بعد الواحدة ليلا عمَّ سكون ارجاء مدن وقرى سهل نينوى، الاتصالات متبادلة بين الاقرباء والاصدقاء ، كل واحد منهم يحذر الثاني ويهدئ من روعه. على مقربة من ذلك ثمة اخبار تفيد بسقوط بعض القرى بيد تنظيم داعش، بعد ساعة من ذلك دبَّ دبيب كلام وهمس عند النصف المتبقي يقظا من الناس وتسريبات بضرورة الخروج او الهروب . النصف النائم هرع الى جمع ما يمكن وما يفيد لمحنة او رحلة الخروج من البيت الذي طالما جمعت اركانه وزواياه قهقهات العائلة ومزاحهم وجلساتهم، البيت الذي حماهم من ليل بارد ونهار قائظ. بعد ساعات سيبحثون عن ظل بيت او حائط يقيهم اشعة الشمس. سيارات تنطلق بشتى الاتجاهات تجوب شوارع واحياء المدينة باقصى سرعتها، اصوات منبهاتها تتعالى تطلب من سابقاتها افساح الطريق للفرار فالوضع لا يحتمل التاخير. وسط كل ذلك كان اصوات الاطلاقات تتعالى وتقترب، لكن اي طريق ذاك الذي كان يقطع بدقائق معدودة حتى بات ساعات واياما. 

 

 

الماء والكهرباء

قبل ذلك ، عمد مسلحو داعش الى قطع مياه الشرب عن قرى وبلدات سهل نينوى منذ الايام الاولى لاحتلالهم المواقع التي تقع فيها المصادر التي تؤمن المياه لهذه المنطقة، والكهرباء ايضا، فعاش سكان سهل نينوى في ظروف اشبه ما تكون بجرائم الابادة الانسانية حيث توجه الناس الى استغلال مياه الآبار السطحية عالية الملوحة وغير الصالحة للشرب ما اوصل الاصابات في بلدة برطلة وحدها وخلال شهر حزيران الماضي الى (618) اصابة بالاسهال و (661) اصابة بالامراض الجلدية، بالاضافة الى حالات الوفيات التي ارتفعت خلال هذين الشهرين بسبب انقطاع الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة. كذلك الى تعرض احياء في بلدة بغديدا (قرة قوش) الى قصف بالهاونات من قبل تنظيم داعش وسقوط شهداء وجرحى. ورغم كل هذه الظروف الصعبة الا ان السكان لم يتركوا بلداتهم وقراهم في سهل نينوى .

 

الليلة الاولى

من بغديدا الى عينكاوا خرج الشاعر زهير بهنام بردى وعائلته وسط هجيع الليل. بعد وصولهم لمكان آمن اخذ ابنه البكر نقل العوائل التي لاتمتلك سيارة الى مدينة عينكاوا. عن ذلك اليوم يقول بهنام لـ(للمدى):مرت الذكرى الاولى للكارثة الانسانية باستكمال داعش لمسلسل الاستيلاء واكتساح الاراضي والبلدات في نينوى بعد سقوطها من سنجار ومرورا بتلعفر وزمار ووصولا لسهول نينوى ليلة 6 اب والعبث ببلداته ابتداء من بغديدا قرة قوش قضاء الحمدانية وبرطلة وكرملس وتلكيف وتلّسقف وباطنايا ما ادى الى تشريد الالاف وترك بيوتهم في تلك الايام الحارة من اب حيث باتوا تحت قسوة الحر في العراءات والهياكل الاسمنتية والأديرة والكنائس والبيوت والمنظمات وانتشروا في بلدات اقليم كردستان وقراه من عنكاوة الى اربيل وشقلاوة وديانا وسرسنك ودهوك وزاخووانشكي والداؤودية وشرانش وديربون. مضيفا: استطاعت الجهود الخيرة من ابناء الاقليم والمؤسسات الحكومية والخيرية والانسانية من تقديم ما بوسعها لاحتواء الاعداد الهائلة التي نزحت من قراها وبلداتها واتذكر الطابورالهائل من الناس والسيارات التي كانت تقطع الطريق هربا من بطش داعش ووصولا الى ملاذ آمن كما لا انسى منظر العوائل التي كانت تفترش الحدائق والارصفة الى صباح اليوم التالي. متسائلا: بعد مضي عام كامل الى متى سنظل هكذا ، هل نترقب سرابا ام املا يلوح في الافق؟

 

مشاهد هروب

في الطريق يتفقد المهجرون الواحد الاخر ويبحثون عن المتبقين الذين غلبهم النوم او لم يسمعوا بالانسحاب . تبدأ جولة اخرى من الاتصالات وتكون المفاجأة لهم منهم من لحق بركب المهجرين ومنهم من وقع بايدي داعش .ومن من سقط شهيدا بالقصف المدفعي. دراجات هوائية ونارية وسيارات وحتى ماكنة الحرث كانت تتسابق للوصل الى مشارف الاقليم . عريس مع عروسه لم يكملوا ليلتهم فاستقلوا الحوض الخلفي لاحدى السيارات ارحم من وقوعهم بايدي داعش، نسوة لم يكن في بالها يوما ان تستقل الحوض الخلفي للسيارات ولكن النجاة بالارواح ارحم . 

مسؤول المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري كامل زوزو اكد ان اعداد المسيحيين في العراق قد تراجع بشكل كبير، بسبب الاوضاع المأساوية لهم نتيجة الاستهداف والمحاربة والتشريد و التهجير ليصل نفوسهم في العراق الى (300000 ) ثلاثمائة الف نسمة.

واضاف زوزو: ان جميع المكونات العراقية من الصابئة المندائية والايزيديين والشبك والشعب الكلداني السرياني الاشوري تعيش في وضع مأساوي وواقع مرير بشكل يومي .متسائلا في كلمته امام الاتحاد الاوربي عن اسباب عمليات الهجرة والتهجير التي تطول ابناء شعبه المسيحي الذي كان يتجاوز عددهم اكثر من مليون ونصف المليون تقريبا قبل سقوط النظام الديكتاتوري في التاسع من نيسان 2003 ليتضاءل الى (300) الف نسمة تقريبا في ظل النظام الجديد الذي استبشرنا به خيرا..

 

بطالة وهجرة

وتشير أرقام كنسية إلى أن نحو ستين كنيسة من بين عشرات الكنائس ودور العبادة استهدفت في العراق منذ 2003، فيما أدت هذه الهجمات إلى مقتل أكثر من(900) مسيحي عراقي وإصابة نحو ستة آلاف بجروح. ويقول بطريرك الكنيسة الكلدانية لويس ساكو كانت هناك (300) كنيسة في العراق لم تبق منها سوى(57)، وحتى المتبقية فهي معرضة للاستهداف.

وان أوضاع المسيحيين منذ 2003 وحتى الآن تتجه نحو الضياع، مشددا على أن أهم أسباب المعاناة هي الظروف الأمنية والبطالة التي تقارب لـ(11) المئة وفقا لإحصاءات رسمية في عام 2011 وإلى(35) بالمئة بحسب أرقام غير رسمية. متابعا: كانت لدينا(1300) عائلة في كنسيتنا، ولم تبق اليوم سوى 400 إلى 500 عائلة فقط.

وتوضح وزيرة الهجرة والمهجرين السابقة باسكال وردا، من جهتها، أن الكثير من الشباب المسيحيين يريدون الهجرة، وعندما أسألهم لماذا، يقولون: وفري لنا العمل لنعيش والامان لنبقى، هنا أصمت وأعجز عن الإجابة.

 

وما زال ينتظر

ابو ماجد الطباخ ، ذاك الشخص الذي انتشرت صورته ابان الغزو الداعشي لسنجار وهو يبحث عن عائلته حاملا صورهم يقف في كل الطرقات التي ياتي منه الناجون، لكن عينه ظلت ترقف وترقب رؤيتهم حتى هذه الساعة، ابو ماجد فقد جميع أفراد عائلته باستثناء ولده ماجد (طالب في كلية الصيدلة / جامعة دهوك) يقول : "لقد يئست من الحياة ولا أعتقد ان هناك بصيص أمل بالافراج عنهم." ابو ماجد لازال يقطن في خيمته المتواضعة في احد المخيمات يطبخ لابنه فقط بعد ان كان يطبخ لكل ابناء سنجار بمختلف اديانهم وتوجهاتهم.

 

ابني ابني

نواف خلف السنجاري ، احد الناجين من سنجار يقول لـ(للمدى): مات الكثير من الأطفال والشيوخ والنساء عطشاً في مسيرتهم الطويلة الى الجبال وحوصروا ، ووصلت بهم الحال الى أكل اوراق التين، وبعد ان فتح لهم طريق الى دهوك نزح مئات الآلاف يفترشون الأرصفة وتحت الأشجار والجسور وملأوا المدارس وعاشو ظروفا لا يمكن لعقل ان يتصورها. مضيفا: من الحوادث ان امرأة ذهبت الى الطائرة لجلب الماء الى طفلها الذي يحتضر فأنقذوها وهي تصيح ابني ابني وبقي هناك في الجبل لمصيره المحتوم.

 

الدم بدل الماء

المآسي التي رافقت طريق الهجرة والخلاص من بطش داعش بعد ان قام بأسر وسبي عشرات النساء الايزيديات كثيرة ، السنجاري استطرق بعضها: طالبة في المرحلة الأعدادية انتحرت قبل ان يدنسها الأوباش فقطعت شرايين رسغها وأخرى رمت بنفسها في وادٍ عميق وثالثة أحرقت نفسها، أحد الأطفال حديثي الولادة مات متجمداً من البرد تحت احدى الخيم في الشتاء الماضي، والد جرح ذراعه وكان يسقي طفله من دمه كي لا يموت عطشاً. مبينا: ان هناك الالآف في المخيمات والهياكل يعيشون اصعب ظروف الحياة ويفتقرون الى ابسط مقومات الحياة، هاجر آلاف الشباب الى اوربا بحثا عن الأمان، انهم يفكرون الآن كيف سيوفرون لقمة العيش لعوائلهم وهمهم الوحيد هو العيش بأمان والعودة الى مدنهم التي دمرها ونهبها داعش ومن والاهم من الجيران الخونة..

 

سبايا ومخطوفات 

مدير عام الشؤون الإيزيدية بوزارة الأوقاف بحكومة إقليم شمالي العراق، خيري بوزاني، ذكر إن 75% من الإيزيديين مازالو نازحين بعد عام من اجتياح تنظيم داعش قضاء سنجار. مضيفا: انه وفق آخر إحصائية في المديرية العامة لشؤون الايزيدية، لغاية 28 تموز المنصرم، فإن العدد الكلي للإيزيديين في العراق يقدر بنحو(550000) نسمة، عدد النازحين منهم، بحدود(400000) شخص، أما عدد اللاجئين فهو بحدود (65000) لاجئ. 

وتابع بوزاني: وفق الاحصائية نفسها، فإن عدد المخطوفين على أيدي داعش هو 5838 مخطوفا، بينما عدد المفقودين، والذين ليس لهم أي أثر فهو 841 شخصا، فيما عدد القتلى الموثق هو 1280 قتيل. أما عدد الذين توفوا جراء اجتياح سنجار فهو 280 شخصا، ولدينا من الجرحى 890 جريحا. لافتا: أن داعش فجّر 18 مزارا للإيزيديين في سنجار، وبعشيقة، وبحزاني وتم الكشف عن 12 مقبرة جماعية في الأجزاء الشمالية المحررة من سنجار، ونتوقع الكشف عن أكثر من ذلك في القسم الجنوبي، الذي ما زال بقبضة داعش. 

اخر احصاءات المديرية العامة لشؤون الايزيدية ، الخاصة بكارثة سنجار : 

- العدد الكلي للايزيديين في العراق : 550000 

- النازحون : 400000 

- اللاجئون : 65000 

- المخطوفون : 5838 

- المفقودون : 841 

- الشهداء : 1280 

- المتوفون : 280 

- الجرحى : 890 

- المزارات المفجرة : 18 

- المقابر الجماعية المكتشفة في سنجار : 12 

العدد الكلي للمخطوفين بأيدي داعش 5838 

العدد الكلي للناجين من ايدي داعش : 2014 منهم : 

الرجال : 300 

النساء : 767

الاطفال الإناث : 462

الاطفال الذكور : 485

 

السبايا

وفقا للقائمة التي يتداولها التنظيم، فإن (165) دولارا هو ثمن طفل دون التاسعة من العمر. وتباع المراهقات بـ (124) دولارا، أما المرأة العشرينية فثمنها لا يتجاوز(80) دولارا، وتلك التي تبلغ من العمر (30) إلى (40 )عاما سعرها (60) دولارا. أما المتبقيات من عمر(40) إلى (50) عاما فثمنهن لا يتجاو( 40) دولارا.

وقالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون العنف الجنسي إن وجود القائمة المذكورة يعطي دليلا على إضفاء الطابع المؤسسي لتجارة الرقيق لدى داعش. مضيفة: لديهم آلية وبرنامجا لذلك. لديهم دليل على كيفية التعامل مع هؤلاء النساء، ومكتب للزواج، ينظم بيع النساء وكل هذه الزيجات المفترضات. ولديهم أيضا قائمة بالأسعار.

 

العودة والبيئة المناسبة

الباحث والكاتب المتخصص بالاقليات في العراق وعضو المجلس العراقي لحوار الاديان سعد سلوم ذكر لـ(للمدى): ان اجتياح داعش لسنجار ومنطقة سهل نينوى،وهي المناطق التقليدية للاقليات العراقية، اشبه بتسونامي ضرب التنوع في البلاد. وبعد عام من ذكرى الاجتياح يرى سلوم ان اعادة بناء الثقة هي الهدف الاول الذي يجب العمل عليه، فحتى لو تم التحرر من داعش، فما تزال الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي يفتقران لرؤية حول إعادة النازحين من الاقليات الى مناطقهم التي يجري تحريرها من قبضة داعش، وهو ما يتطلب توفير موارد كافية لإصلاح البنية التحتية الاساسية واصلاح نظام الخدمات، فالأفراد الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم يخشون على أمنهم اولا، ولا يودون العودة ما لم تتوفر بيئة جاذبة توفر بديلا مريحا عن الاندماج في المناطق التي نزح اليها او التفكير في خيار الهجرة.

 

الاستقلالية الإدارية

اضاف سلوم: على الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان استعادة ثقة المجتمعات المحلية الساخطة من افراد الاقليات حتى تتولى حصة في إدارة الشؤون الخاصة بها وتثق في قدرة الدولة على ضمان حمايتها من العنف، وتحقيق العدالة وتهيئة الظروف من أجل مشاركتها العادلة في المجتمع، وما لم يستنتج أغلبية الأشخاص المشردون داخلياً أن ظروف العودة الآمنة والمستدامة للمدنيين قد تهيّأت، فإن عمليات العودة هذه لن تحدث.ويوضح سلوم انه من المهم ان ندرك ان بعض المطالب الخاصة بالاقليات والمتعلقة بشكل الدولة ليست سوى مطالب تتمحور حول "الاستقلالية الادارية" في ضوء انعدام ثقتها بالاخر، اذ تتيح مطالب الاستقلالية الادارية اعطاء الاقليات حقوقها في ادارة شؤونها السياسية والاقتصادية والتعليمية على نحو مستقل، وهذا هو مؤدى المواد المتعلقة بحقوق الاقليات في الدستور العراقي، اذ تنص المادة 116 من الدستور العراقي على أن "يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمةٍ واقاليم ومحافظاتٍ لا مركزيةٍ واداراتٍ محلية." و تتضمن المواد 117 إلى 124 أحكاما تتعلق بالأقاليم والمحافظات والعاصمة. وجاء في الماده 125 وتحت عنوان "الإدارة المحلية" على ان "يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والآشوريين، وسائر المكونات الاخرى، وينظم ذلك بقانون".

 

الانسداد السياسي

وبربط ذلك بالحركة الاحتجاجية التي تحصل في بغداد ومحافظات اخرى يرى سلوم اننا جميعا في خطر، فما لم نستعد التنوع ونحافظ عليه فسوف يتم تقسيم العراق وتجزئته الى جزر اثنية منعزلة، ويذهب سلوم الى ان الرهان الاخير هو على الحركة الاحتجاجية المدنية التي قد تدفع وتشجع الحكومة العراقية الاتحادية على البدء بحزمة اصلاحات لازمة للخروج من حالة الانسداد السياسي مثل مواجهة الفساد واطلاق سراح المعتقلين على نحو تعسفي وتعزيز الشفافية والمساءلة واجراء تحقيقات فورية في انتهاكات حقوق الانسان، والغاء التشريعات التي تكرس التمييز او تضطهد الاقليات، والانضمام الى نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية وقبول ولايتها بخصوص النزاع الحالي، وايضا الاعتراف بالأقليات التي لم يرد ذكرها في الدستور والغاء جميع التشريعات الموروثة من زمن البعث والتي تتعارض مع الحقوق الواردة في الدستور.

 

محاكمة عادلة

الامانة العامة لهيئة الدفاع عن اتباع الديانات والمذاهب في العراق اصدرت بيانا تلقت (المدى) نسخة منها طالبت فيه الجهات المختصة في الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان بمحاكمة عادلة لكل من تسبب بتلك المأساة وتقديمهم إلى المحاكم المختصة ومحاسبة المقصرين والمنفذين لاعمال الارهاب ومن ساندهم والحكم عليهم باقصى العقوبات. والانضمام الى نظام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية وضد الإنسانية في العراق. اضافة الى تحريك الدعوى ضد مرتكبي هذه الجرائم بحق المكونات من الايزيديين والمسيحيين (الكلدان السريان الاشوريين) والشبك والكاكائيين والصابئة المندائيين وكافة المكونات الاخرى.

 

إبادة جماعية

كما شدد البيان على مطالبة المجتمع الدولي بالاعتراف الكامل واعتبار ما حدث للمكونات العراقية من الإيزيديين والمسيحيين والشبك والصابئة المندائيين والكاكائيين وبقية أتباع الديانات والمذاهب في العراق تحت اسم الدين هي عملية ابادة جماعية وتطهير عرقي وتغيير ديمغرافي لتلك المكونات وإن ذلك يخالف انظمة وقوانين حقوق الانسان .كما طالب الجهات المختصة في الحكومة الإتحادية وحكومة إقليم كردستان بتحرير المناطق الايزيدية بالكامل من ايدي الارهاب وخاصة سنجار وبعشيقة وبحزاني وبقية المناطق التي احتلتها العصابات الإرهابية. وانقاذ النساء الايزيديات والمسيحيات المختطفات عند داعش وإدانة جريمة استرقاق النساء الإيزيديات والمسيحيات وبيعهن وانتهاك كرامتهن وعدها كجريمة ضد الانسانية، وبذل الجهود لتأهيل المجني عليهن.

 

المختطفات

واكد البيان على اهمية المباشرة في اعادة النازحين الى ديارهم وتعويضهم بشكل عادل عن الخسائرالمادية والمعنوية والاستمرار بطلب توفير الحماية الوطنية والدولية لمناطق المكونات والى حين زوال الخطر تماما، والتركيز على حل ازمات النازحين ومخيماتهم وتوفير الشروط والمستلزمات والخدمات الانسانية والصحية والتعليمية الضرورية لهم. كذلك توفير الرعاية النفسية والصحية الخاصة بالمختطفات اللاتي تم انقاذهن وعودتهن الى احضان عوائلهن من خلال برامج نفسية خاصة ومراكز تاهيلية متخصصة بذلك او التنسيق مع المراكز التاهيلية النفسية في اوروبا وغيرها لعلاجهم.

 

 

 

 

فارزة

 

المادة الثانية من الدستور العراقي أكدت على ضمان كامل للحقوق (الدينية) لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية (كالمسيحيين والإيزيديين والصابئة المندائيين) كما أن المادة (14) من الدستور أكدت بشكل جلي لايقبل اللبس أو التأويل أن العراقيين متساوون أمام القانون دون تمييز، سواء كان سبب هذا التمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي، حيث أن لكل فرد من أفراد الشعب العراقي الحقوق التي أقر بها الدستور دون مفاضلة، وتكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين.
الذي يبدو ان اساسيات وسياسات الدولة العراقية ما بعد 2003 لم تضع في اولوياتها الكثير من مواد الدستور ومنها المادة الثانية المذكورة انفا، لذا فقد سمحت وروجت لوضع اجتماعي واقتصادي وسياسي يسمح للتمايز في شتى المراتب وعلى اسس متعددة ومختلفة، ومع الاعتراف بهامش واسع مما تركه التدخل الخارجي الديني (الطائفي) في تطور هذا الواقع المؤلم الذي تعيشها الاقليات في العراق وكلا حسب اجندته ورؤيته للواقع العراقي الحالي ومستقبل المنطقة. في هكذا مناسبات يجد المرء نفسه عاجزاً عن إيجاد ما يمكن له ان يصور الحال العراقي والمآسي والمهازل التي ارتكبت بحق العراقيين اجمع والاقليات بشكل خاص ومنهم الايزيديون والمسيحيون بعد ما حدث مؤخرا في مدينة الموصل من احداث يندى لها الجبين. مشهد رحيل وهجرة العوائل الايزيدية والمسيحية عن هذه المدينة التي سكنتها وأسهمت في إغنائها حضاريا عبر التاريخ لن يمحى من ذاكرة العراق والعراقيين بسهولة، فقد رحلت هذه العوائل وقد سلب منها كل شيء عدا الملابس التي ترتديها لأنها لم تعد تملك خيارا آخر للبقاء أمام الإنذار الذي أعلنه تنظيم «داعش» بابادتها كأقلية دينية.
احد اسباب مآسي العراق والاقليات هو الخلط بين الدين والسياسة اذ بات معادلة يعتمدها الكثير ممن تبوأوا مناصب حكومية في الدولة الجديدة وضحية كل هذا المعادلة هو المواطن العراقي. فسياسة التصفية والقتل هل هي اجندة المستقبل؟؟ واذا كانت كذلك فكيف لنا ان نلغي تاريخ وموروث امتد لآلاف من السنين اشترك فيه كل هؤلاء من عرب وكرد ومسيحيين وتركمان وصابئة وايزيدية ؟؟ ان الاضطهاد الذي تعتمده بعض الجهات السياسية والمسلحة ضد الاقليات ما هو الا انتهاك متعمد لحقوق الانسان التي نصت عليه الدساتير والقوانين الدولية واذا ما اردنا ان نحقق مواطنة مشتركة وتحقيق مصالحة حقيقية وجب الاهتمام بالاقليات الموجودة التي بدات تنقرض شيئا فشيئا، ويفقد العراق قطعا مميزة من فسيفسائه الديني والاجتماعي. وفق استبيان واحصائيات اجرتها مراكز مختص ان قرابة 5000 شخص بين ايزيدي ومسيحي
يهاجرون شهرياً من كردستان نحو المجهول، وبمعدل 160 شخص ‏يومياً، وهو معدل يكفي لإنهاء الوجود الأيزيدي والمسيحي خلال سنوات قليلة. بعد تناقص عدد الصابئة الى مئات في جنوب العراق.