لا أدري هل هو نوع من الاستسلام لنظرية التعذيب وجلد الذات ( بعيدا عن تفسيرات المازوخية التي تقتصر على الجنس ) .. ان تظل عالقا بمشيمة الوطن حتى بعد مغادرته ؟ يعني ، ان تصبح في العراق ، وتمسي فيه ، تتلمس جدران بيوته ، وتتسمع لنجوى اهله ، وأنت البعيد عنه وعنهم ، بينك وبينهم آلاف الفراسخ ، تفصلك عن مرابعهم بحورا وأنهارا ، سلاسل جبال ، سهولا وصحارى.
هل هو نوع من مرض مستعص لا علاج له ولا شفاء منه إلا بمغادرة الروح للجسد ؟
ربما ..
وإلا.. فكيف تفسر وضع العراقي المغترب في بلدان الإقامة ( الاغتراب ) ، وأمامه وفي متناول رغباته كل متع اهل الإرض : من متاع ميسور ،وطعام موفور ، وشراب بلا شوائب غير محظور ، التنقل آمن ومكفول ، متنزهات مزدانة ، حدائق على مد البصر ، مكتبات ومكاتب عامرة بآخر ما تفتقت عنه الأذهان ، دور سينما تعرض آخر ما أنتج من أفلام ، مسارح غاصة بالعروض الخلابة . مخازن مزدانة بكل ما تشتهي الأنفس ، و…و… كل تلك المتع وعشرات غيرها يعافها العراقي ويشيح عنها ، ليجلس مقهورا ، متسمرا أمام وسائل الإعلام . المقروءة والمسموعة والمرئية — يبحث عن خبر ، ولو مضغة خبر عن عراق ، عاد إليه الإمان ، وسلم اهله من شرور الفقر والخوف والمرض و التهجير والتفجير ، وخلا من مغتنمي الفرص لاستلاب المزيد من المكاسب .
مفزعة الشواهد المرئية حد اللعنة ، والأرقام المرعبة تتواتر تباعا حد ان يشك المرء في صحتها ، ففي محافظة واحدة ، هناك اكثر من الف وخمس مئة - مابين روضة اطفال ومدرسة ،وكلية دمرت كليا او جزئيا ، وتحتاج لسنوات وسنوات ووفر من الأموال ، والجهود المخلصة لإعادة عمرانها وتأهيلها ..والأمثلة - هنا - تضرب ويصح عليها القياس…
بلى .. في زمن مفترس كهذا ،،، لا عجب وغيوم الصيف في آب اللهاب تمطر شواظّ من عذاب ، تسبقها عواصف ترابية ، تصاحبها زوابع رعدية … فهل بين القابعين على عرش العراق من نذير ؟!
غيوم الصيف، تمطر!
[post-views]
نشر في: 5 أغسطس, 2015: 09:01 م