رحل الفنان العراقي جعفر السعدي ولم تغادر ذاكرتنا عبارته الساخرة ( عجيب امور غريب قضية ) التي كان يستهجن بها كل امر غريب – على الاقل بالنسبة له – يحدث في المحلة الشعبية التي يسكنها ابطال المسلسل الجميل (الذئب وعيون المدينة )..اليوم تذكرتها بشدة حين فوجئت باستمرار التيار الكهربائي في منطقتنا في احد احياء الكرخ طوال الامس واليوم وبدون انقطاع الا لدقائق قليلة ورغم موجة الحر التي غابت فيها الكهرباء و(تدلل) علينا فيها كثيرا اصحاب المولدات ..بصراحة ، لم أسأل عن السبب ولم اخبر احدا بالنعمة التي حلت علينا فجأة خشية الحسد واملا في استمرارها فالنعم في العراق لاتدوم طويلا...
تساءلت في سري فقط ..اذا كان من الممكن توفير الكهرباء بهذا الشكل ومع استمرار موجة الحر فلماذا اذن عشنا اياما جحيمية خلال الاسابيع الفائتة لم تزرنا فيها الكهرباء الوطنية العزيزة الا ساعة كل عدة ساعات نعود بعدها لنعيش تحت رحمة اصحاب المولدات ؟...هل قرر العراقيون اخيرا اطفاء السخانات الكهربائية التي تذرعت وزارة الكهرباء باشعال المواطنين لها بنسبة 12% حتى وهم يتقلبون على جمر الحر وتاثير اشعالهم لها على عملية توفير الكهرباء بشكل كاف ..بالنسبة لي ، لم اعرف احدا مازال يشعل سخانه الكهربائي فالماء في الانابيب ساخن اصلا بسبب حرارة الشمس ويحتاج احيانا ماءا باردا لمعادلته ..
هل هي المظاهرات اذن التي بدأت في البصرة وكان ضحيتها شاب جميل دفع ضريبة الديمقراطية الوافدة ، وتواصلت لتشمل محافظة ذي قار وقد تمتد الى بقية المحافظات لو تواصل انقطاع التيار الكهربائي بهذا الشكل ما ادى الى عقد جلسات واجتماعات لمناقشة الازمة والمطالبة باستجواب الفهداوي واكتشاف شبهات فساد في عقود تخص وزراة الكهرباء ..ارى فقط ان هم الكهرباء بات يشغل الكل ، وتزايدت الوعود والتصريحات الكاذبة ، فهناك من يصر على تخصيص عشرين ساعة يوميا من الكهرباء الوطنية لمحافظة البصرة ، فلماذا تظاهراهل البصرة اذن ولماذا قتل منتظر ؟..والاخرون يعدون بانتهاء ازمة الكهرباء قريبا عن طريق خطوط ناقلة او الافادة من الغازات المنبعثة من محطات التوليد بتشغيل محركات توربينية اخرى مايقوم برفع الطاقة التوليدية بنسبة 50% ،ولأن المواطن يريد الكهرباء لا الخوض في تفاصيل لايفهمها عن اسلوب توليدها لذا فلن يعول كثيرا بالتأكيد على هذه الوعود ..
لجنة الطاقة في مجلس الوزراء بدورها تنوي خصخصة الكهرباء بمنح 70 محطة توليد كهربائية غير مكتملة لمستثمرين اجانب لاكمال بنائها وبيع الطاقة المنتجة للحكومة وبالتالي حل مشكلة الكهرباء، وكان وزير الكهرباء قاسم الفهداوي قد تعهد بانهاء مشكلة الطاقة في البلد قبل انتهاء المدة الدستورية للحكومة الحالية في حالة اعتماد اسلوب الخصخصة ..ورغم ان هذا الاقتراح لم يجد تاييدا برلمانيا او حكوميا لما فيه من جوانب سلبية كبيرة فالتصريحات والوعود مازالت مستمرة لامتصاص الغضب الشعبي الذي يراد له ان يتحول الى انتفاضة على الوعود الكاذبة والفساد ومهاجمة المتظاهرين واختيار الوزراء حسب المحاصصة ودون الاعتماد على التخصص والخبرة ..
في ما يخصني ، مازالت الكهرباء الوطنية مستمرة حتى لحظة كتابة هذا المقال ، الامر الذي اشاع الراحة والاسترخاء في عموم منطقتنا وامتص غضب اهلها وضيقهم من الحر..لن يصعب على وزارة الكهرباء اذن امتصاص الغضب الشعبي وتجنب اقالة وزيرها لأن ذلك يعني مجيء وزير آخر حسب المحاصصة وبالتالي استمرار ازمة الكهرباء ..
عجيب أمور ..غريب قضية
[post-views]
نشر في: 27 يوليو, 2015: 09:01 م