TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > تداعيات تأخر إقرار الموازنة

تداعيات تأخر إقرار الموازنة

نشر في: 4 يناير, 2010: 03:53 م

عباس الغالبييبدو أن الموازنة العامة للدولة لعام 2010 لازالت مسورة في بيئة المناكفات السياسية التي ألقت بظلالها على المشهد الاقتصادي برمته وليس على الموازنة فقط والتي شهدت للعام الثاني على التوالي مسرحة التأخير في إقرارها.
ولان السبب الرئيسي الذي نعتقده في مسألة التأخير هو سياسي أكثر من ان يكون اقتصادياً، الا اننا سنتطرق الى الجوانب الفنية التي تتعلق بالموازنة وتداعيات تأخيرها على مسيرة الاعمار والبناء وتحريك عجلة الاقتصاد، ولعل في مقدمتها ان هنالك اعتراضات من قبل كثير من المحافظات ان لم نقل جميعها بخصوص قلة التخصيصات الاستثمارية لموازنة 2010، فضلا عن المبالغ المدورة من موازنة عام 2008 والتي طالب بها عدد من المحافظات من وزارة المالية، هذا إضافة الى ان العجز الحقيقي للموازنة والبالغ اكثر من 21 ترليون دينار والاعتماد المفرط على العائدات النفطية كمصدر وحيد للموازنة وما يكتنف ذلك من تقلبات أسعار النفط في الأسواق العالمية.وفي ظل هذه الظروف المحيطة في الموازنة الا انها تبقى ضرورة قصوى لإدامة زخم المشاريع وتحريك عجلة الاستثمار المتوقع دخوله سوق العمل العراقية، خاصة ان هنالك بعض المصادر البرلمانية أعلنت صراحة عن وجود نية لتأخير إقرار الموازنة خشية استخدام أموالها من قبل الحكومة خلال الحملة الانتخابية المقبلة ،حيث سيطرح قانون السلوك الانتخابي مقابل إقرار الموازنة لندخل بذلك في صومعة المزايدات السياسية كما حدث في موازنة العام الماضي 2009 عندما أقرت الموازنة ضمن صفقة سياسية واحدة مع قانون مجالس المحافظات.وترى طبقة سياسية أخرى في البرلمان بحسب تصريحاتها الأخيرة ان الموازنة ومسألة إقرارها تكتنفها بعض الصعوبات بسبب عدم تقديم الحسابات الختامية للموازنات السابقة ولاسيما موازنة العامين الماضيين 2008 و2009، وبهذا قد تدخل الموازنة في نفق مظلم وقد ترحل  الى الدورة البرلمانية المقبلة وهذا ما لم نتمناه في ظل الحاجة الملحة لتنفيذ وانجاز المشاريع لجميع القطاعات الاقتصادية والخدمية من دون استثناء، حيث ان التأخير يجعل إمكانية جعل الموازنة في مراحل الصرف الأخيرة تذهب الى منتصف العام الحالي وبهذا تشكل ضررا كبيراً على الخطط الموضوعة من قبل الوزارات والمحافظات الخاصة بتنفيذ المشاريع فضلا عن تعطيل حركة الاستثمار المتوقعة خلال النصف الأول من العام الحالي 2010، لنبقى  ندور في حلقة مفرغة في ظل التجاذبات والمناكفات السياسية التي عادة ما تحدث تداعيات خطيرة معطلة لمسيرة الاقتصاد الوطني الذي يمر بمرحلة تحول من الهيمنة الكبيرة للقطاع الحكومي الى الانفتاح المفترض على القطاع الخاص وإمكانية جعله يمتلك الريادة في إدارة النشاط الاقتصادي ، وهذا يتطلب وجود موازنة مالية كفيلة بتفعيل القطاعات كافة، وهذه الموازنة تتعلق أيضاً بوضع معيشي للشعب الذي أصبح ينوء بحمل التداعيات السياسية أكثر من النخب والطبقات السياسية التي عادة ما تفتعل الأزمات لأسباب حزبية وانتخابية ضيقة من دون مراعاة للنشاط الاقتصادي الذي يهم شرائح مجتمعية كبيرة، ولعل التأخير المتعمد للموازنة يصب في هذا الاتجاه ، فحسنا فعل مجلس النواب في خواتيم اعماله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram