اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلمة السر في اتفاق فيينا

كلمة السر في اتفاق فيينا

نشر في: 14 يوليو, 2015: 09:01 م

إذاً، فلقد تحققت المعجزة لمن كان يرى أن التوصّل الى اتفاق بين إيران ومجموعة "خمسة زائداً واحد" بشأن البرنامج النووي الإيراني يحتاج الى معجزة، وقد أصبح حقيقة واقعة ما كان يراه آخرون من المستحيلات.
الاتفاق الذي عُقد في العاصمة النمساوية، فيينا، أمس يُثبت من جديد أنه لا وجود لمشكلة لا يُمكن حلّها ولا كينونة لمعضلة لا مخرج لها، مثلما يثبت فكرة أخرى هي أنه ما من صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، فالشيطان الأكبر، الولايات المتحدة بالنسبة لإيران، لم يعد شيطاناً بدليل الاتفاق معه أمس، و"الدولة المارقة"، إيران بالنسبة للولايات المتحدة وحليفاتها الغربيات، لم تعد مارقة بدليل الاتفاق نفسه، ومشكلة عمرها أكثر من عشر سنوات (تحديد ومراقبة البرنامج النووي الايراني) حُلّت أمس ومعها أوجد مخرج لمعضلة أقدم وأعقد هي معضلة العلاقات بين "الشيطان الأكبر" وإحدى"الدول المارقة".
احتاج الأمر الى نحو ست سنوات من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة في أكثر من مدينة ودولة.. كانت مفاوضات شاقة للغاية، شهدت الكثير من موجات المدّ والجزر والشدّ والجذب، والعديد من العقبات والعراقيل وخيبات الأمل، بيد أن الاتفاق حصل في نهاية المطاف، وهو اتفاق امتدحه الطرفان أمس، في فيينا وفي واشنطن وطهران في الوقت نفسه، بكلمات مفعمة بمشاعر الرضا والفخر، كما لو أن كلاً منهما قد حصل على كل ما كان يريد ويطلب، وهو ليس كذلك بالطبع، فالشروط والمطالب التي طرحها كل طرف منذ البداية كانت تشير الى وجود هوّة واسعة وعميقة بين موقفي الطرفين، وهذا ما جعل البعض يعتقد بان التوصل الى اتفاق هو أمر مستحيل أو يحتاج الى اجتراح معجزة.
تكمن كلمة السر في التوصل الى هذا الاتفاق، وأي اتفاق بين طرفين مختلفين خصوصاً، في الإرادة الطيبة من الجانبين، فلو أن أحد الطرفين لم يتحلّ بهذه الارادة ولم يجلس إلى طاولة المفاوضات برفقتها لغدا الاتفاق مستحيلاً.
هذا درس آخر لكل الذين لديهم مشاكل ويواجهون معضلات مع أطراف داخلية أو خارجية، فلا مشكلة من دون حل ولا عداوة أبدية. إيران تخرج رابحة بهذا الاتفاق، فالعقوبات الدولية القاسية المفروضة عليها منذ زمن ستُرفع تدريجياً، وهذا أمر مهم لبلد عانى كثيراً من القيود المشدّدة على صادراته النفطية وعلى وارداته من سلع ومعدات تمسّ حاجته اليها... والولايات المتحدة هي الأخرى تخرج رابحة بهذا الاتفاق، فلم تعد شيطاناً أكبر وستفتح لها طهران أبوابها التي تكمن خلفها مصالح مهمة... والعالم كله يخرج رابحاً بهذا الاتفاق، فنزع فتيل أي أزمة يُحقق مصلحة للعالم المتطلع إلى السلم والأمن والتنمية والتعاون بين الدول والشعوب.. ومنطقتنا ستخرج رابحة بهذا الاتفاق لأنه يُنهي بؤرة توتر على حدود الجميع كانت قابلة في كل لحظة للانفجار ما يزيد حرائقها الكثيرة اشتعالاً. كما من المفترض أن يدفع هذا الاتفاق بالقوى المختصمة في المنطقة إلى الاعتبار بما حدث أمس في فيينا فيتغلّب لديها منطق الحوار وتتحلى بالإرادة الطيبة اللازمة للتوصل الى حلول سلمية لمشاكلها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عدنان فارس

    المشكلات التي ليس لها حل هي مشكلات مفتعلة... مشكلات العراق الجديد، وما أكثرها حين نعدّها، ليس ولا لأي واحدة منها حل لأنها ببساطة مشكلات مُفتعلة... في العراق الجديد لاينبغي البحث عن حل المشكلة بذاتها بقدر ماينبغي الأمر حل الجماعات والتيارات المُتنفذة

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram