تستحق بغداد بامتياز لقب عاصمة المطبات . شوارعها الرئيسة تعاني الاهمال منذ سنوات على الرغم من تخصيص اموال طائلة قبل الدخول بمرحلة التقشف، لتعبيدها . صرفت المبالغ على اعادة ارصفتها ببلاط مستورد من الجارة ايران ، جهود الاجهزة البلدية انصبت على تجديد الارصفة لتظهربحلة "قشيبة" على حد وصف بعض المسؤولين المهتمين بجمال المدينة ونظافتها وصلاحية شوارعها لسير المركبات .
سواق المركبات على اختلاف انواعها لطالما ابدوا تذمرهم من كثرة المطبات في شوارع بغداد ، التذمر في اغلب الاحيان يكون حديثا يوميا متبادلا بين سواق الكيات وركابها ، منهم من يعزو اسباب الاهتمام بالأرصفة الى تشجيع الصناعة الايرانية ، تعبيرا عن ولاء احزاب متنفذة لمواقف طهران الداعمة للعملية السياسية ، وهناك من يشير الى وجود ابعاد مستقبلية بالقضية . فعن طريق الاقتصاد بالإمكان تطويرالعلاقات الثنائية بين الدول لتصل الى عقد تحالفات وابرام اتفاقيات امنية خدمة لمصلحة البلدين . لذلك كان استيراد حجر الارصفة من الدولة الاسلامية خطوة تاريخية تضاف الى منجزات الحكومات العراقية المتعاقبة .
اصحاب ورش حدادة الصدر في بغداد استفادوا من مصائب أهل الكيات والسايبات فحققوا مكاسب شخصية ، الاقبال على خدماتهم مستمر بوتيرة متصاعدة ، فعاصمة المطبات لا يوجد فيها شارع واحد يخلو من حفرة او منهول متروك ، باستثناء الطرق القريبة من مقار الاحزاب ومكاتب المسؤولين ، وهي بالأصل مغلقة بحواجز خرسانية يحرسها رجال اشداء من صنف "زلم الليل" مهمتهم توفير الحماية لساسة ومسؤولين ، استولوا على المباني العامة ، وحولوها الى ممتلكات شخصية .
في برنامج اذاعي محلي يعتمد اتصالات الجهور لطرح مشاكلهم ، طرح المتصلون عبر الهاتف امام مقدم البرنامج مشكلة كثرة المطبات في احياء العامرية والجامعة ، والشرطة والجهاد ، بجانب الكرخ من العاصمة ، الضيف المسؤول البلدي علق على اقوال المتصلين بجملة واحدة "المواطن يتحمل المسؤولية" ، كيف يا حضرة المسؤول؟؟ فرد بلهجة الواثق المقتدر : كل العواصم في العالم تشهد تعاونا ملحوظا من قبل سكانها باستثناء بغداد ، المواطن مطالبه تعجيزية ، يطالب بتحسين شبكات الصرف الصحي والماء الصالح للشرب ، وتبليط الشوارع ، الاجهزة البلدية عاجزة عن اداء واجباتها ، الخاتمة معروفة : قلة التخصيصات والتقشف ، وحين يرد على سؤال مقدم البرنامج حول الاهتمام بالارصفة في سنوات سابقة وصرف اموال طائلة على تجديدها يقول المسؤول : "في الحقيقة والواقع نحن نعمل بموجب خطة مدروسة ، يجب تأثيث الشارع قبل التبليط وهو جزء من التوجه الحضاري."
بنظرية التوجه الحضاري ضاعت اموال العراقيين في انشاء مشاريع توقفت بوضع حجر الاساس ونقل احتفالية الافتتاح ، عبر فضائية الدولة ، وبالتوجه الحضاري اصبحت بغداد عاصمة المطبات ، فحصلت على لقب ربما يكون هو السبب وراء عرقلة سير العملية السياسية : هوب طمس .
عاصمة المطبّات
[post-views]
نشر في: 29 يوليو, 2015: 09:01 م