أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها السكون، وغايتها بطالة العقول والنفوس قبل بطالة الأبدان .
في كل يوم تواجه بهذا السؤال الأزلي: لماذا تكتب عن فلان وتستثني"علان"، لماذا أنتم معشر الكتاب تناصبون النائبة" الشجاعة "العداء فيما تغضّون الطرف عن آخر" استولى حتى على مقاولات الأرصفة؟
اليوم سأترك الحديث عن "جهابذة السياسة" واذكركم ان يوم غد سيصادف ذكرى رحيل شاعر العراق الأكبر محمد مهدي الجواهري، الرمز الوطني الذي أرخ للبلاد وأحداثها فكان هو العراق لساناً ودماً وكياناً، صاحب يوم الشهيد وآمنت بالحسين وقلبي لكردستان، والذي ستمر ذكراه بصمت، مثلما مرت وقبل ايام ذكرى رحيل علي الوردي، وغائب طعمة فرمان والرصافي والزهاوي وسط صمت حكومي بامتياز. فكان التجاهل، ونكران الجميل والنسيان لأبرز بناة النهضة العراقية الحديثة، اللذين اتمنى عليهم ان لا يغضبوا او يحزنوا، لأننا اليوم نعيش عصر أمراء الطوائف والمحاصصة البغيضة والبحث عن الغنائم .
ايها الشاعر المكافح في سبيل عراق حر وديمقراطي، وايها المفكر الذي حذرتنا دوما من زمن السلاطين وطالبتنا بان نعيش زماننا ونخرج من كهف القرون الوسطى، ألم تكتب يوما بمنتهي الصراحة عن الذين يتمسحون بالدين من اجل الحصول على اكبر قدر من المنافع والمغانم : "يظن البعض انهم لو رأوا علياً بينهم اليوم لاجتمعوا إليه ونصروه ولما تفرقوا عنه، وهم في ذلك انما يخادعون انفسهم.. فلو ظهر اليوم بيننا رجل كعلي بن أبي طالب عادلا يساوي بين الناس فلا يداري اهل الجاه والنفوذ، ولا يغدق أموال الأمة على الأصحاب والأنصار ولا يُحابي ولا يُجامل لتفرقنا عنه كما تفرق اسلافنا ولأقمنا الدنيا عليه وأقعدناها.. واحسب ان اكثر الناس عداءً سيظهرون له من بين هؤلاء الذين يتبجحون اليوم بحبه والتغني بأمجاده".
دعاة الديمقراطية اليوم تناسوكم لانكم لا تنتمون الى حزب من احزاب هذا الزمان، يجبر مؤسسات الدولة على اقامة الاحتفالات والموائد.. ولستم من دعاة القبلية حتى تطالبوا بـ"ضرورة تشريع قانون المجلس الوطني للعشائر لتهذيب الأعراف الطارئة على المجتمع العراقي"، وإذا كانت بعض شعوب العالم تحتفل بمفكريها وأدبائها الكبار، فهذا لأنهم شعوب عاطفية اكثر من اللازم، ويملكون وقتاً فارغاً لا يعرفون ماذا يفعلون به، فلا تصدق ايها الشاعر الذي مات منفياً من اجل وطنه، ان هناك من يهتم بذكرى رحيلك، فالوطن اليوم مشغول بما هو اهم، فأنت لا تنتمي لدولة القانون ولا تربطك علاقة ود مع متحدون، وانت لم تكتب قصيدة مديح في نظرية الانبطاح.. انه زمن "الطرطرا"
أي طرطرا
[post-views]
نشر في: 24 يوليو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
latef Al-Mashadani
مقال يستحق الثناء والتقدير حبيب استاذ علي ماذا تتوقع من القوى الظلامية وهي تعمل ليلاً ونهاراً وبدون كلل لمسخ العقل الأنساني وتعميم الجهل بكل صوره فكيف بنا ان نتوقع منهم تخليد هؤلاء العضماء الذين هم شبح يحوم حولهم يرعبهم اي ذكر اسم لهم .... الرائع مظفر ا