د. عصام الجنابي لندع التاريخ يقهقه – او يتقيأ الدم – وهو يكرر نفسه.. لاشك ان ثمة فارقا في التفاصيل ولكن الم يقل "ارنولد توينبي": "ان روح التاريخ هي التي تظل على قيد الحياة"؟نستعيد تلك الأحداث المثيرة التي حصلت وادت الى الانتفاض ضد القوات البريطانية التي حاولت ان تستغل ظروف الحرب العالمية الثانية لتبسط سيطرتها على العراق مع وجود وصي على العرش
الذي لم يتورع عن الاختباء بين رجلي الوزير المفوض الاميركي وزوجته حين هرب من القصر الى قاعدة الحبانية لتنقله طائرة بريطانية الى البصرة التي فوجئ بان حاميتها تقف بشراسة ضد الاحتلال.ولكن الم يفاجأ "رشيد عالي الكيلاني" بان القادة الذين اتفق معهم على الدفاع عن بغداد لاطول مدة ممكنة (قبل قرار الانتقال الى كركوك) استقلوا سياراتهم وفروا باتجاه الحدود مع ايران التي قبلتهم كلاجئين سياسيين بعدما جردتهم من اسلحتهم.كان الضغط البريطاني قد بلغ مداه في عام 1940 من اجل حماية العراق على الدخول في الحرب كظهير لـ "ونستون تشرشل" ومثلما ارغمت حكومة العميد "طه الهاشمي" على قطع العلاقات مع المانيا طلب منها ان تقطع علاقاتها مع ايطاليا وفي ضوء تطورات متلاحقة كانت خلالها الطبقة السياسية في البلاد قد انقسمت الى قسمين قسم مع الانجليز وقسم ضدهم اجتمع في 28 فبراير 1941 أي بعد تاليف تلك الحكومة باربعة اسابيع وفي دارة المفتي "امين الحسيني" في شارع الزهاوي المقابل للبلاط الملكي سبعة من كبار القادة اتخذوا لهم اسماء مستعارة: "مصطفى" (المفتي الحسيني) ، "عبد العزيز " (رشيد علي الكيلاني) "احمد" (ناجي شوكة) "رضوان" (صلاح الدين الصباغ) "فرهود" (يونس السبعاوي) "بجم" (فهمي سعيد) "فارس" (محمود سلمان) واقسموا على ان يفعلوا ما في وسعهم "لانقاذ البلاد العربية من براثن الاستعمار وتحقيق استقلالها".المجتمعون خرجوا بالاتفاق التالي:"لما كان الانجليز قد اقدموا بتشجيع اذنابهم على فرض مطالب مجحفة تتوخى زج العراق في الحرب العالمية الثانية وارغام باقي الاقطار العربية على السكوت وعدم المطالبة بحقوقها فان عزم "طه الهاشمي" على قطع العلاقات السياسية مع ايطاليا بصورة فجائية ودون استشارة المجلس النيابي او الجيش لن يرضى الانجليز ولن يقعدهم عن تحقيق غاياتهم كاملة فهؤلاء سيعملون على اقصاء قادة الجيش المخلصين ليسيطروا عليه ومن ثم ينقاد العراق لهم كما يشاؤون على ان قطع العلاقات مع ايطاليا يعتبر في حد ذاته خطوة كبيرة نحو ما يريده الانجليز من اخضاع العراق والازمة العربية ومن شق الجيش العراقي على نفسه والحط من قوة "طه الهاشمي" وسمعته ويصبح "طه" بعد قطع العلاقات امام امرين ان يرضخ للانكليز ويلبي مطالبهم كاملة او ان يرغمه الوصي (عبد الاله) على الاستقالة كما ارغم "الكيلاني" من قبل ولما كانت المسالمة من طبع "طه" عبث بحقوق الامة...".اعوان نوري السعيدوقرر المجتمعون اتخاذ التدابير التالية:1. المحافظة على الوضع الراهن والتمسك بالمعاهدة العراقية – الانكليزية – التي قررت ما لنا وما علينا.2. التوسل بجميع الحجج المقنعة لحمل "طه الهاشمي" على العدول عن رأيه والانتظار ثلاثة اشهر اخرى ينجلي بعدها الموقف العالمي وتبين الحالة الواقعية.3. اذا كان لا بد من قطع العلاقات السياسية مع ايطاليا والموافقة على مطالب الانجليز فورا فليوافق على ذلك مجلس نيابي حر يمثل رأي الامة الصحيح لا استنادا الى رغبة الوصي وقرار مجلس الوزراء فحسب.4. لما كانت الاكثرية في مجلس النواب الحالي لا تمثل الامة ولما كان اغلب اعضائه من المرتزقة الذين عينهم "نوري السعيد و"جميل المدفعي " و"علي جودت" تعيينا فمن الواجب حل المجلس وفسح المجال لانتخاب مجلس نيابي جديد يمثل الامة تمثيلا صادقا ثم تعرض عليه طلبات الانجليز.5. لما كان "نوري" و"جميل" و"جودت" هم دائما وابدا سبب الخلاف واراقة الدماء فمن الواجب تعيين "نوري" سفيرا في اميركا و"جميلا" في مصر و"جودت" في سفارة غيرها انقاذا للبلاد من عبثهم ابان الحرب المحاصرة وتحقيقا لسلامة الانتخابات النيابية. 6. لما كان الوصي غير مسؤول امام القانون مع ذلك يواصل القيام بنشاط مخالف للدستور وياتي بتصرفات ديكتاتورية على غرار تصرفاته التي اودت بوزارة "الكيلاني" ولما كانت التجربة قد اثبتت ضعف المجالس النيابية في العراق وعدم تمرسها في استعمال صلاحيتها في ايقاف الوصي او الجالس على العرش عند حده وفي كبح جماح ميوله الاستبدادية اوالشخصية فمن الواجب ان تدون في الدستور مادة تنص على طريقة معالجة هذا الامر والسلطة تكلف بتنفيذها.7. والتوسل بكل الوسائل لاستمالة هذا الوصي ليرضى على قادة الجيش.8. يكلف الهاشمي بالاستقالة اذا فشل في تحقيق ما ورد او امتنع عنه وذلك لسمعته واستباقا للاحداث الخطيرة التي ينتظر وقوعها بعد ان تمت التمهيدات اليها ويعول على اخلاق "طه الهاشمي&quo
ماذا حدث بالعراق في تلك الأيام من عام 1941؟
نشر في: 3 يناير, 2010: 03:21 م