لم أكن أنوي الحديث عن الاستفتاءات الرياضية الكثيرة التي تقوم بها وسائل الإعلام المحلية لمناسبة أو من دون مناسبة لتشعب هذا الموضوع وخضوعه لأمزجة خاصة بأصحابها ومنافسات شكلية أولاً وربما لأبعد نفسي عن زعل البعض الذي قد يتصوّر أن الموضوع كُتِب لدوافع شخصية، وأعترف أنني بادرت الى الكتابة فيه بعيداً عن النتائج ولكن لأجل توضيح جملة حقائق غابت عن مقيِّمي الاستفتاء في عالم الرياضة وقد تكون مجدية إن تطرقنا لها علمياً وتوصيفياً لمرة واحدة لتأكيد الأهمية العلمية للاستفتاء وعينات مَن تُجرى لهم ويخضعون لاختبار الأفضل والأشهر.
فمن غير المعقول أن تفوز برامج وشخصيات لخمس وسائل إعلامية بذات الوقت وجميعها ترجح كفة الجهة المحسوبة عليها كما يحصل مع نهاية العام وحلول الآخر الجديد وهنا نستنتج بما لا يقبل الشك أن العملية برمتها خاطئة ومسيَّرة لحساب المستفيد أو لجهل العينات التي ُطرحت عليها استمارة الاستفتاء وعدم قدرتها على تمييز الهدف وبهذه الحالة يكون الاستفتاء قد فقد قيمته العلمية للتقييم ولا أقول ان جميع الاستفتاءات من هذا النوع لأن البعض منها ينجح الى حدود بعيدة ويعتمد الشفافية المطلقة في العمل ويتضح ذلك من النتائح المعقولة التي تخص المدرب واللاعب والإعلامي والاداري وتتعدى الى الاندية والاتحادات وغيرها .
فقد عدَّ الاستفتاء أو الاستبيان أحد وسائل البحث العلمي المستعملة على نطاق واسع من اجل الحصول على بيانات او معلومات تتعلق بأحوال الناس او ميولهم او اتجاهاتهم وتفضيلهم لما هو مطروح في البحث او تحت مظلة التصويت ويظهر الإستبيان الذي هو أحد طرق معرفة الآراء والرغبات الإجتماعية بصورة سهلة وغير معقدة تتيح للقائمين عليها تخمين وتلبية حاجات ورغبات الجمهور، ويضاف الى حسناتها انها أي طريقة الإستبيان ناجحة في البحث العلمي، قليلة التكاليف والجهد والوقت، وتعطي الوقت الكافي للأفراد المشاركين للإستبيان وفي الوقت الذي يلائمهم وهناك انواع متعددة منه لعل الأخطر فيها ما يُسمّى الاستفتاء المغلق او المسيَّر الذي عادة ما يُستخدم في وسائلنا الإعلامية بأن يتم طرح سبعة اسماء للاعبين عراقيين او مدربين وعليك ان تختار اسماً واحداً منهم بأنه افضل لاعب ومدرب لهذا الشهر او السنة ومن البديهي ان تتباين وجهات النظر في التقييم ووضع النقاط لرفع الخط البياني المنجز لرياضي دون آخر وفريق دون فريق آخر، وطالما ينسحب الاستفتاء لمزاج مَن يقع عليه فلابد ان يظهر الاختلاف إلا ما لا يُعد مقبولاً أو غريباً في بعض الاحيان وربما مخالفاً لقواعد الاستفتاء الرياضي الذي يجانب العدالة والموضوعية في الاختيار للمرشح والعينة والمكان ايضاً وقد ينطوي مثل هذا الاستفتاء على مصادرة حقوق لاعبين او المدربين وغيرهم اذا ما انسحب الموضوع وتناولهم بصورة مباشرة ، ولذلك كله لابد لوسائل الإعلام ان تعتمد العلمية الاحصائية والموضوعية في التعاطي مع العناوين موضوعة البحث إذا ما كانت تنشد التميّز والايجابية في اعلان نتائج مهمة بجدوى تخص الجمهور والرياضيين والاعلاميين معاً وتبعد بذلك نفسها عن النقد الهش الذي يجردها من عناصر قوتها الاعلانية ببساطة متناهية من خلال مقارنة النتائج التي لا تمت الى الموضوعية بصلة وصل، فكيف لجميع الوسائل أن تفوز هي الأولى في استفتائها الخاص ويفوز لاعبها ومدربها وناديها المحدد والمقرب منها ومَن ينال حصة الأسد في الضيافة ؟
أعتقد ان مثل هذه الامور ليست بخافية عنهم ولكنهم يريدون التعامل معها بأي شكل ولا تعنيهم إلا طروحاتهم، وإن كانت في قلب الخطأ، أن تصل الى حالة متقدمة من هذه العملية المفيدة بطابعها التنافسي وفق اُسسٍ مدروسة ترشح وتمنهج ولا تترك هامشية لا تفي بالغرض من إقامتها.
حديث في الاستفتاء الرياضي!
[post-views]
نشر في: 27 يوليو, 2015: 09:01 م