اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > اللقاء الأول بين عبد الكريم قاسم والجواهري

اللقاء الأول بين عبد الكريم قاسم والجواهري

نشر في: 3 يناير, 2010: 03:02 م

عقيل الناصري رُفِعَ عبد الكريم قاسم في 12/4/1947 إلى رتبة مقدم ركن، ونقل إلى لواء المشاة التاسع. وفي هذه السنة يسافر إلى خارج العراق أول مرة، وكانت واجهته لندن. كانت السفرة لأجل التطبيب الناجم عن عمله, وكذلك قيل معالجة الشق في شفته العليا، الذي ورثه منذ الصغر, وهذا ما أشار إليه بعض مُدرسيه.
يمكث قاسم في لندن ويستغل الفرص الزمنية المتاحة له من أجل الاطلاع ودراسة التطور الاقتصادي الذي شهدته بريطانيا وديناميكيته، ومستويات المعيشة ونموها مقارنةً بواقع العراق. ويركز الانتباه على كيفية حل مشكلة السكن. لأن هذه المشكلة كانت ولا تزال واحدة من المشاكل الاجتماعية/ الصحية المستعصية في أغلب بلدان عالم الأطراف ومنها العراق، لأن الأسر الفقيرة والفئات الوسطى المتوسطة وما دونها كانت تعاني عمق هذه الأزمة منذ ذلك الوقت. وهو بالذات عاش هذه الظروف وتحسس معاناتها على نطاقه الذاتي والاجتماعي.من هذا المنطلق نستطيع أن نفهم مبررات توجهه إلى التركيز على هذه الناحية بعد الثورة، كمحاولة لاجتثاث الصرائف وأكواخ الطين التي كانت بمثابة أحزمة بؤس تطوق المدن الكبرى. لذا لم تخل مدينة عراقية في فترة حكمه من مشروع سكني حكومي، أو على الأقل توزيع الأراضي السكنية على الجمعيات التعاونية للموظفين وأصحاب الدخول المحدودة من كسبة وحرفيين, للعمال ومراتب القوات المسلحة، بل حتى ضباطهم. " كان قاسم مصراً ومصمماً على أنه سيوفر السكن لكل عراقي، لا يملك السكن خلال فترة قصيرة، وإن كل التشريعات التي تعرقل تنفيذ خطته هذه ستلغى وستبدل بغيرها[1] " كما يعترف بذلك حتى مناهضوه. و" اصبح هذا الفقير المعدم ذو الثياب المهلهلة حاكماً مطلقاً، ليزحف زحف الذين كفروا على الأكواخ والصرائف وعلى كل ما فيها من تعساء وليحيلها شققاً وعمارات وبيوتا ترى أول مرة النور والكهرباء والحدائق والشوارع، منتقماً من فقره وماضيه، ثائراً على مرارة واقع البؤساء[2] " . لقد حفزت هذه الزيارة ذهن قاسم وروحه المتمردة على التفكير بضرورة الإسراع لتهيئة الظروف الذاتية لحركة الضباط الأحرار لأجل إنجاز التغيير الكبير المرتقب عندما يحين ظرفه الموضوعي، بغية التماثل النسبي مع الأبعاد الحضارية التي تنعم بها أوربا.ويتعرف قاسم أثناء الزيارة عن قرب بالجواهري الكبير، الذي كان أحد أعضاء وفد نظمته السفارة البريطانية في بغداد لمجموعة من الصحفيين العراقيين لزيارة لندن والاطلاع على معالمها وتعمير، ما خربته الحرب العالمية الثانية بفترة زمنية قصيرة.[3] مَثَلَ هذا اللقاء بين الجواهري وقاسم بداية العلاقة المتميزة والقلقة بينهما.وبصفاء لغته واعتزازه الكبير بذاته المتمردة يصف الجواهري هذا اللقاء بالقول:" في الملحقية العسكرية بلندن… كانت بعثة عسكرية خاصة تضم ملحقين وموفدين من ضباط يتسابقون عليَّ ويجرني الواحد بعد الأخر من أرادني ؟ وكان بينهم ضابط شاب، كان من دونهم، أشد إلحاحاً علي بأخذ حصة أكبر، أو الحصة الكبرى من الجلسات واللقاءات، من جملة ذلك أن اصطحبني إلى بيته وهو شقة متواضعة بملحقيتها. هذه " الدويرة" شهدت ثلاث لقطات، تصح أن تكون على بساطتها ذات كلمة ومغزى، لما سيكون لهذا الرجل من دورٍ خطير في تاريخ العراق… لم يكن هذا الرجل سوى عبد الكريم قاسم [4] ". اصطحب الزعيم قاسم، الجواهري إلى مختلف مناطق لندن ليطلعه على معالمها، بعدما نفر من البرنامج الموضوع لهم ومن صحبة بعض الصحفيين الذين كانوا معه ضمن الوفد. كما كان قاسم بمثابة مترجم له عند مراجعة الأطباء وزيارة المعالم الثقافية. كان قاسم معجباً أيما إعجاب بالجواهري الكبير، في كثير من مواقفه السياسية المناهضة لسياسة نخبة الحكم وارتباطها ببريطانيا وفي دفاعه عن الفقراء والمحرومين، وفي قصائده الشعرية موضوعةً وهدفاً، المتميزة بالصورة الجمالية وصفاء اللغةً، وسلمها الموسيقي المنفرد في انسيابيته. في ذات الفترة يسافر الوصي عبد الإله إلى لندن, حيث كان يقضي أجازته فيها, " وقد أرسل في طلب الجواهري, وتحادث معه طويلا حول ترشيحه إلى الانتخابات النيابية, وطلب إليه تمديد اقامته في لندن ليعود معه في وقت واحد إلى بغداد. لكن الجواهري اعتذر له بعدم امكانية بقائه لمدة أطول في لندن [5], وكان متضايقاً من اقامته فيها.... خرج الجواهري من اجتماعه بعبد الإله متوجها إلى الموعد مع صاحبه (الضابط برتبة رائد), حيث حجز له موعدا مع طبيب الاسنان وفي الطريق تحدث إليه عن الانتخابات النيابية المزورة, وخلو مجلس النواب من أصوات وطنية محترمة, لكن الضابط أنتقل بالحديث , إلى حفلة المساء الماضي وأبدى دهشته وارتياح الجواهري. وأخذ يترجم له الخبر المنشور تحت الصورة في الجريدة وخبر رويتر قائلا ببراءة أن الشعراء مسموح لهم كل شيء, وهم يشكون من عدم وجود الحرية. أما نحن العسكريين, فلا نتمتع بأية حرية ولا نشكو من انعدامها [6] ".بعد ذلك, كان قاسم " يتابع مواقفي الوطنية والاجتماعية، وبخاصةً الشعرية منها. وكنت الوحيد الذي يناديني بـ " الأستاذ " أمام اتباعه وغيرهم وفي أكثر من موقف… ". كما كان قاسم منذ بدء علاقته " صادقاً مع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram