واصلت الكتابة في ثقافية صحيفتنا الأثيرة ( المدى ) منذ سنوات ، وكنت وفية طوال هذا الزمن لها و لحريتي في قول ما أشاء وقتما أشاء في شرفة الحرية هذه التي اطلقت عليها إسم ( قناديل) ، وَقد أغنتني هذه التجربة شخصيا حيث أعلنت اسئلتي عن عالمنا بخاصة في مقاربة
واصلت الكتابة في ثقافية صحيفتنا الأثيرة ( المدى ) منذ سنوات ، وكنت وفية طوال هذا الزمن لها و لحريتي في قول ما أشاء وقتما أشاء في شرفة الحرية هذه التي اطلقت عليها إسم ( قناديل) ، وَقد أغنتني هذه التجربة شخصيا حيث أعلنت اسئلتي عن عالمنا بخاصة في مقاربة القضايا التي تمثل تحديات كبرى في زمننا كمعضلة الهوية والحب والحرية والإبداع وصعود التعصب والعنصرية والخشية على مستقبلنا الانساني من غول التراجع والتخلف وتسلط الفكر الماضوي وانني ادين للمدى بهذا القدر من الخبرات والتجارب والكتابة في مواضيع فكرية شتى .
المدى بيتي البغدادي بعد ان هجرت بيتي وهي ملاذي العراقي بعد ان تغربت في بلاد مختلفة ، وكلما فكرت في بيت اعده ملجأ من مفاجآت الزمان تسطع أمامي المدى التي احب وافخر انني احدى كاتباتها المخلصات المواظبات على المثول في أيامها الثرية بالتجدد والجمال .
المدى افق حر مفتوح بحجم جريدة وصيغة حرية بملامح بلاد نراها في أحلامنا وآمالنا متنعمة بالحرية التي لبثنا ننتظرها دهورا في عقم الزمان فهيأت لنا المدى مساحة رحبة عززت فيها نبرة الحرية في كلماتنا وأفكارنا وإبداعنا..
سبق لي أن نشرت على مدى عقود في صحف عراقية وعربية كثيرة ، أعمدة اسبوعية ومقالات ونصوصا، وحينها كنت أرهف السمع لصوت الرقيب المتربص بي في داخلي وخارج ذاتي و اسمعه يلوح لي بالويل إن أنا تجاوزت بعض خطوط حمر يخشاها مدراء ومحررون ومشرفون في تلك الصحف ،وكنت أصون فكرتي برموز واستعارات شتى لئلا يقنص الفكرة الحرة متربص بالكلمات والافكار، اما في المدى ، أما في مداها الثقافي الذي منحني حرية الاطلالة من احدى شرفاته في عمودي ( قناديل ) فاني أحضر بصوتي العالي وجرأة كلماتي وافكاري و بكل الوان الطيف التي كانت محظورة او محرمة بعد أن خرس ذلك الرقيب اللئيم وما عاد قادرا على تهديد العبارة او ملاحقة الفكرة الجامحة لأني تحررت منه عندما كفلت المدى حريتي ضمن شرفتي الخاصة في قصرها الوارف ، كان الرقيب المتخفي يقاسمنا أهواءنا وأحلامنا ويتنصت على رغباتنا وفكرتنا الجامحة ويرسم على حذرنا قيودا تحد من انطلاقة الفكرة ،وتبدلت الحال عندما منحتني المدى بكرمها الوافر هذه الشرفة الانيقة ..
تبقى المدى شعلة حريتنا التي يليق بها اسمها وتليق به فرادتها وتميزها بين الصحف العراقية هي التي اوجدت تقاليد صحفية رصينة ضمن واقع لا يأبه بتراكم الخبرات وتطور الصحافة الثقافية بخاصة ، فلتدم هذه الواحة الانيقة الجميلة ولتتسع أبعد وأبعد مما نتوقع لتفاجئنا دوما بالتجدد وسياقات الجمال التي لا حدود لها ولتجازف بتقديم صيغ مبهرة للصحافة بملاحقها الثرية وصفحاتها المتخصصة ونحن نجازف معها من أجل حريتها وحريتنا جميعا فبدون المجازفة لا تترسخ الحرية وبدون حرية لا يكون شهيا مذاق الحياة ولا تكون البلاد بلادا فقد اتخمت من كونها ضحية وتوجعت الحرية من كونها طريدة في هذا العراق - كل عام والمدى يتسع مداها وتتعدد شرفاتها المضيئة وتكرس تقاليدها الرصينة وتعزز الأمل وسط فوضى تحيط بها وبنا من كل الجهات ..اجمل التهاني لفرسان المدى الذين يديمون بهاءها ويسهرون من اجل مداها الجميل كل ليلة..