لم يسبق للمرجعية العليا ان نادت الشعب العراقي ليساند حاكما مثلما فعلت البارحة مع العبادي. بيان المرجعية في صلاة الجمعة الذي جاء قبل ساعات من بدء تظاهرات البارحة كان دعوة صريحة للعبادي ان لا يخاف من وضع الطينة بخد كل من سرق أموال العراق وتسبب في ضياع ارضه وقتل أبنائه وسبي نسائه. ألم نقل له ان التصجيمات والتلميحات لا تخيف ولا تلجم المفسدين؟
عندما عاتبته وقلت له "هاي وحدة وياك" لأنك لم تكشف عن اسماء الذين يعيقون خطواتك الإصلاحية، كنت اجد له بعض العذر لأنه وحده. اليوم لم تعد وحدك يا حيدر العبادي فتوكل يا عمّ. ها هي المرجعية الشريفة لأول مرّة، وعلى منبر الصلاة، تقول لك اضرب بيد من حديد ونحن معك. أنحتاج ان نذكرك بأنها كانت السبب المباشر في إزاحة وانهاء حقبة الغباء والظلام التي حكمت العراق ثماني سنوات ودمرته تدميرا؟ امامك شعب منتفض. ووراءك مرجعية ان قالت فعلت. لم يبق لك عذر بعد الآن. انشر أسماء من قتلوا احلامنا وسرقوا ثرواتنا ورمونا لقْطا لاستجلاب الدواعش لينتهكوا أرواحنا واعراضنا. لا تلتمس عذرا لأي خائن بحجة انه غبي او غشيم. قالها مرحومنا لينين "في السياسة لا يوجد فرق بين خيانة بسبب الغباء أو خيانة متعمدة ومحسوبة". لا شيء يديم الفساد مدى الحياة مثل ستر أسماء الفاسدين. وقد قال لك المرجع اليوم قل اسمه ولا يهمك حجم كتلته أو حزبه او طائفته او عصابته. أسرع بكشف الأسماء مع اصدار امر بتجميد أموالهم ومنعهم من السفر فورا، فلا عصمة لمفسد. هذا معنى مطالبتك من قبل المرجعية بإصدار قرارات بدل التصريحات.
بصراحة، ورغم كل الجراح والدموع النازفة، اهنئك. وبصراحة أكثر، اراك اول حاكم اتفق على نزاهته ومحبته اغلب العراقيين من كل الأديان والمذاهب والقوميات والاطياف. واليوم اتاك التخويل من المرجعية العليا فلا تضيع ثانية واحدة.
في هذا الجو اللهاب خرج الفقراء والمظلمون، ليمنحوك فرصة عملية للإصلاح، فلا يحزنك من اندس بينهم يريد تجيير اصواتهم لإنعاش احلام "أبو حميّد" و "عصبته" بالنظام الرئاسي. ولا يحزنك بعض من دعاة الثقافة الذين خانوا أنفسهم وباعوها بثمن بخس ليجيروا صرخة باحث عن لقمة عيش وقطرة هواء باردة لصالح طامع بالعودة للسلطة. هؤلاء شلة الفايخين وليسوا جموع المحرومين من ابسط مستلزمات الحياة الإنسانية الكريمة. لا يهمك ولا يخيب ظنك بالمثقفين بسبب الذين خانوا منهم. وهنا اهديك قولا جميلا آخر للينين وقد صدق: "المثقفون هم أقدر الناس على الخيانة لأنهم أقدر الناس على تبريرها".
بمحبة أدعوك ان لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. نحن معك.