اليوم يلتئم مجلس النواب كما لم يلتئم من قبل.. هذا هو المفترض، فجلسة اليوم منوطة بها مهمة كبيرة، ولا أكبر من مهمة تعديل المسار الأعوج للعملية السياسية ومن وضع قطار الديمقراطية، الذي انتظر العراقيون على أبواب محطاته أمداً طويلاً للغاية، على السكة الصحيحة.
جلسة اليوم لابدّ أن تكون بداية النهاية لنظام المحاصصة الطائفية والحزبية والمناطقية، بكل الويلات والخيبات التي جلبها والمحن والمآسي التي تسبّب بها، ولابدّ أن تكون هذه الجلسة بداية البداية للنظام البديل القائم على مبدأ المواطنة وعلى الهوية الوطنية.
ليست مهمة البرلمان في جلسته اليوم المصادقة فحسب على خطة الإصلاح التي اقترحها رئيس الوزراء وأقرها مجلس الوزراء وألقى بكرتها في مرمى مجلس النواب. هذا أقل ما يتعيّن أن يفعله البرلمان على الفور وفي الحال. نظرياً مجلس النواب هو ممثل الشعب (عملياً لم يكن كذلك وهذا من أسباب ما نحن فيه الآن من أحوال بائسة وأوضاع مزرية وأزمة عامة شاملة خانقة)، والشعب نزل إلى الشوارع والساحات في عزَ هذا الصيف اللاهب وقال ما يريد بصوت قوي ونبرة صافية ولغة فصيحة.. وما يريده الشعب تغيير جذري في العملية السياسية ونظام الحكم بما يجعل من العراق دولة ديمقراطية مدنية من دون لفّ أو دوران أو تعمية في المصطلحات والمفاهيم.
كل مرة تتقدّم فيها الحكومة بمشروع قانون، يُجري مجلس النواب على المشروع تعديلات تحسّنه وترصّنه، وهذا إجراء صحيح وسليم.. جلسة اليوم مطلوب منها أن تفعل الشيء نفسه وأكثر .. أن تتعامل مع الخطة المقدمة من مجلس الوزراء بوصفها الحدّ الأدنى مما يتعيّن القيام به على نحو عاجل ومن دون إبطاء. وبعد هذا يتوجب على المجلس أن يبادر هو نفسه الى وضع خطته الخاصة بالإصلاح الشامل والجذري حتى لا تتناسل المشاكل والأزمات وحتى لا تتكرر الكوارث الوطنية وحتى لا يضطر الناس إلى النزول، مرات ومرات في الصيف وفي الشتاء، إلى الشوارع والساحات للمطالبة بحقهم في الحياة الحرة الكريمة.
لا يمكن لأي إصلاح أن يتم من دون تشريعات، وأول التشريعات المطلوبة تعديل الدستور، هذا الاستحقاق المؤجل منذ العام 2006، فلا ضمانة بتحقيق مطالب الشعب من دون تشريع القوانين الخاصة ببناء الدولة، المؤجلة هي الأخرى للعام العاشر على التوالي، ولا ضمانة بتشريع هذه القوانين بالصيغة الصحيحة من دون تعديل الدستور الذي اعترف رئيس الحكومة السابق منذ سنوات بأنه محشوّ بالألغام.
ما يتعيّن أن يُدركه أعضاء مجلس النواب جميعاً أنه لا مجال هذه المرة للتسويف والتأجيل والتعطيل.. الناس فاقدة الثقة بالمجلس، مؤسسة وأفراداً، وما لم يؤد المجلس استحقاقاته إبتداءً من اليوم فسيزيد النار المستعرة اشتعالاً، وما لم يتجاوب المجلس اليوم مع برنامج الحكومة المقترح فسيعود الشباب والشيوخ والنساء والأطفال إلى ميادين التظاهر في غضون ساعات، وما لم يدفع المجلس بعملية الإصلاح ويواصلها بجدية واضحة فإنما يشجّع المتظاهرين على تحويل مظاهراتهم إلى إعتصامات مفتوحة... على كل شيء!
المطلوب من البرلمان اليوم
[post-views]
نشر في: 10 أغسطس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
نبيل يونس دمان
على مجلس النواب ان يزن الامور بدقة وسرعة تتناسب مع الاحداث الجارية والا ليسمع مقطع من كلمات اغنية الراحل فؤاد سالم: جاك الشعب يا يابه... يمطر غضب يا يابه.....
الشمري فاروق
الاخ العزيز عدنان...شكرا لثورة الشباب ..لقد فرحت كثيرا عندما كنت قبل يومين بينهم...كانوا بعمر احفادي كانوا شبابا مفعمين بالاصرار والمسئوليه لقد رفضوا التدجين واعلنوها صرخة قوية لا للفساد وتجار السياسه... اليوه شاهدت هؤلاء الشباب في داخل البرلمان العر