TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الصوت والصمت في العرض المسرحي

الصوت والصمت في العرض المسرحي

نشر في: 27 يوليو, 2015: 09:01 م

في العرض المسرحي تشتغل ثلاث منظومات في آن واحد، هي:
المنظومة الصوتية التي تشمل النص المنطوق ومافيه من كلمات والصمت والمؤثرات السمعية والموسيقى التصويرية او التعبيرية.
المنظومة البصرية – المرتبة وتشمل الممثل وماكياجه وازياءه والمنظر المحيط به والاضاءة والمؤثرات الضوئية.
المنظومة الحركية – وتشمل الممثل المتحرك والمنظر المتحرك والاضاءة المتحركة التي تنتقل من منطقة الى اخرى من مناطق التمثيل من شخصية الى اخرى من شخصيات المسرحية.
في الدراما القديمة والحديثة تأخذ المنظومة الصوتية – المسموعة مركز الصدارة حيث تكون كلمات النص المسرحي هي المرتكز الاساسي للعرض. وقديما كانت جماليات القاء كلمات النص هي المفضلة في العروض المسرحية ولم يكن المنتجون والمخرجون يهتمون كثيراً بالمنظومتين البصرية او الحركية، ولم يظهر الاهتمام بالمنظومتين الثانية والثالثة في العصور الاخيرة من تاريخ المسرح وابتداء من دعوة الفنان المصمم والمخرج (غوردن غريك) الى ان المتفرج ياتي الى المسرح ليرى اكثر مما ليسمع . وعندها اصبحت المنظومة الصوتية – المرئية ومعها المنظومة الحركية عنصرين لهما الاهمية نفسها للمنظومة الصوتية ولاحظنا في الاونة الاخيرة ان عدداً من المخرجين العراقيين لا يهتمون الاهتمام الكبير والدقيق بمفردات المنظومة الصوتية وبالاخص كلمات النص وكيفية القائها وذلك عبر تحليل معانيها الظاهرة والخفية وتحليل انغامها وايقاعاتها وكل ما يؤثر في ايصال معانيها ودلالاتها، كما ان عدداً من المخرجين المعاصرين لم يلتفتوا الى قيمة الصمت في العرض المسرحي ودلالاته حيث تشاهد الكثير من العروض يكون فيها الحوار مستمراً خالياً من لحظات الصمت التي تمثل الجانب السلبي من المنظومة الصوتية وفيها الكثير من ملامح التعبير عن الفعل الدرامي او ردود الافعال كما ان لها الكثير من الفوائد حيث تريح الممثل والمتلقي في آن واحد من وقع الصوت المستمر الذي قد يؤذي السمع ويشوش الفهم . ولا تقتصر فائدة الصمت على اراحة السمع وتوفير الفعل الدرامي بل تتعداه الى تحقيق الاجواء المناسبة للترقب ومتابعة المشاهد المتتالية والافعال فيها ، كما ان الصمت يدخل عنصرا في المؤثرات الصوتية التي تدلل على البيئة المحيطة باحداث المسرحية وفي الموسيقى التصويرية او التعبيرية التي قد تكون لتغطية فترات الصمت او دعمها او التعبير عن وظيفتها. ومن الملاحظ ان هناك نوعين من المؤثرات الصوتية تستخدمان في العرض المسرحي: الاول هو النوع الذي ينفذ حياً على خشبة المسرح ويقوم بتنفيذه الممثلون انفسهم والثاني هو النوع المسجل على الاشرطة او الاقراض الممغنطة، وكذلك الحال مع الموسيقى المصاحبة للفعل المسرحي او المناسبة للاجواء العامة والاجواء النفسية (المزاج).
وكان المخرجون العراقيون قد اعتادوا على استخدام موسيقى لعروضهم مقتبسة من مختارات من الموسيقى العالمية – الغربية ولم يكونوا قد امنوا بان الموسيقى الشرقية او العربية تصلح للتعبير المسرحي فهي موسيقى طربية اكثر ما تكون تعبيرية، ولكن وبعد توفر عدد من المختصين في الموسيقى وانواعها فقد راح المخرجون العراقيون يعتمدون عليهم في تصميم او تأليف الموسيقى المطلوبة للعرض المسرحي اضافة الى تلحين عدد من الاغاني لبعض العروض المسرحية
ومن الجدير بالذكر ان الموسيقى اصبحت عنصراً اساسياً في عروض المسرحيات الموسيقية – الاوبرا والاوبرا كوميدك والاوبريت وغيرها والتي شهد المسرح العراقي امثلة لها من القرن الماضي سواء تلك التي قدمتها جماعة البصرة ام تلك التي قدمتها فرقة المسرح العسكري، وكنا نأمل ان تتطور تلك المبادرات ولكنها للاسف قد توقفت كما توقف مشروع الفنان (كاظم الساهر) عن تحويل (ملحمة كلكامش) الى اوبرا عراقية.
واكرر تساؤلي: ايهما افضل في التعبير الفني عن موضوعة ما ان تستخدم وسيلة واحدة هي (الصوت) ام ان نستخدم وسيلتين او اكثر هي (الصمت والصورة والحركة) ويبقى الصوت هو الاكثر تأثيراً وبالاخص عندما يدعم بالصورة او بالحركة وتبقى الدراما معتمدة على الصوت بالدرجة الاولى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. اياد عماد سلمان وحيد

    كيف تتغير هوية العرض المسرحي عندما تتغير منظومة المؤثرات الصوتية والموسيقية ؟

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram