نهايتان تعيستان رسمتا خريطة العيد في مدينة البصرة، ونهايات تعيسات كثيرة رسمت خريطته في بغداد وديالى ومدن عراقية أخرى. فقد قتل منتظر الحلفي، الشاب الذي تظاهر مع من تظاهر مطالبا بحصته من الكهرباء وبلغ الماء المالح أعالي شط العرب مرتفعا بملوحته حدَّ أن الحنفيات صارت تسقط على الأرض، هالكة مفتتة وقد خشي على الاطفال الرضع من العمى والماشية والاسماك من النفوق والفسائل وشتلات الفاكهة من الموت.
قد لا يعني موت متظاهر في البصرة مسألة مهمة عند أحد من اعضاء حكومتنا في بغداد والبصرة، فلا يغرنكم حضور هذا وذهاب ذاك. فالصور التلفزيونية صارت لعبة بيد الكثيرين منهم. لذا القضية أبعد من ذلك بكثير. ولأن موت الإنسان في العراق من الوضاعة والدونية فقد جرى الحديث عن ديّة الخمسين مليون دينار، التي ستدفعها الحكومة المحلية لأهل منتظر- هناك حديث برفض أسرته المبلغ- وهكذا ببساطة متناهية نجد استهجانا بكل ما يحدث وإصرارا على استمرارية التمسك بالسلطة حتى وإن كانت على حساب حياة العراقيين جميعاً
في متابعة بسيطة لمجمل ما ينشر على صفحات الفيس بوك مثلاً نجد أن التعليقات على صور زيارات المسؤولين لجبهة القتال مع داعش تأتي ساخرة مستهزئة دائماً، وسوى قادة ومقاتلي الحشد الشعبي الفعليين لم يسلم أحد منهم من التهكم والسخرية، ولمتابع مثلنا لشأن التظاهرات المدنية في جنوب وشمال البصرة والخاصة بموضوع الكهرباء وجدنا أن أكثر من 90% من التعليقات لم تكن لصالح محافظ البصرة أو للمسؤولين في بغداد، إنما كانت سخرية احيانا وكثيرا ما جاءت على شكل شتائم –مع الاسف- ومن وجهة نظرنا فأعمال ومواقف كهذه تضعف أداء المسؤول من جهة وتعمق الهوة بين المواطن والمسؤول من جهة أخرى وهي بالتالي تؤسس لزعزعة وانهيار المؤسسة السياسية القائمة بالأساس على متوالية المسؤول- المواطن.
وفي ارتفاع الماء المالح (السنوي) في شط العرب ودخوله البيوت من أضيق حنفياتها، لم نستغرب السخرية التي رافقت تصريحات رئيس المجلس وأحد الأعضاء التي تقول بقرب وضع حد للأزمة هذه، إذ أن الحكومة المحلية ودوائر الري والزراعة كلها لم تتفق، حتى اللحظة هذه على شكل من أشكال الحلول. هل سيقام السد الغاطس على شط العرب وفي أي نقطة منه، ام ستحفر قناة تأتي بالماء من دجلة باتجاه المدينة، ام هنالك فرصة لنصب محطات تحلية عملاقة تصفي ماء شط العرب؟ أيّاً كانت درجة ملوحته. وقد باءت كل المحاولات والمؤتمرات والندوات بالفشل منذ العام 2007 حيث صعد اول لسان ملحي في الشط.
إذا كانت الحكومة غير قادرة على تأمين الماء الصالح للشرب والغسل والاستحمام والزراعة لمواطنيها وهي غير قادرة على تأمين الكهرباء لهم بعد مضي اثنتي عشرة سنة وقد انفقت على ذلك أكثر من 150 مليار دولار. وإذا كانت الحكومة برواتب كبار موظفيها الأسطورية لم توفر الأمن و السكن والمجاري والتعليم والصحة والغذاء وفرص العمل ولم تستطع القضاء على الفساد ومحاربة الطائفية وعودة ملايين المهجرين الى ديارهم بعد أكثر من عقد من التغيير . ترى بأي الاسباب نتعلل لديمومتها؟ نحن نتحدث عن انفراط العقد المبرم بينها وبين ناخبها بشكل نهائي، واليوم قادم لا محال.
وانفرط العقد بين الحكومة وناخبها
[post-views]
نشر في: 21 يوليو, 2015: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
محمد سعيد العضب
ان كان جميع ما رويته اخي الكاتب من حقائق صحيحه والتي شملت كافه مناحي الحياة في عراقنا البائس, فلابد الاستنتاج ,ان رعيل هرم الحكم بكامله من اعلاه الي اسفله في العراق يجب ان يحجر عليه طبيا , وان يصار الي مطالبه منظمات الامم المتحده وخصوصا منظمه ال