TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > مهندس اذاعة قصر الزهور يروي شهادته

مهندس اذاعة قصر الزهور يروي شهادته

نشر في: 3 يناير, 2010: 03:17 م

هذه رواية جديدة عن حياة الملك غازي ومقتله، السيد اسماعيل حسن مهندس اذاعة قصر الزهور التي انشأها الملك غازي في قصره ليذيع منها تعليقاته ضد الانكليز كان من اقرب الناس الى الملك وهو بهذه الصفة يمكن ان يكون خير شاهد يروي تلك الاحداث المثيرة التي مرت بالعراق في الثلاثينيات.
اسماعيل حسن الذي توفي في الثمانينيات يروي جانبا من علاقته بالملك غازي في حوار اجراه معه الصحفي الراحل رشيد الرماحي اذا اردت ان انصف هذا الشاب الذي القيت عليه مسؤولية العرش واحكامه فلا بد من الاعتراف بأنه كان يعيش عيشة انفرادية اشبه ما تكون بالعزلة لان احكام العرش تقيده ان يبقى بين جدران قصر الزهور الأربعة ولما كان شابا في العشرينيات من عمره فان نفسه كانت تتوق للترويح والانشراح ولم يجد لذلك سبيلا الا في رحاب القصر.كان يقف شيطان يتلقى اوامره اما من السفارة البريطانية اومن نوري السعيد وهو المدعو (علي الحاج) وقد اكتشفت ذلك بنفسي. ففي ليلة من الليالي وفي الساعة العاشرة مساء بينما كان الملك غازي يجلس الى منضدته الخاصة في قصر الحارثية امام اجهزة الارسال للاذاعة تغلب عليه التعب الى درجة انه حمل الى القصر وهو بلا وعي هذه الحادثة جلبت انتباهي فلا بد ان يكون هناك امر خفي وقد اخذت منذ ذلك الحين اراقب الساقي حتى "كبسته" ذات امسية عندما كان يهيئ كأسا للملك غازي واخرى لي.وقد ظهر ان الساقي (علي الحاج) يضع للملك خمسة اضعاف كمية الويسكي المطلوبة في كأسه وغرضه من وراء ذلك ان يسكره باسرع ما يمكن لان بقاءه في الاذاعة وتتبعه للاخبار والاحداث كانت توحي له ان يطلب مني ان اكتب له فورا تعليقا على كل ما كان يقلقه وهكذا نشات فكرة سقايته كثيرا من الخمرة حتى يفقد السيطرة على اعصابه فينام.الانكليز منعوني وقد انذرت (علي الحاج) بالكف عن هذا العمل المشين وقلت له انه اذا عاود خيانة واجباته ابلغت الملك بذلك كان الملك يأتي الى الحارثية بعد تناول الغذاء للقيلولة واحيانا يذهب الى حقول الحارثية لاصطياد الارانب ثم يعود الى الاذاعة ولا يفارقها الا بعد الساعةالحادية عشرة ليلا فاين هذه الحياة من تصورات وتخيلات البيب الخاص الذي لصق به الاكاذيب دون خجل او توبيخ الضمير.كانت اذاعة قصر الزهور شوكة في عيون الانكليز او خنجرا في خاصرتهم اقضت عليهم ليلهم وسرقت منهم هدوءهم ورزانتهم اذ كانوا كثيرا ما يشكون كتابات الاذاعة وتعليقها الى نوري السعيد وهو بد وره يصدر اوامره الى مدير البريد والبرق العام انذاك احمد زكي الخياط وهو بدوره يصدر الاوامر لي ولما عيل صبرهم من بلوغ مأربهم باسكات صوت اذاعة قصر الزهور اتجه حقدهم عليّ انا فامرني احمد زكي الخياط بالامتناع عن الذهاب الى قصر الزهور والاكتفاء بمسؤوليتي كمراقب فني للاسلكي الميناء الجوي واذاعة بغداد لان وجودي هناك يعكر صفو العلاقات مع الحكومة البريطانية.اجبته انني لا استطيع عصيان اوامر الملك والذي اراه ان تطلبوا انتم من الملك تسريحي او اعفائي من الذهاب الى القصر.فقال اننا لانستطيع مطالبة الملك غازي بذلك والافضل ان تقلل من ذهابك الى القصر تدريجيا.فوعدته بذلك مكرها. وقد لمس الملك غازي تغيبي عن الاذاعة تاركا ذلك الى رئيس العرفاء عبد الكريم الذي اعار الجيش خدماته الى القصر فاخذ الملك يبعث بسيارة من القصر الى داري وازاء ذلك لم يكن لي بد من خيار الا الطاعة.طلبت اعفائي..في شهر شباط 1939 ادركت ان السفارة البريطانية ونوري السعيد كانا منزعجين من وجودي في القصر وادركت النتائج السيئة اذا ما ارغم الملك على اعفائي من عملي في قصر الزهور فقررت ان اطلب منه بحضور (الشريف حسين) ان يعفيني من مسؤولية الاستمرار في ادارة الاذاعات الملكية وقلت له بالحرف الواحد:يا صاحب الجلالة انا موظف صغير في الدولة ووجودي في اذاعة القصر قد خلق لي مشاكل واعداء اخشى انتقامهم اذا ما استغنيتم عن خدماتي يوما ما لهذا ارجو من جلالتكم تسريحي باحسان.فالتفت الملك وقال للحاضرين- ان اسماعيل لا يغادر قصر الزهور قبل ان يغادره غازي.امام هذا الجواب الصريح ادركت عظيم تقديره لخدماتي فقررت الاستمرار في ادارة الاذاعات ومواصلة الاذاعة والتعليق وليأت القدر بما يشاء.الاذاعة العجيبةوالان لنتحدث عن اذاعة قصر الزهور.لقد نصبت اجهزة مرسلات اللاسلكي الاولى في قاعة السينما في قصر الزهور ليمارس الملك غازي اثناء فراغه هواية المراسلات اللاسلكية ولم يكن في الحسبان استعمالها كاذاعة وقد سجلت في جمعية هواة اللاسلكي باميركا كمحطة هواة تحت اسم Y5KG وهي ترمز باللغة الانكليزية الى العبارة التالية YOUNG IRAQ 5 KING GHAZI ومعناها (العراق الحديث رقم 5 الملك غازي)وكنا في البداية نذيع الموسيقى فقط على موجتين مخصصتين للهواة في عالم اللاسلكي وهما 21 مترا و 42 مترا وبعد فترة من الزمن طلب الملك ان نحولها الى اذاعة خاصة (سرية) واعطاها اسم (اذاعة قصر الزهور) فذاع صيتها وسمعت في (كافة) البلاد العربية وبعض الدول الاوروبية وبهذا اصبحت اول اذاعة في العالم كله تخرق الالتزام المقرر لها كاذاعة هواة لاسلكي وبدأت تحتذب المستمعين لها من الشعب العراقي لانها كانت اذاعة متحررة من قيود الرقابة الحكومية الموضوعة على اذاعة بغداد ولا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram