهول لأستغنت عن الأمل وكتابه المغلق ووطدت علاقتها بكل من يأتيها ببشرى الحياة الهادئة وسلامها المضمون. غير أن الحياة بمتناقضاتها المتقاطعة تظل تتقادم على هذا النحو، يفترعها متضادان هما الأمل واليأس، بكتابين أحدهما مغلق والآخر مفتوح الى صفحته الأخيرة، وما بينهما يتصادم الإنسان في مصيره ويتفادى أحدهما بالطرق كلها وبما أوتي من حكمة  وصبر وحيلة؛ لكنه يرنو الى الكتاب الآخر، متفاعلاً، يطارد الحياة بدأب وقوة؛ فصار كل عام جديد نوعاً من الإنفتاح النفسي الذي تقترحه البشرية، بإغلاق كتاب اليأس وانتظار أن ينفتح كتاب الأمل على نحوٍ تأمل الشعوب فيه أن تتحول من كتاب الى كتاب، في محاولة التوازن أمام كوارث محتملة في شتى مناحي الحياة وروافدها في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة وكل ما هو قابل أن يفتح صفحة جديدة من كتاب الأمل المنتظَر.rn(3)العراقيون الذين استوطنوا كتاب اليأس منذ عقود طويلة لم يبرحوا ينتظرون كتاب الأمل، كلما جاء عام جديد، وربما هي ليست مصادفة أن ينكسف القمر قبل ساعات من بدء العام 2010 لينطوي العام الماضي بهذا الكسوف الجزئي الذي مر بسماء العراق؛ ولما كانت للناس هواجسها من هذه الظواهر الطبيعية؛ فقد انفتح الأمر على كتابَي الحياة في اليأس والأمل، لكن يبقى المتفائلون أكثر فاعلية في استقبال العام الجديد، بوصف الأمل كتاباً قائماً يستجلي من الحياة كينونته وأسراره؛ لأنه واحد من أسرار الحياة الغامضة والطويلة، وهو الذي يشد المرء الى أعوامه مهما طالت وامتدت بين السنوات والعقود، وهو الذي يجعل من الشعوب ماضية في تعاشقها مع الحياة وإن أدارت ظهرها اليهم؛ فالقدر هو ما يكتب المصائر، لكن المصائر تقررها الشعوب في غالب الأوقات مهما اشتبكت الظروف وتشابكت. والعراقيون الذين ابتلاهم القدر بكتاب اليأس قادرون على أن يفتحوا كتاب الأمل رغم أنف القدر، لاسيما اذا كان القدر شاخصاً ومشخصاً، يعرفهم ويعرفونه، وهذه سنة ليست كمثل السنوات التي مضت كما نعتقد..نتمناها عصية عليهم. كما نتمناها سنة عراقية بامتياز؛ أمناً وسلاماً وبرداً وانفراجاً وبهجةً وحباً وفرحاً وكتاباً جديداً يكتب العراقيون فصوله بطريقة عراقية لا شائبة فيها..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram