يصر الفنان التشكيلي اياد الزبيدي في تقديم منجزه الفني بالطريقة التي يراها تنتمي الى الوحدة الموضوعية المتنامية مع كل الاشكال المعمول عليها ، واعني هنا ، تركيزه على ثيمات مزدحمة دفعة واحدة في كل لوحة ، الأمر الذي جعل العمل الفني لديه يقف عند منطقة الس
يصر الفنان التشكيلي اياد الزبيدي في تقديم منجزه الفني بالطريقة التي يراها تنتمي الى الوحدة الموضوعية المتنامية مع كل الاشكال المعمول عليها ، واعني هنا ، تركيزه على ثيمات مزدحمة دفعة واحدة في كل لوحة ، الأمر الذي جعل العمل الفني لديه يقف عند منطقة السؤال النقدي لدى المتلقي المختص ، الى أي مدى يمكن الوصول الى تجربة فيها تراكم لوني وموضوعي معا .. ؟
الفنان اياد الزبيدي في معرضه الشخصي العاشر و الأخير الذي اقامه في قاعة (ود ) للفنون في مدينة الحلة والمعنون بـ(أمنيات عراقية) نهاية شهر نيسان الماضي لهذا العام ، هو تجربة معادة لما قدمه في معرض سابق في القاعة ذاتها قبل مواسم قريبة ، لا أعرف ان كانت هواجس الفنان تدور في مخيلة واحدة ازاء التكرار الحاصل في تجربته ، أم ان هناك ثيمات دقيقة لم نكتشفها ، أحسب انه اشتغل على حرفية الاداء اللوني في كل لوحة على غرار البهرجة اللونية التي تجذب المتلقي ، غير ان حقيقة الفن التشكيلي تبحث دائما عن القراءات الموضوعية التي تبنى عليها قصدية العمل الفني ذاته ، حتى ان استنطاق الحس الجمالي على المرموزات المثولوجية ، انطوت على تداخل مع آليات البناء الموروثي الذي يسحبنا المتن الحكائي للنص ولكن بالطريقة اللونية ، بالمقابل نمسك بعض الاشكال التي اشتغل عليها وهي تكشف عن قراءة وافية للطبيعة وفضاءات المكان ، والمكان حين يقدم نفسه في أي عمل يقرا من خلال ما اشتغل عليه كأداء موضوعي كالنخيل والانهار والازهار والطيور ، وما الى ذلك ، ومن جهة أخرى تأخذنا بعض اللوحات الى استحضار التراث وقراءة الاشكال المعمولة داخل فضاءاته ، وتسجب كل الطرز والدقائق الفنية (المنمنمات) في بوتقة واحدة ..
صحيح انها اعمال تنتمي الى ابعاد جمالية لها توازن عياني واضح ، او ان العين تقبلها للوهلة الاولى ، لكن عليها ان لاتكون جميها في زحمة واحدة ، ليتسنى للقارئ او المتلقي معرفة مدى امساك الفنان طريقته الفنية بأسلوب واحد .. وهذا ما حصل في لوحات المعرض ، كما ان عملية استحضار التاريخ من خلال رسم الاشكال ، يعد عملية دقيقة جدا في قراءة البعد الجمالي وطريقة طرحه بالشكل الذي يلائم دقائق التاريخ وابعاده الاجتماعية والسياسية والنفسية ، حتى اننا حين نشاهد أي شكل من اشكال الحضارت الرافدينية فيتبادر للذهن انها بنيت على غرار صناعة سياسية لها ابعادها الجمالية الخاصة ، اياد الزبيدي قدم الاشكال كلها بالشكل الذي مازج فيه طرق الاشتغال الفني الحديث لكل شكل ، فالمرأة ـ مثلا ـ رسمت بأبعاد اسطورية (في مناطق متباعدة)، لكن اسقط عليها شكلا تجريديا معاصراً ، وهذا التداخل لابد من تبرير فني اعتمد عليه الفنان ..
لذا ، كانت لنا وقفة سريعة مع اياد الزبيدي ونحن نتجول في قاعة العرض للحديث عن اعماله التي وجدت فيها تناظرا كبيرا وواضحا مع اعماله السابقة ، كانت اجابته (اني ابحث عن اسلوب فني خاص أعرف فيه )، وهذه مسألة طبيعية ازاء ما يقدمه كل فنان في تقديم مشروعه ..
(أمنيات عراقية)، معرض أريد له قراءة أخرى داخل كل لوحة ، فالفنان أشار الى ذلك من خلال ما كتبه على (الفولدر ) قائلا:( منذ خمسين عاما أتمنى وأحلم في وطن الرافدين أخضر زاهٍ نعيش فيه بانسانية ومحبة خالٍ من الحقد والقتل والدمار)، فكانت الاستعانة بالالوان وبطرق الاداء الفني قد ساهمت في شحن كل المشاعر والاحاسيس دفعة واحدة للتعبير عن ذلك..
ككل، قدمت لوحات المعرض ايقاعات رافدينية بحتة من خلال استحضار (المرأة .. الطائر .. النخلة .. الشجرة ..النهر .. الآلة الموسيقية ، وغيرها ) ، وهذا ما اشار له العديد من اصحاب الشأن ، وربما الآراء تقترب او تبتعد ، لكن المشروع الفني يحسب للفنان مهما كانت اعماه قريبة من المتلقي أم بعيدة ، وسننتظر من اياد الزبيدي في القادم من التجارب المزيد من التجارب التي تعطي لونا جديدا من ابداعاته المتواصلة .