راجعتني سيدة عمرها 55 سنة، وكانت تشكو من غثيان شديد وتقيؤ واسهال حاد في احد الايام الآواخر من شهر رمضان. سبقتها اعراض عامة: النحول الشديد والاعياء والغثيان وعدم الشهية والدوخة واعتقد أن لديها اعراض انفلونزا في بداية الامر. وفي اليوم التالي، لم

 
راجعتني سيدة عمرها 55 سنة، وكانت تشكو من غثيان شديد وتقيؤ واسهال حاد في احد الايام الآواخر من شهر رمضان. سبقتها اعراض عامة: النحول الشديد والاعياء والغثيان وعدم الشهية والدوخة واعتقد أن لديها اعراض انفلونزا في بداية الامر. وفي اليوم التالي، لم تتناول فطورها الطبيعي واكتفت بشرب الشوربة وسوائل خفيفة وفواكه، وظلت تعاني من هذه الاعراض واضطرب نومها وتأخرت للنهوض لاعداد وجبة السحور كما هي عادتها. وفي السحور اجبرت نفسها على تناول ماتيسر من سحور علها تقلل من الغثيان وعدم الراحة في منطقة المعدة الذي تشعر به. وصلت صلاة الصبح سريعاً واضطجعت على السرير ولم تستطع النوم بعد السحور وظلت كأنها سمكة طُمعت زهراً تتلوى إلى أن تقيأت قيئاً غزيراً واعقبه اسهال حاد غزير ايضاً. وبعد ساعة اخرى عاودها القيء مرة اخرى وارتفعت درجة حرارتها لغاية 39.5 ْم واستمر الاسهال لاحقاً بأقل حدة . وحرمها الغثيان من تناول أي شيء وحتى السوائل والماء لا تستطيع شربه خوفاً من أن يعاودها التقيؤ. كانت حالتها شديدة اضطرتني أن اضع قنية (كانيولا) في احد اوردة الساعد الايسر واعطيتها مغذيات مستمرة شملت محلول رنكر لاكتيت والمحلول الملحي "نورمال سلاين" و "5% سكر بالماء "كلوكوز بالماء" وامبولين خافض حرارة "براسيتول" ومانع التقيؤ "مكلودين" بالمغذي. ونصحت ان تستحم عدة مرات لتخفيف الحمى. وبعد 6 ساعات لم تنخفض الحرارة واعطيتها مضاد حيوي بالعضلة غرام واحد سيفاترايكسون. وبعد 12 ساعة انخفضت درجة حرارتها إلى  38مْ وبدأت تتناول السوائل عن طريق الفم بصعوبة، وشعرت بتحسن حالتها واطمئننت عليها وارسلتها إلى بيتها. راجعتني مرة أخرى في اليوم التالي وقالت: دكتور قبل يوم من الاصابة كنت مدعوة مع ثلاثة اشخاص لافطار في احد المطاعم على بوفيه مفتوح في شارع الربيعي وكانت الوجبة متعدد الخيارات ولا بأس بها وبدت الاعراض الشديدة بعد 36 ساعة تقريباً. ولكن عانيت من الاعراض عامة ثم في صباح اليوم الثاني. وعانى احد الاشخاص الذين تناولوا الافطار معي من اسهال بسيط متكرر، هل تعتقد أن هذا تسمم غذائي؟   
هذا سؤال صعب الاجابة عليه؟
 لأن يجب على وزارة الصحة ان تؤلف فرق وبائية خافرة في كل محافظة، تستجيب لأي ابلاغ عن حالات التقيؤ أو الاسهال أو اية اعراض تصيب جماعة من الاشخاص في آنٍ واحد. ويذهب هذا الفريق إلى المطعم، ويجري التحري الوبائي لجميع العاملين. ويقابل بعض المرتادين للمطعم المصابين ويتحرى عن الانواع المشتركة التي تناولوها ويحلل نماذج من الخروج والدم  لمعرفة السبب. ويأخذ بعض انواع الطعام المشتركة الذي تناولوه للفحص الجرثومي.
واتذكر أن حالة مشابهة حدثت قبل اعوام في احد مطاعم شارع الربيعي أيضاً. حيث اصيب عدد  كبير من المرتادين لذلك المطعم بالاسهال والتقيؤ وتفاوتت حالة المصابين منهم من ادخل المستشفى وآخرون عانوا من اسهال فقط وحالات متوسطة من الاسهال والتقيؤ وجميع المصابين تناولوا لفات ساندويج كص وكانت اللفة الواحدة تحتوي على لحم ومايونيز فقط. ومع الاسف الشديد، لم يجر لهم التحري الوبائي لمعرفة سبب التسمم وتذهب الحالات ولا نعرف السبب الحقيقي وتسجل ضد مجهول كما هي الاعتداءات الارهابية المتكررة. ونرى في الدول المتقدمة ومع كل الرقابة الصحية الصارمة تسجل في الولايات المتحدة الاميركية ثمانية واربعين الف اصابة بالتسمم الغذائي (48000 ) ويتحرون عنها ويجدون المسبب الحقيقي لها.
والأهم من ذلك يجب أن تتخذ دوائر الصحة اجراءات وقائية وفحص العاملين والتأكد من سلامتهم الصحية ولياقتهم للعمل في المطاعم وتراقب عن كثب المطاعم المنتشرة في العراق لاسيما المناطق الترفيهية التي يرتادها كثيراً من الاشخاص في المناسبات.