الأسود في اجازة .. مشهد مثير للغرابة تعيشه كرتنا بُعيد كل إجراء مفاجئ لاتحاد الكرة بإقالة المدير الفني للمنتخب أو حل الملاك التدريبي بأكمله ليبقى اللاعبون في حالة من التيه والكسل بانتظار قرار جديد يعيدهم الى ساحة الاستعداد للاستحقاق الذي غالباً ما يكون متأخراً وغير مناسب مع أهمية الحدث المراد نجاحهم فيه ليواصلون رحلة التشريف صوب المونديال.
كيف يحصل ذلك ، وأين فطنة رجال الاتحاد أزاء تهيئة مقومات التحضير المتواصلة كما يفترض حال انتهاء دوري الكرة في 11 تموز الحالي، فإذا كانت رؤية اعضاء الاتحاد قد تبلورت بعدم بقاء المدير الفني أكرم سلمان وأُبلغ بذلك وقدم استقالته -تحت الضغط- وليس بقناعته، فلماذا تم إبعاد المدرب نزار اشرف عن عمله في وقت كنا ولم نزل نحتاج الى استمرار وجوده لاسيما أن تجربته مع المنتخب في احتواء الانتكاسة الخليجية في دورة الرياض 22 وتهيئة الاجواء النفسية الملائمة للخروج من شرنقة الاحباط كانت تجربة مثالية وغير مسبوقة في ظل وجود مدرب خلوق وكفء مثله الكابتن راضي شنيشل حيث عملا معاً في أفضل فترة قبل واثناء منافسات بطولة أمم آسيا في استراليا مع التشكيلة ذاتها ونالا رضا الاعلام والجمهور ولم تؤثر بعض الملاحظات الفنية على جمالية روح الفريق الواحد.
إن وصول المدرب البوسني جمال حاجي غداً الاثنين الى العاصمة بغداد يعني بداية مرحلة جديدة من العمل مع سابع مدرب اجنبي يخوض التحدي مع أسود الرافدين منذ عام 2003 حيث سبقه الألماني ستانج والبرازيلي فييرا والنرويجي أولسن والالماني سيدكا والبرازيلي زيكو والصربي بتروفيتش، ومن المؤمل ان يبحث الاتحاد منهاج عمله وما يمكن ان يقدمه في الايام المتبقية على انطلاق اول مباراة لمنتخبنا في التصفيات مع الصين تايبيه 3 ايلول المقبل فمن سيكون مساعده المحلي (وهو المدرب الأول في حسابات مصلحة البلد) يكون مسؤولاً عن أية معلومة أو مقترح أو معالجة في شؤون المنتخب حتى ينسجم حاجي مع ظروفنا ويتمكن من النجاح في صناعة توليفة قادرة على إيقاف تطلعات تايلاند المتصدر بـ 6 نقاط ، إذ أن الخسارة معه في الجولة الثانية ببانكوك يعني تهديداً حقيقياً باقصائنا من التصفيات خاصة إذا ما أكتفى (نمور آسيا) بخطف نقطة في جولة الإياب.
اسبقوا الاحداث وسارعوا لتهيئة المدرب نزار اشرف للعمل من أول وحدة تدريبية ودعم الملاك التدريبي بالاكاديمي د.كاظم الربيعي باعتباره متابعاً حريصاً لكل تفاصيل الدوري واعداد المنتخبات ولديه احصائيات دقيقة عن ابرز اللاعبين وامكانياتهم وفق تحليل علمي يتبنى فيه خصائص اللعب في المراكز المناسبة، فالظرف التي يعيشها المنتخب تتطلب اسعافه بمدربين وطنيين معروفين وليس تسمية مدربين شباب تنقصهم مؤهلات كثيرة لا يصلح المنتخب لاختبارهم فيها، بل الصحيح توجيههم للدخول في دورات خارجية تعود عليهم بالفائدة على مستوى الاندية والمنتخبات.
ولا يتوقف دعم المنتخب اليوم بتسمية المدربين الوطنيين المساعدين لحاجي ، بل حتى اختيار وجهة المعسكر التدريبي، فمن غير المعقول أن يتوجه الأسود الى العاصمة القطرية الدوحة للفترة من 5-15 آب المقبل بينما الاندية القطرية والمنتخب العنابي هربوا من العاصمة واختاروا أوروبا لاكمال جاهزيتهم للموسم الجديد والبطولات القارية، وشتان ما بين درجات الحرارة في الدوحة ونظيرتها اسطنبول مثلاً !! فما الغاية من إقامة المعسكر في قطر ولا توجد أية مباراة ودية هناك في حين أن اللقاء الاول سيكون امام الصين تايبيه في ملعب طهران المعروف عن اعتدال درجات الحرارة فيه ، وبالامكان نقل معسكرنا الى تركيا ضمن الفترة نفسها وملاقاة منتخبات واندية تتواجد هناك تحقق الفائدة المرجوة من التجريب.
وبعيداً عن المسائل الفنية ، قريباً من شجون الدعم المالي، استوقفني حديث المدير الفني السابق أكرم سلمان لاحدى القنوات الفضائية قبل يومين عندما أعرب عن خيبة أمله من تبرير رئيس اتحاد الكرة عبدالخالق مسعود بخصوص عدم امكانية إقامة معسكر في أربيل قائلاً له (ماعدنه فلوس، المنتخب يستمر يدرّب في بغداد وكل واحد يروح لأهله بعد التمرين والماعنده بيت نسكنه بفندق) !
ترى هل فعلاً اننا نعدّ الأسود لتصفيات كأس العالم أم أن الأمر لا يعدو أن يكون نكتة مبكية؟! هذا تبرير مرفوض ورئيس الاتحاد مطالب بالتحرك لتأمين مستحقات المنتخب طوال مدة التصفيات وعلى وزير الشباب والرياضة ان يبحث هذا الموضوع مع الحكومة بغية عدم وضع منتخبنا في مأزق مادي حرج يضطره للاستدانة من رجال الاعمال أو اللاعبين الميسورين بوجود مدرب اجنبي لديه رؤية جيدة عن واقع بلدنا وامكانات الدولة، فحلم كأس العالم لدى الآخرين يعني التضحية بالمال والجهد وليس الدوران في فلك الأمنيات!
