TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وكان الله يحب المتوافقين في الموصل!

وكان الله يحب المتوافقين في الموصل!

نشر في: 27 يوليو, 2015: 09:01 م

جزيل الشكر لعضو لجنة التحقيق البرلمانية في قضية سقوط الموصل في أيدي داعش - أو بالأحرى تسليمها إليه على طبق من ذهب وماس - النائب عبد الرحمن اللويزي لأنه تحدّث من دون لفّ أو دوران عن المصير المرجّح لتحقيق لجنته في هذه القضية الكبرى..
زبدة كلام النائب اللويزي أن لا أمل في تحقيق نزيه ولا رجاء في حساب وعقاب لمن يتحملون المسؤولية عن السقوط وعواقبه الكارثية. النائب أفاد في حديثه إلى "المدى" أمس بأن "لجنة التحقيق أكملت إنجاز تقريرها النهائي بعد الاتفاق مع أعضائها على تثبيت الإفادات والشهادات"، وأنها " ستشرع بكتابة المقررات والتوصيات والاستنتاجات قريباً".
لا يفرحن أحد بهذه النتيجة، فانجاز التقرير النهائي وكتابة المقررات والتوصيات والاستنتاجات لن يقودا بالضرورة الى نهاية سعيدة للحكاية، لماذا؟.. عضو لجنة التحقيق يجيب بنفسه بالقول :"هذه الاستنتاجات والمقررات والتوصيات بحاجة إلى توافقات داخل اللجنة لتمريرها وتقديمها إلى رئاسة مجلس النواب"! .. إنها لعنة التوافقات تلاحقنا وتقف لنا بالمرصاد دائماً وأبداً. وكما أجهضت التوافقات في السابق عشرات من التحقيقات أجرتها لجان برلمانية بشأن قضايا كبيرة أيضاً، بينها خصوصاً قضايا فساد إداري ومالي صارخ وفضائح وسواها، فإن التوافقات يُمكن أن تعصف بإمكانية تحديد المسؤوليات عن قضية سقوط الموصل وتوابعه، لينتهي التحقيق الجاري منذ سنة إلى أن "الجن الأزرق" هو المسؤول، ولا مسؤولية تترتب على رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع ووزير الداخلية وقادة الفرق والعمليات ومحافظ نينوى ومجلس محافظتها يومها. وهذا ما يستفاد منه في كلام النائب اللويزي الذي أكد "وجود وجهات نظر مختلفة داخل اللجنة حول توجيه التهم لبعض الأشخاص"، وأن "التوصية بإحالتهم للقضاء تحتاج إلى توافقات واتفاقات سياسية".
إذن، فان الحقائق والوقائع والقرائن ليست هي الحاسمة في تقرير مصير التحقيق، فهذا المصير سيكون مرهوناً بالتوافقات بين الكتل السياسية النافذة في مجلس النواب، ومن المفترض أن المسؤولين الرئيسيين عن قضية سقوط الموصل هم كبار المسؤولين في الحكومة والجيش والشرطة ومحافظة نينوى، وبما أن هؤلاء هم مسؤولون كبار أو متنفذون في الكتل البرلمانية المتنفذة، فالمنطق يقول إن كل كتلة ستسعى لتبرئة مسؤوليها أو التهوين من مسؤوليتهم، فلا يحصل توافق داخل لجنة التحقيق على الاستنتاجات والمقررات والتوصيات، ويصبح التحقيق في القضية وكأنه لم يكن، أو أن يحصل توافق داخل اللجنة، هو انعكاس لتوافق الكتل التي يمثلها أعضاء لجنة التحقيق، على تبرئة كبار المسؤولين وتقديم موظفين عسكريين ومدنيين صغارا بوصفهم أكباش فداء.
هذا هو الأمر المرجّح، مثلما حدث في قضايا سابقة... وكان الله يحب المتوافقين!!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. mfmsma

    كيف يمكن لمثقف مثلك ياسيدي ان يتوقع نتائج صحيحة ودقيقة من هذه اللجنة او غيرها، كل لجنة شكلت هي لطمطمة والتستر على الحدث الذي شكلت للتحقيق فيه

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram