بمناسبة تصويت البرلمان العراقي بالإجماع أو بالأغلبية على جملة الإصلاحات التي تقدم بها سليم الجبوري ومسارعة مجلس محافظة بغداد إلى الإعلان عن الغاء المجالس البلدية نجد هنا من الضرورة الحديث عن مجلس او مجالس محافظة البصرة والمجالس البلدية التي تشكلت منذ 2004 إلى اليوم، وما إذا كانت ذات جدوى ام لا، ثم وماذا قدمت لمواطني المدينة، وهل لوجودها اهمية تذكر في ظل التردي والتراجع في اوضاع المدينة ؟.
ولنأخذ القطاعات واحداً واحداً لكي نستبين ضرورة وجودها من عدمه وليكن قطاع الخدمات هو الأول لما له من علاقة مباشرة بحياة المواطنين: الكل يعلم أن مليارات الدولارات صرفت على قضية الخدمات، على تعاقب الحكومات وتغيير الكتل الحزبية، ففي مدينة كبيرة تمتلك مخزونا خرافيا من النفط، لم تتم معالجة قضية بسيطة هي رفع النفايات ومعالجتها، في وقت دخلت وخرجت المدينة عشرات الشركات العالمية دونما قناعة منها بإمكانية التعامل مع حكومة تستبق دوائر العقود والمشاريع فيها كل شركة تروم العمل بقائمة من الطلبات، ليس آخرها الضغوط عن طريق الرِّشا والإتاوات، وهذا بعلم المحافظين ورؤساء المجالس وجميع أعضاء المجلس فضلا عن علم كبار المراجع الدينيين الذين يأتمر هؤلاء بهم.
ثم ليكن قطاع الزراعة ثانياً: كان نظام صدام حسين قد أنهك القطاع هذا بحربه المجنونة مع ايران، لكن الانهاك هذا لم يطل الكثير من المناطق الزراعية في ابي الخصيب والقرنة وشط العرب ومناطق أخرى من شمالي البصرة، وحتى قبل 12 سنة كانت أشجار النخيل والخضار والفاكهة تغطي مساحات شاسعة من أراضي المناطق تلك. اليوم خرجت أقضية بكاملها من كونها أراض زراعية فقضاء المدينة انتهى بالكامل لصالح شركات النفط العالمية وتحولت 80% من بساتين قضاء ابي الخصيب إلى محال تجارية ومساكن، ردمت خلالها مئات الأنهار، وبلغت نسب التلوث فيه ما لم تبلغه في اي مكان من العالم، بعد أن تحولت الانهار والجداول من سواقٍ نظيفة تأتي بماء المدِّ العذب إلى مجارٍ وقنوات لتصريف المياه الثقيلة والخفيفة بعد أن امتلأت بالإطارات القديمة والعلب الفارغة. وهنا نعيد تصريح أحد أعضاء المجلس في الدورة الحالية بقوله: "بساتين أبي الخصيب حلت لنا قضية السكن، وخلصتنا من ضغط المواطنين بتوفير المساكن لهم".
هل نتحدث عن الصناعة ثالثا؟ : نعم، وكانت البصرة قد عرفت بأنها كانت عصب الصناعة الثقيلة بوجود أكبر المصانع فيها مثل الحديد والصلب والاسمدة الكيمياوية والبتروكيمياويات والغاز والمصافي والورق والطابوق الجيري وسواها، والتي كانت ركنا مهما في الاقتصاد العراقي لكن السنوات الـ 12 الماضية جعلت من حلم إعادة المصانع هذه للعمل من المستحيلات، فكانت الشركات الأجنبية تأتي مستجيبة لإغراءات العقود ثم سرعان ما تغادر محملة بأعباء الشروط التي تفرضها عليها اللجان داخل المجلس وإدارات المصانع هذه، دونما البحث عن حلول لذلك، مما فاقم من حجم البطالة واستمرار الحاجة لاستيراد ما يمكن أن تنتجه المصانع هذه لو تضافرت الجهود وانعقدت النوايا لإعادة تأهيلها من جديد، لكن ارتباط التجار المستوردين بالمسؤولين في المحافظة ظل حائلا دون ذلك، وهذا امر يعرفه القاصي والداني. ومثل ذلك ما أصاب قطاع الزراعة بحيث بات المواطن البصري يستورد التمر والطماطم والخيار والبصل والبطاطا من السعودية وإيران.
ولا يختلف حديثنا عن القطاعات الأخرى مثل الماء والكهرباء والصحة والتعليم والسكن وغيرها. لكن (عبقرية) محافظ البصرة والتي تضافرت مع (عبقرية) أحد المقربين من عمار الحكيم، هذا المقيم في امريكا سابقاً، والذي يمثل حلقة الوصل بين المحافظ والحكيم تفتقت عن استقدام شركة متخصصة بـ (الستراتيجيات) هي شركة(هيل انترناشيونال)بموجب عقد كلف ميزانية المحافظة 21 مليار و900 مليون، وقد بلغ عدد العاملين فيها نحو 375 موظفا يتقاضى كل واحد فيهم 50 ألف دولار شهريا . الشركة التي قال عنها المحافظ بانها ستكون الحل النهائي لمشكلة الادارة والتفاوض مع الشكات العالمية وهي متخصصة في التخطيط للمشاريع الكبيرة وهي خلاصة العقل الأميركي في كل شي وكلاشي. لكن وبعد مضي اكثر من سنتين على وجودها تبين انها شركة شبه وهمية، لم تقدم للمدينة مشروعا واحداً.
هل لمجالس المحافظات اهمية ؟؟
[post-views]
نشر في: 11 أغسطس, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...