ها نحن أصبحنا في اليوم الخامس من آب ، لعله الفرصة الوحيدة التي نلتقط خلالها أنفاسنا لنُمعِن النظر في مرآة ذكرياتنا ملاذنا الوحيد للتطلّع الى سني الولادة والآمال العسيرة برغم المعاناة التي واجهناها وطعنات الحزن المتوالية وهي ترسم خنادق القلق في وجوهنا مخبّئة فرط الدمع كمداً لجراحات وطن عساها تندمل في أعقاب فجر التحرير، وإذا بنا نتيه بأحلامنا، ونُصدَم بأهوال الزمن الأغبر !
ليس إيغالاً بالواقع المرير، ولا تشاؤماً بما ينتظرنا، كانت انطلاقة المدى في الأعوام الأولى بمثابة ناقوس الخطر لأدعياء العمل المهني وقد صنعوا من منتوج صاحبة الجلالة بضائع رخيصة لمنافسة دكاكين الشورجة! ونشزوا كثيراً وباعوا ذمماً أكثر حتى افتضحت النوايا وهربوا غير مأسوف عليهم لتبقى المدى واخواتها ينعمن بنسيم الحرية المنضبطة ويقدمن دروساً ليست بالمجان دفعن ضريبتها تهديداً بالقتل وتنكيلاً بالسمعة وقذفاً بالصواريخ كاد احدها يفقدنا مدير ادارة الجريدة الذي نجا بعناية الله بعد استهداف مقرها.
يوم تأسيس المدى يعيدنا الى اجواء السنين المارات ونحن نتحسّر على مفارقات لم تزل تمسك ذاكرتنا ووجوه تعلقنا بها وسلوكيات بريئة لم تعرف تقمّص دور النعامة مثلما تظاهر البعض من "عابري" سبيل الصحافة قبل ان تغريهم فروات الأسود والنمور لينزعوا جلود انسانيتهم ويذكوا نيران الشياطين في أروقة المهنة محاولين بين الفينة والأخرى التهجّم بعدوانية شرسة على كل مَن سار في درب النزاهة والعفة والحكمة.
عيد التأسيس الأغر اليوم صورة جديدة لابد ان نتمعن فيها لنحصي الأخطاء بهدف التصحيح ونعدّل مسارات القناعة بآليات العمل والتواصل مع المتغيرات بمن يحيط بنا، فالإنسان حباه الله بالعقل ليواكب الحداثة ولا يراوح كقطعة جماد معفّرة بغبار السنين، ولهذا انتهجت هيئة التحرير خططاً فاعلة للمحافظة على ما بلغته المدى في مستويات التقييم المهني بين زميلاتها، واستقطبت امكانات شبابية خلوقة إمتد عطاؤها الى بقية مشاريع المؤسسة (التلفاز والاذاعة والوكالة الاخبارية) لتؤكد المدى انها ولودة بالمبدعين وحاضنة للمجتهدين وراعية للخطاب الوطني الموجوع بهموم المواطن البسيط الذي توالت عليه طعنات الفاسدين ممن افتضحت نواياهم ولم يبق وقت طويل ليساقوا الى قضبان العدالة.
اسرتنا الصغيرة هنا لم تزل ترنو لرؤية الأحبة ممن كانوا يعيشون معنا كل الوقت قبل ان يغادروا الصحيفة واقسامها التي تنتشي الى اليوم بعطرهم وكركراتهم ومجادلاتهم، فقد غابوا عنها اجساداً لكن بصماتهم ظلت كالندبات على ظهور قلوبهم المرهفة بالحب للجميع، أثروا بأخلاقهم ومهنيتهم وصدقهم الكثير من معاني الوفاء لبيت المدى وهم يقابلوننا المشاعر ذاتها كلما دنا الحديث عن ذكريات أفراحهم وأحزانهم.
واذا كان للعرفان لسان، لنطق على الفور بالشكر لكل من أسهم في نجاح القسم الرياضي وقدم له الدعم المعنوي منذ الساعات الأولى لانطلاق رسالته الرياضية في الخامس من آب عام 2003 ، فالمحطات المضيئة في رحلة المدى لم تترك مساحة مظلمة في الرياضة إلا وسلطت الضوء عليها لإنصاف المجتهدين وفضح المتكاسلين إيماناً بدور الإعلام رفيقاً حميماً للرياضة ونصوحاً مخلصاً لقادتها ورقيباً نزيهاً على المارقين.
نتمنى ان نتواصل في "مدانا" الى اقصى سوح الرياضة في بلدنا وخارجه، وهي تجربة أعتز بها أيما اعتزاز بمصاحبة زميلي وأخي الوفي حيدر مدلول الذي يواصل عمله بتفانٍ قلّ نظيره متحمّلاً أعباء السفر اليومي من بيته خارج العاصمة الى مقر العمل منذ عام التأسيس حتى الآن يدفعه حب المهنة وعشق التحديات ليكون الحدث الرياضي صباح كل يوم (صُنع في المدى)، وسعادتنا لا سقوف لها ونحن نحتضن الزميل محمد الخفاجي أحد الصحفيين الشباب الذين نتوّسم فيه مشروعاً صحفياً ناجحاً ومعمّداً بالكفاءة ، ضارباً مثلاً حسناً باحترام اخلاقيات المهنة التي خرج عن كنفها البعض من أبناء جيله بلا رقيب ، وأقف باحترام واعتزاز لشيخ التدقيق اللغوي الزميل محمد السعدي (75) سنة وهو يكمل عامه السادس والثلاثين في رحاب الصحافة الرياضية بلا منافس في العطاء ومدة الخدمة، ويشكل حضوره عاملاً رئيساً لنجاحات القسم الرياضي سواء في الملحق اليومي أو مجلة حوار سبورت .
مبارك عيد المدى .. وهنيئاً لمن يجمع شملنا ويعضّد أملنا في وطن يكتب تاريخه الجديد بمداد السلام والأمان.
التأسيس الأغر.. والزمن الأغبر!
[post-views]
نشر في: 4 أغسطس, 2015: 09:01 م