اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > آبار بادية السماوة الارتوازية.. ثروة مائية كبيرة غير مستثمرة

آبار بادية السماوة الارتوازية.. ثروة مائية كبيرة غير مستثمرة

نشر في: 27 يوليو, 2015: 12:01 ص

تصوير محمود رؤوف

كان المنظر مثيرا للقلق ، جاء هذا من خلال ارتفاع الغبار الكثيف الذي أحاط بالسيارة التي اقلتنا إلى مشارف البادية الجنوبية في السماوة ، سالكين طرقا غير معبدة ، إلا أن اهل الخبرة أشاروا بضرورة التهيؤ جيدا من خلال أخذ قناني الماء وأخذ

تصوير محمود رؤوف

كان المنظر مثيرا للقلق ، جاء هذا من خلال ارتفاع الغبار الكثيف الذي أحاط بالسيارة التي اقلتنا إلى مشارف البادية الجنوبية في السماوة ، سالكين طرقا غير معبدة ، إلا أن اهل الخبرة أشاروا بضرورة التهيؤ جيدا من خلال أخذ قناني الماء وأخذ بعض الاطعمة الجافة حتى نتمكن من عبور الطريق المؤدي إلى بادية (الكصير) والتي تبعد ما يقارب
الــ( 70 ) كم عن السماوة مركز محافظة المثنى باتجاه الجنوب الغربي منها إلى عمق الصحراء .. التوغل وسط تلك الطرق التي أتى ترتيبها كيفما اتفق من خلال مرتسمات وضعها قاطنو تلك المناطق على معرفتهم ، صعب جدا ، فلابد من وجود دليل يعرف تلك الطرق ومن خلاله يتم تحقيق غاية الوصول ...

 

اتجاهنا ، كانت غايته معرفة هل ان بادية السماوة تمتلك في أرضها مخزونا مائيا كبيرا ، هل ان الزراعة هناك ناجحة وتحقق اكتفاءً مائيا من خلال الآبار الارتوازية ؟، ماذا لو تفاقمت مشكلة ضمور نهر الفرات وقلّة مناسيبه المائية؟ ، هل ستكون الصحراء العراقية بمائها الجوفي المخزون ، بديلا زراعيا جيدا ؟

الوصول إلى العمق 
حين الوصول إلى عمق منطقة (الكصير ) كان بانتظارنا هناك ، (شاكر البركي) وهو مزراع من أهالي مدينة السماوة يقطن في بيت شيده على ارض يملكها في تلك المنطقة منذ العام (1991 ) ولم يغادرها ابدا . شاكر كان قد زرع اربعمئة دونم من الحنطة والشعير معتمدا في سقيها على الآبار الخمسة التي يمتلكها في أرضه مع بعض المزروعات .
يقول البركي لـ(المدى): انا لم أغادر ارضي منذ وقت طويل وها انا امارس عملي الزراعي في هذه الارض الطيبة معتمدا على ما تجود به الآبار الارتوازية من ماء مخزون في بطون الارض . اما عن عملية حفر تلك الآبار فيقول : ان الحفارات الحديثة اختصرت الوقت وأصبحت تحدد اماكن المياه من خلال مجساتها وكانت الجهات الحكومية استخدمت هذه الحفارات قبل خمسة اعوام في حفر الآبار وتحديدا في بادية الرحاب التي تعتبر من اغنى المناطق في زراعة الحنطة والشعير وتعتمد بالدرجة الاولى على مياه الآبار الارتوازية . ويحدثنا شاكر أيضا عن عملية الحفر وأعماقها وأشكالها مضيفا: ان حفر الآبار يختلف من موقع الى اخر ، ففي داخل المدينة يتراوح من(18 ـ 30م) اما في البادية في مناطقنا الصحراوية فيتراوح الحفر من (50 ـ 280 م) تبعا لارتفاع الأرض .
ارض المستقبل الخصبة
عضو مجلس محافظة المثنى ورئيس لجنة البيئة (الدكتور علي حنوش) ذكر لـ(المدى): ان المياه الجوفية في العراق تمثل ما نسبته (3 % ) من كمية المياه التي يحويها وهذا جاء وفقا للتقديرات الهيدرولوجية ، وبطبيعة الحال فإن هذه النسبة تعد بسيطة جدا بحسب القياسات القائمة على الدراسات بطريقة الاستشعار عن بعد لمعرفة المخزونات في جوف الارض. 
حنوش ، والذي يعتبر من الخبراء في الحقل البيئي ، يضيف قائلا عن مصادر المياه: هذه الاراضي كانت مليئة بالغابات وغزيرة بالأمطار وهذا يعود الى عشرات الآلاف من السنين وكانت التغييرات المناخية تلعب دورا كبيرا في هذا محدثة اغناءً بالموارد الطبيعية وكميات المياه. 
ووفقا لدراسة أعدها حنوش تؤكد: هناك مناطق مميزة كبادية الرحاب في المثنى وهي الاخصب ونعلق عليها الآمال في المستقبل وذلك لسببين : الاول نوعية التربة ، والثاني قرب المياه من سطح الارض ونقاوتها التي هي افضل من مياه نهرالفرات. فضلا عن ان هذه المناطق تعتبر من الأودية الجيدة ذات الخصوبة العالية المنتجة لمحصولي الحنطة والشعير او المزروعات الأخرى . ورغم ذلك وما تقدم من تقارير ودراسات تبقى هذه المناطق بحاجة الى دراسات مسحية ونحن نعاني فقرا في هذا الجانب.
المياه الجوفية .. هل تكون البديل؟ 
وعن مقارنة الوضع العراقي بالدول المتقدمة يذكر: اليوم العالم يفكر في تحليل الترب الموجودة لديه لمعرفة التركيب المعدني ومستوى خصوبة الاتربة وما هي النباتات التي تصلح لزراعتها ، ونحن مازلنا نميل الى الطرق التقليدية بالزراعة والتي يعود عمرها إلى مئات السنين !! . موضحا: ان بعض الابار المنتشرة في البادية قابلة لاستخدامات عديدة كون مياهها تحوي على نسبة عالية من الكبريت وهي تصلح لبعض انواع النباتات التي تعيش على المياه الكبريتية بكونها نوعا من انواع السماد . مع تأكيدات الخبراء في ان انخفاض مناسيب المياه الواصلة إلى نهري دجلة والفرات قد يسبب مشكلات زراعية واروائية ويسهم في تفاقم ظاهرة التصحر وايضا ارتفاع نسبة الجفاف ، والتساؤل المطروح هنا هل نستطيع اعتبار المياه الجوفية بديلا نوعيا عن الانهر؟ عن هذا يقول عضو المجلس الدكتور علي حنوش لـ(المدى): من الصعب جدا ان تكون المياه الجوفية بديلا عن مياه الانهار الطبيعية المتجددة والتي هي مورد مستدام ومتواصل ومن الممكن استخدام تلك المياه في الصناعة والزراعة وقطاع الخدمات اضافة الى مياه الشرب للمجمعات السكنية وسقي الحيوانات ، لكنها لا تعتبر بديلا عن الانهار أبدا علما ان الاستخدامات الاخرى يراد لها سياسة حكيمة في مراقبة الابار وأين تحفر وقياس كمية المياه التي تسحب سنويا ونوعية الزراعة لان عملية التجدد في هذه الموارد ضعيفة. 
المياه الجوفية .. للشرب ؟
اما مدير مكتب شؤون محافظة المثنى التابع لوزارة العلوم والتكنلوجيا (علي هادي متعب) فقد اوضح لـ(المدى): بالنظر لوجود شحة واضحة بمياه الشرب في محافظة المثنى فإن بالإمكان اليوم استخدام المياه الجوفية لأغراض الشرب والاستعمالات الحيايتة الاخرى وذلك بعد إجراء بعض المعالجات البسيطة وبذلك نتمكن من سد حاجة ما يقارب الــ ( 700 ) ألف نسمة من سكان المحافظة مع امكانية الحصول على هذه المياه من مصدرين رئيسيين هما مياه العيون في منطقة (آل عوده) التي تغذي مناطق قضاء الخضر وناحية الدراجي التابعة له وكذلك المناطق القريبة منها.
واسترسل متعب: المصدر الثاني يشمل حفر آبار تدفق ذاتي لسد حاجة المحافظة في التطور الزراعي باستخدام الوسائل الحديثة حيث يمكننا سحب مياه الابار إلى نهر الفرات وذلك بحفر عدد كبير من الآبار وتأهيل العيون الكثيرة والتي تكون مصادرها من جبال الأناضول والصحراء الغربية منذ ملايين السنين.
 
خسارة مليار ونصف المليار لتر
واضاف مدير مكتب شؤون المثنى: علينا ايضا الاستفادة من المياه الجوفية في منطقتي (عين صيد) والتي هي عبارة عن ينبوع طبيعي يحوي على ماء بحاجة إلى كمية قليلة من الاوزون للتعقيم وصالح جدا للشرب رغم التناقص التي تعانيه هذه العين منذ (60)عاما لأسباب عديدة ومنها التفجيرات التي يقوم بها صيادو الأسماك بالقنابل اليدوية اضافة الى ان هناك بعض الآبار تذهب مياهها هدرا بسبب افتتاح نهر الصليبيات عام (1994) من دون استثمارها بشكل صحيح الامر الذي سبب خسارة كبيرة تقدر بنحو مليار ونصف المليار متر مكعب ، علما إن معدل استعمال المواطن من الماء يقدربـ( 120 ) لترا يوميا وبعملية حسابية بسيطة تتبين لنا ضرورة دراسة الموضوع بشكل جدي من قبل المختصين لإمكانية استثمار المياه الجوفية وتوفير المياه الصالحة للشرب والاستعمالات الأخرى لمحافظة المثنى والمحافظات الجنوبية علما أنها مهيأة للاستثمار العراقي أو الأجنبي. 
الزراعة الصيفية
الى ذلك ، أعلنت زراعة محافظة المثنى عن توجهها للاعتماد على مياه الآبار في خطتها الصيفية لحل أزمة المياه. وقال معاون مدير الزراعة نعيم عبود: إن الحل البديل للخطة الزراعية الصيفية هو الاعتماد على مياه الآبار المتواجدة في بادية السماوة لزراعة (21) الف دونم. مضيفا أن انخفاض مناسيب مياه الفرات أدى إلى عرقلة الخطة الصيفية لزراعة محصول الشلب وبمساحة تقدر بـ(10) آلاف دونم في مناطق الرميثة والوركاء والمجد والنجمي، التي تعد من أهم المناطق الزراعية. مشيرا إلى أن كثرة المياه الجوفية في بادية السماوة وحفر الآبار الارتوازية ساعد في زراعة مساحة (21) الف دونم في محاصيل الخضراوات والذرة الصفراء والدخن وبعض المحاصيل الصيفية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram