TOP

جريدة المدى > سينما > حبكة حوارية فعلية وفاعلة للحدث في مسلسل" تشيللو"

حبكة حوارية فعلية وفاعلة للحدث في مسلسل" تشيللو"

نشر في: 30 يوليو, 2015: 12:01 ص

يدمج مسلسل" تشيللو" الرؤى الدرامية عبر نص رومانسي وقصص حب مفعمة بفلسفات حياتية مبنية على سوسيولوجية اجتماعية ذات بعد يُعنى بقصة حب بدأت مع شاب مجهول النسب من حيث القاعدة النفسية التي يتكئ عليها الكاتب " نجيب نصر" بما هو مستوحى من قصة فيلم (INDESCENT

يدمج مسلسل" تشيللو" الرؤى الدرامية عبر نص رومانسي وقصص حب مفعمة بفلسفات حياتية مبنية على سوسيولوجية اجتماعية ذات بعد يُعنى بقصة حب بدأت مع شاب مجهول النسب من حيث القاعدة النفسية التي يتكئ عليها الكاتب " نجيب نصر" بما هو مستوحى من قصة فيلم (INDESCENT PROPOSAL) للكاتب "جاك انغلهارد "، لتكون بتحليلاتها الشرقية منطقية خصوصا بمدلولاتها الاجتماعية والفنية والسياسية، وقوة المال والحب في حياة الانسان ذات السياقات المختلفة المرتبطة بعدة اعتبارات.

وبثنائية لها وجوهها المتشعبة مع الاخرين او بالاحرى مع المحيط العائلي بما يخلق نوعا من الالفة الدرامية بين المشاهد والمسلسل، لانه يطرح في جوانبه نوعيات انسانية تسعى الى تغيير حياتها بمختلف الاساليب التي تنطوي على تفاصيل مهمة عالجها "نجيب نصر" بحبكة حوارية فعلية وفاعلة للحدث، وبسلاسة ذات سياق عملي استخرج مكنونه المخرج "سامر البرقاوي" ببراعة من طاقم التمثيل المتناغم مع بعضه البعض من حيث طبيعة الشخوص التمثيلية والادائية ، وكأن التطابق النفسي بين الشخوص تم توزيعه بمهارة على الممثلين الذين نجحوا في اظهار انفعالاتهم التعبيرية بطلاقة ارتاح معها المشاهد الذي فهم المعنى الدرامي والاتجاهات الفنية في مسلسل توافرت فيه رؤى مختلفة تحررت من اية سيطرة درامية ان من المؤلف او المخرج او الممثل او حتى المشاهد الذي اندمج مع الاحداث والشخوص والقصة الواقعية الملموسة في الحياة.
ثلاثية لابطال جمعتهم آلة موسيقية توضع بين ركبتين وتلامس الارض قبل ان تمتد اليها يد العازف، لتلامس بقوس الكمان اوتارها الاربعة ذات النغمات الكاملة بحدتها ونعومتها لتشبه بطلة المسلسل "ياسمين" او الممثلة " نادين نجيم " آلة "التشيللو" التي تحافظ على نغمة صوتها في الاداء التمثيلي دائما فقد انسجمت في دورها الياسميني مع الممثل "يوسف الخال" الذي ابدع في اظهار شخصية "آدم" مع الحفاظ على روح الشخصية التي تعرضت لازمة حريق المسرح واصيبت بتحطيم حلمها خصوصا بعد ظهور الفنان " تيم حسن" رجل الاعمال الناجح والمحافظ على خبايا نفسه واسرار عمله وحبه الشديد لامرأة متزوجة يحاول الحصول عليها بدهاء رجل المال وذكاء العقل المولع بحياكة الاحداث ببراعة والقادر على خلق الجرح ومداواته بقلب رقيق واحساس رومانسي وصل الى المشاهد بتقنية عالية.
مسلسل "تشيللو" ليس العمل الدرامي الوحيد في رمضان، ولا يمكن وضعه ضمن خانة السباقات الرمضانية التي شهدت صراعات عديدة بين النقاد والجمهور. الا انه المسلسل الرمضاني الهادئ والهادف الى بث لغة الحب التي تتناقض مع سلطة المال ، وقد استطاع المخرج "سامر البرقاوي" مع المؤلف "نجيب نصر" الذي فرض رؤيته ببلاغة فنية ودرامية وبثبات حواري عبر سيناريو اخترق بمعناه روح الشرق، والاخراج المتلاحم تصويريا وموسيقيا ومعجونا ايضا بالمؤثرات الاخرى التي اضافت جمالا ايمائيا متميزا، دون تهميش اي جزء من التفاصيل البسيطة غير الحسية مرئيا، لكنها محسوسة ضمن خلفية كل مشهد ومعاني الحوارات التي تميزت بمفهومها الجمالي وقدرتها على بسط سلطتها العاطفية والعقلانية والطبيعة الادبية ذات القيمة الدرامية التي نجح بها المؤلف، وبقالب ادبي مفهوم لدى المتلقي.
استطاع طاقم العمل نقل صور النص من خلال توسيع الاتجاهات الدرامية المختلفة من تمثيل وتصوير وموسيقى، وضوء وحركة ونغمة صوت تنسجم مع خامات بعضها البعض في كل حلقة تغلبت على على الاخرى فنيا، لنشعر ان تدرج العمل في حلقاته يرتقي الى مستوى ذائقة الجمهور برغم تشابه بعض المواقف في قصص اخرى. الا انها في مسلسل "تشيللو " تميزت بالتلاحم وبالحوارات الاكثر بساطة ووضوحا، ما ترك اثرا رائعا في نفس المشاهد خصوصا مع الفنانة "انجو ريحان" التي استطاعت احداث نقلة نوعية في دورها عبر هذا المسلسل فقد لمسنا الخامة التمثيلية في اعماقها مع الحفاظ على الالق الذي تتميز به او بالاحرى بشاشة الوجه والديناميكية الشديدة في اظهار التعبيرات والانفعالات دون مبالغة او ابتعاد عن الشخصية التي تتقمصها، فدورها مع الفنان "ايمن عبدالسلام" كان ضمن مسار ثنائي مختلف معنويا ونفسيا عن ثنائية آدم وياسمين فزياد او الفنان "ايمن عبدالسلام" رفض الاستسلام لمشيئة حبيبته التي اختارت الرجل المختلف في تطلعاتها نحو الحياة فلعبة الساحر لجأ اليها المؤلف لندرك ان ادوار الحياة هي الدراما الحقيقية التي لا يمكن فهم تركيبتها الانسانية او سلوكيات شخوصها الذين ينتمون الى صراعات تثير الغموض كلما اكتشفنا حقيقة الذات التي ينتمون اليها . ان من المحامي وحبيبته التي تلهث خلف المال او للممثل القدير" جهاد الاطرش" الذي لعب دور الرواي بخامة صوته القوية والاداء الرائع وقدرته على منح الحوار الطويل بعدا دراميا لا يمل منه المشاهد مع الفنانة التونسية القريبة من المشاهد بدور الممرضة ولباسها الابيض"اياد الريماوي" وتأليف موسيقي متآلف مع المشهد بنغمة تحاكي الصوت الحواري بحزن يلف الهمسة الموسيقية بمسارات وتطورات تعتمد على الاشارات الضمنية وفواصل الحدث، وكانه يؤلف المشهد الموسيقي بمعالجة درامية ايضا ضمن محاكاة النغمة للمشهد والحدث والمعنى الذي تحمله للتأثير على الحواس ان بحزنها الوتري او اصوات الالات التي استخدمها، ليذكرنا بالمصير الغامض الذي ينتظر ابطال هذا المسلسل بلحن حواري تميز بتمهيد وتباطؤ وبنبرة تشكل النواة الحسية للمشهد السمعي المرافق للمشهد التصويري وللمعنى المتهادي في آن دون تشابك في العناصر الدرامية الاخرى، فهل هذا محض ضدفة ام براعة الاداء الموسيقي ؟.
يعبّر التتر من خلال الشارة والاغنية وكلماتها المؤداة بصوت الفنان "مروان خوري" المتجاوب مع نداءات النفوس العاشقة والخائنة والمترددة وكأن الكلمات هي ألسنة اللهب للدخول في نيران الحلقات المتتابعة واشاراتها الضمنية دون الوقوف عند معنى معين. اذ يكتمل جمال المسلسل بوجود الراوي واحساسه العميق بهذه القصة الحدث الموجودة في الحياة مع كل ابطالها الذين تقاربوا وتباعدوا بتآلف تمثيلي وقدرة على تفسير حتى المشاعر التي يصعب الوصول اليها حين يتحول الغموض الى حدث يضيف الشعور بالانتظار او للوصول الى حلول درامية مختلفة يصعب الوصول اليها لاننا في مجتمع مبني على هذه الصراعات المعنوية والنفسية بين الحب والمال، والاخلاص والوفاء والخيانة، والعطاء غير المشروط ببنود عقد مكتوب على ورق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram