TOP

جريدة المدى > سينما > بين الرواية والفيلم.. ماذا فعلتَ بروايتي؟

بين الرواية والفيلم.. ماذا فعلتَ بروايتي؟

نشر في: 6 أغسطس, 2015: 12:01 ص

لم يكن "الخريج" استثناءً في تليين شخصية بطله على الشاشة. في بعض الأحيان، يكون صانعو الأفلام مهتمين بالقيام بذلك بدافع تجاري، للحصول على جمهور أوسع. قد يكون ذلك صحيحا في أحيان، لكن هناك أيضا اختلافا في الطريقة التي يُستهلَك بها فيلم ما. (( عندما تقرأ،

لم يكن "الخريج" استثناءً في تليين شخصية بطله على الشاشة. في بعض الأحيان، يكون صانعو الأفلام مهتمين بالقيام بذلك بدافع تجاري، للحصول على جمهور أوسع. قد يكون ذلك صحيحا في أحيان، لكن هناك أيضا اختلافا في الطريقة التي يُستهلَك بها فيلم ما. (( عندما تقرأ، تصبح جزئيا الشخصية الرئيسية، ثمة منطقة رمادية بين صوتك والصوت الذي على الصفحة، )) يقول آيود، (( لكن في الفيلم، عندما ترى على الشاشة أحدا ما، الذي من الواضح انه ليس أنت، ثمة آخرية مادية – تقرر نوعا ما إن كان يمتعك أن تكون برفقة ذلك الشخص.))
الآخرية المادية، تتصاعد فقط حين يكون الممثل البطل نجما، نعرف أنه خارج السينما شخص شهير الى حد كبير، ثري وله حياة عاطفية معقدة. كم من الجهد نطلب من المشاهد ليقيم اتصالا عاطفيا مع شخصية يلعب دورها توم كروز؟ نحن، أيضا، أقل تسامحا مع شخصيات على الشاشة. يعبّر عن ذلك آيود: (( أعتقد ان هناك مسحة بيوريتانية في معظم الأفلام. الشر يجب أن يُعاقَب. )) كقاعدة، كل الأحداث على الشاشة الكبيرة - شريرة كانت أو لم تكن – تحظى برد فعل مناسب. لا يسمح لصنّاع الفيلم بسهولة باستخدام الحرية الأدبية للمؤلف: لندع القارئ يقرر.
في "امريكان سايكو"، الرواية، يُوحى الينا أن جرائم القتل التي يرتكبها باتريك بيتمان يمكن ان تكون كلها من بنات خياله. مشاهد الرعب- الجنس الضارية في كلا الأمرين، في الواقع والخيال، هي مزعجة. نحن ننسجم فقط مع عنف الكتاب لأن هناك صمامات أمان لعدم لموثوقية. في الفيلم، نواجه درجة أكثر نعومة بكثير للسَّيكوباتي. يبدو هذا أشبه بقرار حسّاس بما أن الغموض، في الفيلم، يكون عسيرا على التأكيد. شخصية كريستيان بيل لم تكن أبدا مشوشة أو معقدة كما هي في الكتاب. عند نهاية الفيلم، يُعرَض علينا منفذ – الم يكن كل هذا في عقله فقط؟ – لكن تلك اللحظة تبدو احتيالا أكثر منها سؤالا حقيقيا.
فيلم آلفرد هيتشكوك عام 1950، "ستيج فرايت"، تعرّض للنقد بسبب ما اصبح معروفا بـ ’’ الفلاش باك الكاذب ‘‘ – فلاش باك طويل عن جريمة قتل، نعرف فيما بعد انها غير حقيقية. احسّ المشاهدون انهم اُستغفِلوا، ولم يكن هذا في صالح الفيلم. متحدثا الى فرانسوا تريفو، قال هيتشكوك: ((في الأفلام، لا يعترض الناس أبدا إن رأوا شخصا يروي أكاذيبا. وهو أيضا أمر مقبول إن روت شخصية ما قصة من الماضي، لأن الفلاش باك سيعرضها كما لوكانت تدورفي الحاضر. إذن لماذا لا يمكننا أن نروي كذبا عبْر الفلاش باك؟ ))
حتى عندما يكون الفيلم ملتبسا بقوة، مثل "ذي شايننغ" كوبريك، يظل المشاهد يرغب بحقيقة موضوعية. ربما هي مادية الفيلم – فكرة أن الرؤية هي التصديق. الفيلم الوثائقي "الغرفة 237" هو خزانة عرض للطرق الوافرة التي بسط فيها الناس الواقع في محاولة للعثور على معنى واضح في " ذي شايننغ ". أغلب المعلقين على الفيلم يبدأون بالقول أنهم عندما شاهدوه أول مرة لم يستمتعوا به، لم يكن مفهوما. بعد حين فقط، أدركوا رسالته الحقيقية: هو اعتذار كوبريك عن تزييف الهبوط على القمر، أو استعارة عن إبادة سكان امريكا الأصليين، أو أداة نقل لرسالة جنسية دون الوعي. في "ذي شايننغ"، عمق تركيز الكاميرا يضيف الإحساس بأنه لا بد ان هناك خطة إخراجية كبيرة في العمل: كل موضوع يتوهج بمغزى معين. وحين شاهدت " الغرفة 237 "، آمنت، على التعاقب، بكل نظرية من نظريات المؤامرة تلك.
إنها واحدة من المتع مشاهدة قصة ما تثب من بين الوسائط – محاولة لتخمين ثاني للمنطق، أو، بطريقة أخرى، ما يكمن خلف كل قرار. في المهرجان، سنعرض في برايدبورت " ذي شايننغ " في فندق مهجور على قمة جرف. جان هارلان، اليد اليمنى لكوبريك في الفيلم، سيكون هناك للإجابة على الأسئلة. حينها، على الأقل، يمكننا في النهاية اكتشاف أي من نظرياتنا المعتوهة هي الصحيحة.
في بعض الحالات، حتى النص الأصلي يكون غير واثق من نفسه. لأجل فيلمه الثاني، يعمل آيود مع آفي كورين لاقتباس " المثل" لدوستويفسكي ( الخطوة التالية بعد العمل على واحدة من رواياتي ). هي قصة عن رجل يُربَك باكتشاف ان طيفه الأكثر كاريزمية يعمل في نفس المكتب الذي يعمل هو فيه. يقول لي آيود ان ما هو غير عادي حول "المثل" هو أن دوستويفسكي لم يكتب لها أبدا أي نهاية كان راضيا عنها. سألت آيود إن كان ذلك سوف لا يجعل الحياة أسهل، بما أنه يلغي اية مشكلة عن معصومية المؤلف؟ )) (( أجل، )) أجاب آيود، (( سنساعد فيودور على وضعها بشكل صحيح هذه المرة. ))

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram