عراق 2015 يبدو مغرما بالصور، ومهتما بتزويق الاحداث هربا من الواقع الذي يقول ان الحكومات المتعاقبة منذ 2005 وحتى 2015 صرفت ما يقارب 30 مليار دولار على الكهرباء ، والنتيجة أن معظم العراقيين يسخرون حين يسمعون أن هذا العام سيكون الأخير في سلسلة معاناتهم مع الكهرباء .
لقد وعد ساستنا ومسؤولونا العراقيين، ببلاد تنجز كرامات إن لم تكن معجزات، إنجازا بعد إنجاز، وكرامة بعد كرامة.. انظروا إلى صورة وزير الخارجية وهو يجلس وخلفه مئات المجلدات يحلل التاريخ بطريقة "صورية" فيقول: "ان كورياالجنوبية واليابان حتى الآن تنوآن مما جرّته الحروب والأمر نفسه في ألمانيا، فيما العراق تجاوز المحنة أليس هذا إنجازاً رائعاً يفخر به العالم كله"
أتردد كثيرا عندما اعيد في صيغة التكرار الممل، أن الزعيم الصيني دينغ هسياو بينغ طلب المساعدة من جزيرة صغيرة اسمها "سنغافورة"؟! وحين بحث عن سر تطورها السريع اكتشف ان وصفتها السحرية تتلخص في العمل اولا وثانيا وعاشرا، لامجال للناس لتصبح اوتمسي على صورة "الزعيم" واعتذر لانني صدعت رؤوسكم بمذكرات الراحل لي كوان والذي نجده يكتب: "قد واجهتنا صعاب هائلة ولم تكن لدينا فرصة مرجحة للبقاء، فسنغافورة لم تكن دولة طبيعية ولكنها من صنع الانسان وقد ورثنا مجتمعا منقسم الولاءات، كل فئة ترفع صور زعمائها في الساحات، وقد زاد من شجني ان البعض لايريد ان يعترف اننا مجتمع واحد، كان ذلك امرا مزعجا، فطلبت في اول اجتماع لمجلس الوزراء ان نصدر قرارا بان لامكان لصورة اي سياسي، سوى صورة سنغافورة تعيد بناء نفسها"
اعود الى تجارب الامم وانا اقرأ خبرا نشر مؤخرا أن مكتب وزير الاعمار والاسكان اصدر امرا واجب التنفيذ يتم بموجبه تعليق صورة الوزير على معظم مشاريع الوزارة، واتذكر انني منذ ايام شاهدت صورة الوزير على بناية يتم اعمارها في احد شوارع بغداد وقال لي صديق ان هناك اكثر من صورة موزعة بين الرصافة والكرخ جميعها تبشرنا بان هذا العام هو العام الابرز بالاستثمار والبناء والتنمية ، وخير دليل هو صور للسيد الوزير بالحجم الكبير .
وبصرف النظر عن احقية كل مسؤول ان يعلق صورته في اي مكان يريد، فإن ما يدعو للأسى أن يصبح معيار نمو العراق وازدهاره متوقف على صورة وزير او نائب تذكرنا ان صاحبها يعمل ليل نهار بدليل ان الخدمات ازكمت انوف الناس، والتنمية حولتنا الى بلاد تقترض من موريتانيا.. ومسؤولونا يروجون لصور عبثية عن المفاوض العراقي الذي ارغم اوباما على ان يتعلم على ايدينا أصول الحكم وفنون الإدارة .
صورة.. صورة.. صورة
[post-views]
نشر في: 22 يوليو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
بغداد
اقسم بالله العظيم انتم يا كتاب صحيفة المدى الذين تمتلكون القدرة والقابلية الفكرية واللغوية في قلب الطاولة والاوضاع الراهنة البائسة على رؤوس مافيات ولصوص نوري هالكي بابا وزبانيته المعتوهين المقبورون في مزرعة الخنازير في المنطقة الخضراء ان اردتم ؟!! اسمحوا
ابو اثير
لم يبتلي شعب من شعوب العالم مثلما أبتلى الشعب العراقي المسكين بهذا الكم من الصور التي تراها معلقة ومركونة ومشيدة في كل شارع وساحة ومدخل ومخرج حي أو محلة أو دربونة أو زقاق أو واجهة وزارة أو مؤسسة حكومية أو دائرة أو حتى المساجد والحسينيات ... والظاهرة الت