اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > في الألفية الثالثة وبسبب الفقر والبطالة .. الحمار والحصان صديقان أثيران للعاطلين في ا

في الألفية الثالثة وبسبب الفقر والبطالة .. الحمار والحصان صديقان أثيران للعاطلين في ا

نشر في: 3 يناير, 2010: 05:51 م

بغداد/ شاكر المياح تصوير/ سعد الله الخالديحزمة من الظواهر الشائعة اقتحمت الحياة العراقية، منها ما كان قائما ابان حقبة الاستبداد فاقمتها العديد من العوامل كالحروب والحصارات والقمع والاضطهاد وازدياد رقعة الفقر في العراق، ومنها ما طفح على السطح بعد سقوط  النظام السابق وتنامي اعمال العنف والإرهاب والاحتراب الطائفي
 ومن هذه الظواهر تفشي البطالة بين الشباب ما الجأهم الى اقتناء العربات التي تجرها الحيوانات والتي يستخدمها هؤلاء في اعمال بعضها لا يرقى الى مستوى الحياة المعاصرة، بل هي تسحق الإنسان بدونيتها حتى أضحى الحمار والحصان وفي أحياء كثيرة من مدينة بغداد صديقين لا يملهما الشباب وربما الكهول أيضاً. استيقظت ذات صباح على قرع بقضيب حديدي على قناني الغاز وصوت يتعالى مناديا (بستالاف قنينة الغاز.. بستالاف قنينة الغاز)، وبعد ان أزلت عن وجهي آثار الليل الفائت فتحت الباب فرأيت شابا عشرينياً يقذف بقناني الغاز من عربته التي يسحبها حمار ابيض فسألته عن منطقته فأجابني بانه من سكنة حي الاورفلي القريب من مدينة الصدر وان اسمه عبد الخالق، قلت له: كم مضى عليك وأنت تمارس هذا العمل؟ ليس كثيرا هي أربع سنوات، ولولا فقر الحال وضيق ذات اليد لما بقيت على ظهر هذه العربة البائسة أجول بين الحارات والأزقة في حر الصيف وبرد الشتاء وفي آخر المطاف وعند عودتي من تلك الجولات تكون الحصيلة 10-15 الف دينار استقطع منها ألفي دينار علفا لحماري المسكين.* وبكم اشتريته؟- لم اشتره، بل اشتريت أمه التي ولدته بثلاثمائة الف دينار. حينما كللت من طرق الأبواب للحصول على فرصة عمل، ولما يئست اضطررت الى بيع الغاز.* حسنا هل انت متزوج؟- نعم وامرأتي حامل.* ما هو تحصيلك الدراسي؟- أنهيت الدراسة المتوسطة، ولما توفي والدي اضطررت الى ترك الدراسة والانصراف الى إعالة عائلتي كوني المعيل الوحيد لها بعد وفاة والدي.نحن وعالمنا المتحركها نحن على عتبة العقد الثاني من الألفية الثالثة، والعالم من حولنا يكاد يتحرك بسرعة الضوء، وهو في هذه الحركة يبتكر الأشياء والتقنيات في كل ساعة،لا بل وفي كل دقيقة وثانية ونحن نتراجع الى الوراء، الى عصور العماء والتخلف من دون ان نعي تلك الحركة المدهشة والغالبة، ومن دون ان نتعظ منها ونستلهم الدروس والعبر، سادرين في تشوهات وعينا وموروثاتنا التي ما جنينا منها سوى البؤس والموت، شوارع عاصمتنا تزخر بالعربات الخشبية والحديدية التي تجرها الحمير والخيول الجائعة يعتلي صهواتها شباب وفتية ويافعون يجوبون فيها الطرقات بحثا عن لقمة تدرأ عنهم وعن حيواناتهم غائلة الجوع، ذلك لان البطالة تضرب أطنابها بين أوساط الشباب.في يوم مطير كنت اسير خلف عربة بحوض معدني مخصص لنقل النفط الأبيض يجرها حمار وفجأة انزلق حافره الأيمن فانثنى قائمه ومال على جنبه، وبسرعة هب صاحبه واخذ يرفع ساق الحمار ولما لم يكن بمستطاعه فعل ذلك لوحده استنجد بمن كانوا يقفون على الرصيف الترابي، أوقفت سيارتي ودنوت منه بعد ان وقف حماره على قوائمه الأربع: كان شابا مفتول العضل في منتصف العقد الثالث من عمره سألته عن اسمه فقال اسمي احمد.* كم يبلغ وزن هذا الصهريج الصغير؟- لا ادري ربما أربعمائة كيلو غرام.* هل لديك حمار غيره؟- لا هو ذخري وخزينتي في هذه الدنيا الفانية، ولم لا تشفق فتحمله ما لا يطيق؟ماذا افعل وهو عدتي في كسب قوت يومي؟ بعدما ضن الزمن علينا فلم نجد وسيلة نعتاش عليها سوى العربة والحمار وهي ارخص وأسهل من جميع الوسائل الأخرى التي ربما تحتاج الى رأسمال ومبالغ طائلة في الوقت الذي لم تكلفني هذه العربة سوى 450 الف دينار والدراسة؟ تركتها مرغما فضغوط الحياة تزداد يوما بعد آخر لاسيما وان الإيجار يزيد من خناقه علينا.في شارع السعدون أبصرت عربة يسحبها حصان متوقفة وصاحبها الكهل يفرغ النفط في صفيحة معدنية تعود لشاب وقف إزاءه، ولما اقتربت منه وجدت ان إحدى عيني الحصان مفقوءه.* لم حصانك بعين واحدة يا أبا جاسم؟- كنت أسير خلف سيارة حمل صغيرة (بيكب) محملة (بشيش تسليح) فتوقفت بشكل مفاجئ، ولما كنت قريبا جدا منها لم استطع إيقاف العربة الا بعد ان دخل احد القضبان في عين حصاني الذي اخذ يصهل صهيلا عاليا والدماء تسيل من عينه التي فقأها ذلك الشيش اللعين فأحرقت قطعة قماش وكمدت رمادها في العين المصابة ثم عصبتها، ومنذ ذلك الحين وحصاني الحبيب اعور، ونحن نجوب منطقة الحميدية لمحنا مجموعة من الخيول الضامرة والحمير المربوطة، ولما سألنا احد مالكيها واسمه عبد النبي:* هل هذه الخيول والحمير تعود لك وحدك؟- لا، انا امتلك حماراً وحصاناً فقط، الحمار لعربة احمل فيها السكراب والحديد الصدئ وكل ما هو عتيق، اما الحصان فهو لعربة اكبر مخصصة لنقل المواد الإنشائية.* متى اشتريته؟- هذا الحصان ما زال يرافقني منذ اكثر من تسع سنوات ومن فرط اعتزازي به أسميته عصفورا كنت قد اشتريته بتسعمائة الف دينار من احد اسطبلات خيول السباق، وفي حينه قيل لي بانه أصيب بعوق في إحدى جولات السباق، واسترسل قائلا: ازداد الاقبال على اقتناء الخيول والحمير بسبب تفشي البطالة وخاصة بين الشباب الذين لم تتح لهم اية فرصة من فرص العمل فيضطرون الى اقتناء العربات التي يستخدمونها في بيع النفط او الغاز او شراء الطحين

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram