شاع في السبعينات صنف من الشعراء "المناطقيين" لهم جمهورهم الخاص. تجد هؤلاء في بعض المقاهي والمؤسسات والثانويات والجامعات. وقد تجد لهذا الطَرَف شاعرا خاصا ولذلك الحي مغنيا خاصا ايضا. اسماؤهم وسمعتهم وما يكتبون لا يتعدى حدود منطقة تواجدهم. ما كنا نشهد حضورا لأي منهم في أنشطة الشعر العامة كالأماسي والمهرجانات، رغم ان بعضهم كتب وطبع دواوين باعها على معجبيه بين ليلة وضحاها. بعضنا، ولدوافع غريبة، جرب ان يقتحمهم في عقر دارهم لينبه "جماهيرهم" بان هؤلاء ليسوا شعراء وما يقولونه اما مسروقا او "خرط" فعاد المقتحِم "مفشوخا".. كنا ننصح بعضنا بان ندعهم وشأنهم لأن الدخول معهم في أي نقاش يجر علينا شتائم و "فشاير" لا تمر على بال. هل تتذكرون قصة "أبو الحية"؟ حسنا سأذكّر من نساها:
لجأ أحد الأميين الى طريقة يستغفل بها أبناء قريته. لبس عمامة وادعى انه فقيه وعالم وقارئ من الطراز الرفيع. التف حوله اهل القرية واقتنعوا به. انتقلت عدوى الاعجاب الى قرى أخرى فصارت له شعبية لو دخل بها الانتخابات اليوم لحصل على قرابة ثلاثة ارباع مليون صوت. في احدى القرى المجاورة كان هناك رجل دين متعلم. تألم وهو يرى "الدجال" يضحك على أبناء جلدته. وبنصيحة من زوجته، المتعلمة أيضا، داهم بنفسه احدى جلسات ذلك الأمي. صاح المتعلم بالناس: "انتبهوا لهذا الذي يخطب فيكم .. انهم يضحك على عقولكم، انه أمي لا يجيد كتابة كلمة واحدة". صاح به الدجال: ثكلتك أمك، أأنا امي؟ حسنا امتحني امام الناس. طلب منه المتعلم، المحروق القلب، ان يكتب حية. قام الدجال فرسم بعصاه صورة حية على الحائط الطيني. ظن المتعلم انه قد فاز على الأمي فقال للناس هذه ليست كلمة حية. رد عليه الأمي: طيب اكتبها انت. كتب صاحبنا حية بثلاثة حروف. صاح الدجال: انا رجال ما احب الباطل واترك الحكم لعقولكم واسألكم: بشرفكم هي ياهي الحية الكتبها هوّه لو اللي كتبتها أنا؟ الجواب ان انهالت العكل و "الصخريات" على رجل الدين الواعي فعاد مخضبا بدمه كما عاد لنا شاعرنا الذي اقتحم عقر دار شاعر احد أحياء مدينة الثورة.
رباط الكلام ان فيسبوك العراقي أيضا صار احياء وعشائر وتجمعات، فانتشر به شعراء وكتاب وكاتبات لهم ضعف اضعاف ما للجواهري والنواب من معجبين ومعجبات. اما نتاج ما يكتبون فهو شبيه لما انتجته صناديق الانتخابات وما جرته علينا من مصائب وويلات.
كتّــــــاب الطَـــــرَف
[post-views]
نشر في: 28 يوليو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
قيران المزوري
اللي عجبني جدا جدا قرابة ثلاث ارباع المليون صوت .. وهذا هو بيت القصيد ،، ابدعتم
قيران المزوري
أعجبني المقال جدآ وخاصة , لو دخل بها الانتخابات اليوم لحصل على قرابة ثلاثة ارباع مليون , حيث كان بيت القصيد !! وبدون شك المقصود هو الحاج , الحاج خيرالله طلفاح على حسجة الاستاذ علي حسين .....