TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عاصمة المطبّات

عاصمة المطبّات

نشر في: 29 يوليو, 2015: 09:01 م

تستحق بغداد بامتياز لقب عاصمة المطبات . شوارعها الرئيسة تعاني الاهمال منذ سنوات على الرغم من تخصيص اموال طائلة قبل الدخول بمرحلة التقشف، لتعبيدها . صرفت المبالغ على اعادة ارصفتها ببلاط مستورد من الجارة ايران ، جهود الاجهزة البلدية انصبت على تجديد الارصفة لتظهربحلة "قشيبة" على حد وصف بعض المسؤولين المهتمين بجمال المدينة ونظافتها وصلاحية شوارعها لسير المركبات .
سواق المركبات على اختلاف انواعها لطالما ابدوا تذمرهم من كثرة المطبات في شوارع بغداد ، التذمر في اغلب الاحيان يكون حديثا يوميا متبادلا بين سواق الكيات وركابها ، منهم من يعزو اسباب الاهتمام بالأرصفة الى تشجيع الصناعة الايرانية ، تعبيرا عن ولاء احزاب متنفذة لمواقف طهران الداعمة للعملية السياسية ، وهناك من يشير الى وجود ابعاد مستقبلية بالقضية . فعن طريق الاقتصاد بالإمكان تطويرالعلاقات الثنائية بين الدول لتصل الى عقد تحالفات وابرام اتفاقيات امنية خدمة لمصلحة البلدين . لذلك كان استيراد حجر الارصفة من الدولة الاسلامية خطوة تاريخية تضاف الى منجزات الحكومات العراقية المتعاقبة .
اصحاب ورش حدادة الصدر في بغداد استفادوا من مصائب أهل الكيات والسايبات فحققوا مكاسب شخصية ، الاقبال على خدماتهم مستمر بوتيرة متصاعدة ، فعاصمة المطبات لا يوجد فيها شارع واحد يخلو من حفرة او منهول متروك ، باستثناء الطرق القريبة من مقار الاحزاب ومكاتب المسؤولين ، وهي بالأصل مغلقة بحواجز خرسانية يحرسها رجال اشداء من صنف "زلم الليل" مهمتهم توفير الحماية لساسة ومسؤولين ، استولوا على المباني العامة ، وحولوها الى ممتلكات شخصية .
في برنامج اذاعي محلي يعتمد اتصالات الجهور لطرح مشاكلهم ، طرح المتصلون عبر الهاتف امام مقدم البرنامج مشكلة كثرة المطبات في احياء العامرية والجامعة ، والشرطة والجهاد ، بجانب الكرخ من العاصمة ، الضيف المسؤول البلدي علق على اقوال المتصلين بجملة واحدة "المواطن يتحمل المسؤولية" ، كيف يا حضرة المسؤول؟؟ فرد بلهجة الواثق المقتدر : كل العواصم في العالم تشهد تعاونا ملحوظا من قبل سكانها باستثناء بغداد ، المواطن مطالبه تعجيزية ، يطالب بتحسين شبكات الصرف الصحي والماء الصالح للشرب ، وتبليط الشوارع ، الاجهزة البلدية عاجزة عن اداء واجباتها ، الخاتمة معروفة : قلة التخصيصات والتقشف ، وحين يرد على سؤال مقدم البرنامج حول الاهتمام بالارصفة في سنوات سابقة وصرف اموال طائلة على تجديدها يقول المسؤول : "في الحقيقة والواقع نحن نعمل بموجب خطة مدروسة ، يجب تأثيث الشارع قبل التبليط وهو جزء من التوجه الحضاري."
بنظرية التوجه الحضاري ضاعت اموال العراقيين في انشاء مشاريع توقفت بوضع حجر الاساس ونقل احتفالية الافتتاح ، عبر فضائية الدولة ، وبالتوجه الحضاري اصبحت بغداد عاصمة المطبات ، فحصلت على لقب ربما يكون هو السبب وراء عرقلة سير العملية السياسية : هوب طمس .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram