اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قبل الكهرباء.. بعد الكهرباء!

قبل الكهرباء.. بعد الكهرباء!

نشر في: 28 يوليو, 2015: 09:01 م

الكهرباء ليست مشكلتنا.. نعم، إننا نعيش الآن في جحيم حقيقي يدفع البعض منّا إلى التظاهر والاحتجاج بوسائل أخرى، وهذا أدنى ما يتعيّن أن يكون عليه رد الفعل، لكنّ الكهرباء، مع هذا، ليست مشكلتنا الحقيقية.
المشكلة ليست العجز في إنتاج الكهرباء، ولا العجز في توزيع الكهرباء، ولا العجز في تحقيق العدالة والمساواة في التجهيز بين المحافظات والمناطق والمحلات، ولا العجز في توفير النفط لمحطات الكهرباء.. نظامنا السياسي هو المشكلة.. نظامنا هذا عاجز وقاصر ومنتهي الصلاحية وغير قابل للاستهلاك الحيواني ناهيكم عن البشري. ما لم نُدرك هذه الحقيقة وما لم نعمل لإصلاح نظامنا السياسي أو تعديله أو تبديله بقضّه وقضيضه ستبقى مشكلة الكهرباء، ومئات مشاكلنا الأخرى، قائمة إلى أبد الآبدين.
مجلس النواب يتّجه لمساءلة وزير الكهرباء عن مشكلة الكهرباء، وبعض النواب صرّح بأن إقالة الوزير صارت "قاب قوسين أو أدنى".. لا أعرف الوزير قاسم الفهداوي الذي بقيتُ محايداً في موقفي ومشاعري حياله إلى ما قبل يومين عندما اجتاحني شعور بالقرف والاشمئزاز مما فعله بتقديمه "هدايا" نقدية (خمسون ألف دينار) لصحفيين غطّوا مؤتمراً صحفياً له، فهذه ممارسة مهينة لمهنة الصحافة ولكل المشتغلين فيها، لكن لا لوم ولا تثريب عليه، إنما على "الصحفيين" الذين بلعوا الاهانة واستمرؤوها... بئس من صحفيين فاسدين.
قد يكون وزير الكهرباء الحالي سيئاً وغير كفء ولا يستحق منصبه، لكنّه ليس العضو الوحيد في الحكومة الحالية، والحكومات السابقة، الذي "يتحلى" بهذه المواصفات. أكثر من نصف أعضاء الحكومة الحالية والحكومات السابقة، في الأقل، هم في غاية السوء.. فاسدون، عديمو الكفاءة والأهلية والخبرة.. والمشكلة تكمن في نظامنا السياسي التحاصصي، فالوزراء في نظامنا لا يختارهم منْ يُعهد اليه تشكيل الحكومة وقيادتها، بل رؤساء الأحزاب والكتل النافذة في مجلس النواب والنظام السياسي، وفي العادة هؤلاء لا يختارون وزراءهم وسواهم من مسؤولي الدولة الكبار من بين الأكفأ والانزه والأكثر خبرة ووطنية من أعضاء وكوادر أحزابهم وكتلهم، وإنما هم، كما تفيد به تجربة الاثنتي عشرة سنة الماضية، يفضلّون أفراد حاشياتهم وأقاربهم ومواليهم، وهؤلاء في العادة أيضاً هم الأكثر تملقاً والأقدر على التزلّف، وبالتالي الأسرع في الدخول إلى قلوب الزعماء وفي بلوغ كراسي السلطة.
مشكلة الكهرباء لن يحلّها مثول وزير الكهرباء أمام مجلس النواب للمساءلة، ولا إقالة هذا الوزير الفهداوي وتعيين بديل له، ففي الماضي حوسب أكثر من وزير للكهرباء تحت قبة البرلمان، ووزارة الكهرباء كانت أكثر الوزارات التي تبدّل وزراؤها، إقالةً واستقالةً، في العهد الجديد... والنتيجة أن الجحيم العراقي ظلّ على حاله في الصيف وفي الشتاء سواء بسواء، ذلك انه من إنتاج نظامنا السياسي العاجز والقاصر ومنتهي الصلاحية وغير القابل حتى للاستهلاك الحيواني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. محمدسعيد العضب

    تشخيص صائب وحق وكلام عقلاني مشهود , لكنه ومع الاسف الشديد لا ينطبق علي اوضاع نخبه حاكمه جاءت بنظام سياسي اعرج ملائم لمزاجها الخاص بحيث يوفر لها امكانيه الاثراء المستعجل وتحويل ثرواتها المكتسبه قانونا عبر نظام تحويل خارجي بائس وبيع دولارات ال

  2. ام رشا

    ارفع صوتك اذا انت عراقي واصرخ تسقط العملية السياسية وبدربك قدم اعتذار للشعب العراقي عن تركيع وتحسين وتجميل وتبرير العملية السياسية البائسة والشعب العراقي شعب طيب بكلمة وحدة طيبة طالعة من القلب يلين سلام عليكم.

  3. الشمري فاروق

    لقد وصلنا الى مرحلة وجوب اسفاط هذا النظام وانهاء هذا الظلم الذي يتعرض له هذا الشعب من سلوكيات احزاب الاسلام السياسي ة...والاسلام منهم براء....لقد اثبتت الوقائع فشل هؤلاء الحكام لان معظمهم من اللصوص وسراق المال العام

  4. ابو سجاد

    ياسيدي لقد انتهى زمن الشعارات واليوم سيعود زمن الثورات قبل مدة قلنا علينا ان لانبقى نتستر بالشعارت لان زمنها عغى عليه الزمن وهؤلاء لايعرفون غير الانقلابات ام الديمقراطية والحرية والتعبير عن الراي وحقوق الانسان فكل هذه مجرد شعارات يرفعوها هؤلاء الخونة والل

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram