بعض الناس تضغط عليه حاجات نفسية يضطر لتفريغها كما يفعل مع بعض حاجاته البيولوجية. فلذلك تسمع من فلان انه محصور "ضحكة" وعلاّن محصور "بجية" وآخر محصور "تصريح". انها كما "الغازات" التي تنحبس في البطن ولا مناص الا بتنفيسها. الانسان الطبيعي يعرف اين يقضي حاجته. اما غير الطبيعي، او المريض، فتجده "يفلتها" دون حساب لمن حوله. فيهم من يعتذر عن ازعاجه للآخرين فيقول لهم: يا جماعة تره مو بيدي. وفيهم من تأخذه العزة بالإثم، فيصر على ان ما فعله حق من حقوقه وانه يجوز له ما لا يجوز لغيره.
نقل لي صديق كان مستشارا سابقا عند نائبة عراقية مخضرمة انها تطلب منه كل يوم ان يبحث لها عن شيء تصرح به. أعفته من العمل لأنه ضعيف في هذه النقطة.
هذا لا يعني اني لا اجيز للسياسي حق التصريح. صرّح عيني صرّح. بس ياريت التصريح يكون فيه فائدة ولو لواحد بالمئة من الناس. واهجم عيني اهجم على هذه الدولة او تلك. بس مو تطلع منها سالم وتطيح براس ولد الخايبة.
صرح المالكي قبل أسبوع مهاجما السعودية وهو يشتغل نائبا بأجر معلوم عند رئيس الجمهورية. صرحت الرئاسة بان ما قاله لا يمثلها. رد مكتبه، وكأنه اخترع نوعا جديدا من "الجاجيك" بانه لا يحتاج الى منصب كي يصرح. نورتوا المحكمة! طبعا كل انسان يستطيع ان يصرح من دون منصب. حتى حميده أم اللبن تستطيع ان تقف اليوم في سوق مريدي وتطالب بوضع اليابان تحت الوصاية الدولية. بس منو راح يسمعها؟ من يقول انه لا يحتاج منصبا حكوميا ليصرح يجب ان يغادره. طُلب من مثقف عربي ان يصبح سفيرا لدولته فرفض. ليش؟ رد لأنه في هذه الحال لا يحق له التصريح بشيء يتنافى وما تريده حكومته، والمثقف لم يخلق ليكون كذلك. على راسي.
من لا يحتاج المنصب ليكون كلامه مؤثرا ليس المالكي بل غاندي او الخميني مثلا. قولوا ليش؟ لانهما اثرا بالمجتمع وبالسياسة الدولية كلها وقد عرفتهما الدنيا وهما لا يمتلكان منصبا ولا مالا. كم عدد الذين سمعوا باسم صاحبنا قبل ان يصبح رئيس وزراء؟ على من تضحكون يا حضرات.
أي تصريح لا ينقذ "زنبوبة" من بيع الكلينكس في الطرقات، ولا يسهم في قبر أصوات المفخخات، ولا يبلط شارعا، ولا يبني مدرسة، ولا يوفر عملا لعاطل، ولا يأتي بالكهرباء لبيوتنا المظلمة شتاء والملتهبة صيفا، يصبح في حكم "تصريح" الما ينفّه.
دك عيـــــــــنــــــــــــــــــي دك
[post-views]
نشر في: 29 يوليو, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 3
طالب
عزيزي الكاتب المحترم لاادري كيف ترى ان هذا التصريح بلا فائدة وهو قد احدث كل هذا التاثير والتفاعل في الاعلام والصحافة ونلاحظ مدى التوتر والانزعاج عند النظام السعودي حتى بعد ان تبراء رئيس جمهورية المحاصصة من خدش كرامة الفضلاء المخلصين في مملكة (الخير والعطا
ابو اثير
تصريحات نوري المالكي في الوقت الحاضر هي بديل لخطب يوم ألأربعاء الذي أبتلى به الشعب العراقي والفارغة والبليدة من أي محتوى موضوعي أو لحالة قائمة فهو ألآن كالقذافي في أيامه ألأخيرة عندما كان يتنقل هنا وهناك وفي ختام أيامه ألأخيرة وجد في جارور للمياه ألأسنة ل
دكتور ثامر الزهيري
الى هاشم العقابي مع التحيات