بعد مرور خمسة وعشرين عاما، مازال العراقيون يشعرون بحرارة حادث الثاني من آب عام 1990 يوم غزا النظام السابق الجارة الشقيقة الكويت فسقط بالضربة القاضية ما كان يعرف بالمشروع القومي النهضوي ، مرور ربع قرن على الحدث افرز تداعيات في المنطقة ، داعمو" القزو " من وجهة نظر الاشقاء الكويتيين دفعوا الثمن بفقدان وظائفهم في الكويت ، وحرمان بلدانهم من المساعدات المالية الكويتية ، أما العراق فتعرض لعاصفة الصحراء ، فشن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة حربا على العراق دمرت بنيته التحتية بالكامل ، وقبل ذلك فرضت الامم المتحدة بموجب البند السابع الحصار الاقتصادي ، فدفع العراقيون ثمن حماقات القيادة الحكيمة ، فيما ابدى بعض العربان دعاة المشروع النهضوي تضامنهم مع الشعب العراقي في محاولة لإحياء اكذوبة لطالما كانت السبب الرئيس في حصول النكبات والازمات ، حين يرتفع صوت المطبلين للحمقى ، بجعلهم رموزا تاريخية تمتلك وحدها صفة قيادة الامة .
الثاني من آب لم يكن حدثا عابرا ، كان بداية دخول المنطقة في صراعات ، وتعزيز تواجد القوات الاجنبية الاميركية في قواعد عسكرية في دول مجاورة للعراق ، بانتهاء عاصفة الصحراء واعلان تحرير الكويت بالكامل من الغزو العراقي ، توجه النظام لإجهاض انتفاضة شعبية ، فجعل البلاد تطفو على مقابر جماعية ، مع استمرار العقوبات الاقتصادية ، وتدمير المنشآت العسكرية ، وصلت فرق الامم المتحدة الى البلاد ، لتشرف على تدمير المنشآت العسكرية : القعقاع وحطين والقادسية وغيرها، كان ضمن الفريق صحفي ياباني يجيد اللغة العربية كتب في جريدة إمارتية قصة صحفية تناولت رحلته ومشاهداته بعدة حلقات ، ابرز ما ورد فيها انه قدّر خسائر العراق المالية جراء تدمير منشآته بمبالغ طائلة تكفي لتبليط شوارع المدن العراقية بالذهب ، الصحفي الياباني ذكر ارقاما خرافية كانت كافية لجعل العراقيين اغنى شعوب دول العالم ،وابدى اسفه الشديد لضياع ثروة العراقيين بإنفاقها على انشاء مشاريع عسكرية عملاقة دمرت بالكامل ، بصب السمنت في ورش تصنيع الذخيرة ومختلف الاسلحة.
الصحفي الياباني زار العراق مرة واحدة ولم يغامر بالعودة ، فهو ليس من دعاة المشروع النهضوي فضلا عن ذلك كان يخشى التعرض لاستجواب ثم التعرض للاعتقال لنشره سلسلة مقالات تستعرض حجم تبديد الاموال على انشاء ترسانة عسكرية دمرت بالكامل بقرار اممي وبحضور مسؤولين ورجال أمن .
النكبات في المنطقة العربية بدءا من نكبة الخامس من حزيران الى اندلاع الحرب العراقية الايرانية ثم غزو الكويت الى الاحتلال الاميركي للعراق الى سقوط نينوى اسبابها معروفة ولا تحتاج الى صحفي ياباني شجاع يكشف اسرارها ، القيادة الحكيمة سواء في العراق او في بلد آخر مازالت تحتفظ بالسلطة عن طريق الوراثة او عبر صناديق الاقتراع بقانون انتخابي مفصّل على مقاسات القوى صاحبة النفوذ ، والخدمة الجهادية ، فشلت في كل شيء لكنها نجحت في ارتكاب الحماقات .
2 آب اللهاب
[post-views]
نشر في: 3 أغسطس, 2015: 09:01 م