TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نص.. ونص

نص.. ونص

نشر في: 7 أغسطس, 2015: 09:01 م

لشدة يأسهم من تغيير الاوضاع في العراق ومن تكالب السارقين عليه ،يصادفني كثير من الناس يرتضون بأن يحكمنا مسؤولون يضعون نصف المال في جيوبهم ويخدمون العراق بالنصف المتبقي منه ..ربما هو اليأس ايضا من العثور على مسؤول شريف يخدم العراق بكل مايقع تحت يديه من المال العام بعد ان صارت القاعدة هي سرقة المال العام والشذوذ هو المحافظة عليه ...
مايحدث مع اموال العراق حاليا يذكرني بقصة مديرة المدرسة الابتدائية التي طلبت من المعلمات التبرع بمبلغ (5000) دينار لغرض إعداد فطور لائق بالسيد المشرف التربوي الذي سيزور المدرسة ..ولم تتخلف اي واحدة منهن بالطبع عن التبرع خوفا من صفة الغدرالمعروفة في شخصية تلك المديرة المتسلطة ، ولأن عدد المعلمات كان كبيرا فقد صار يمكن شراء خروف صغير وذبحه وشيه ووضعه على مائدة المشرف مع بعض المقبلات اللبنانية زيادة في كرم الضيافة ..تصورت المعلمات ان ماسيتبقى من المائدة العامرة مهما ضمت من مأكولات سيكفي لاطعامهن جميعا بعد مغادرة السيد المشرف وهو ممتلئ المعدة وراض عن المدرسة ، لكن الصدمة التي لم تتوقعها المعلمات هي اختصار الفطور الى صينية متوسطة الحجم من (الكباب المشوي ) لم تكلف اكثر من عشرين الف دينار مع القليل من الطرشي العادي وقنينة بيبسي كولا ، ولولا وجود الدولمة والبرياني المعد في منازل المعلمات لاكتفت المديرة بوضع الطعام على طاولة صغيرة..
بحساب بسيط ، تبين ان المديرة استغلت اقل من نصف ربع المبلغ المتبرع به لشراء فطور المشرف بينما (لغفت ) الباقي امام اعين الجميع ولم تفكر حتى في شراء ساندويتشات عادية لإسكات المعلمات والتهمت هي ومعاوناتها ماتبقى من فطور السيد المشرف بينما لزمت المعلمات جانب الصمت الرهيب ، وحتى حين انبرت احداهن لمعاتبتها ، قالت ببساطة انها انفقت الباقي على تصليح انابيب الماء في دورات المياه رغم ان تصليحها لايكلف اكثر من عشرة آلاف دينار ..
اذن ، لم تفكر المديرة حتى في انفاق نصف المال على كادر المدرسة و(لغف ) الباقي ولن يهمها طبعا رأيهم في سياستها فقد ضمنت رضا السيد المشرف وكانت قد ضمنت صمت كادرهاعلى الدوام خوفا من العقوبات ...بهذه الطريقة يفكر المسؤول الذي تقع يده على مال عام فهو يضع الجزء الاكبر في جيوبه وينثر الباقي على مشاريع صغيرة او وهمية وهو مااكدته الدكتورة ماجدة التميمي عضو اللجنة المالية في لقاء تلفزيوني حين قالت ان مليارات الدنانير تم انفاقها على المشاريع المتلكئة دون ان تكتمل فكل من يستلم مالا مخصصا لمشروع ما ، يأخذ مايعادل 25% وربما اكثر من قيمة المشروع ولايكمله ، وهكذا هدرت الاموال وانتعشت جيوب المسؤولين ودفع المواطن الثمن ... ورغم ذلك نجد من يرضى بأن يحكمنا مسؤول يسرق نصف المال وينفق الباقي على الشعب ..انه اليأس الحقيقي اذن من العثور على مسؤول عراقي شريف !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram