للأسواق مصطلحاتها ومفرداتها للإشارة الى البضائع الجيدة والرديئة ، ما ان يسمع العراقي مفردة "ستوك" حتى يمتنع عن الشراء ، مهما انخفض سعر المادة المعروضة للبيع ، الستوكات تعطي معاني اخرى بحسب استخدامها ، حتى اصبحت المفردة معيارا نقديا شعبيا متداولا للتعبير عن الاستياء من مظاهر اجتماعية وسياسية وثقافية ، ترسخت في الحياة العراقية ، هذا المغني ستوك، لأنه بنظر الجيل الجديد لم يواكب موجة الفديو كليب ، يصر على اداء طور الشطراوي فيحول الوصلة الغنائية الى بكائيات ودعوة لذرف الدموع ، وذات الامر ينسحب الى شعراء تمسكوا ببحور الفراهيدي فقطعوا اتصالهم بموجات ما بعد الحداثة ، أما الحزب الستوك فهو التنظيم السياسي صاحب التاريخ الطويل ، فشل في الحصول على تمثيل في المجلس النيابي ، لان قاعدته الجماهيرية انحسرت ، وتبخرت ، أعدادها لا تساوي ربع الجمهور العربي الواسع المعجب بالمطربة اللبنانية نانسي عجرم.
في سنوات الحرب العراقية الايرانية ونظرا لاتساع الاقبال على سماع" بكرة الكوت " للمطرب الراحل سعدي الحلي، قام ضابط التوجيه السياسي في احدى الوحدات العسكرية بمخاطبة الجهات العليا للحصول على أمر يمنحه صلاحية منع سماع اغاني الحلي ، بمزاعم ان الاستماع الى الاغاني يؤثر في الروح المعنوية للجنود ويبعدهم عن الاستماع لبث الاذاعة الرسمية للاطلاع على البيانات العسكرية ، فشل الضابط في مسعاه لان الراديوات هدية مديرية التوجه السياسي الى الجنود من انتاج وزارة الصناعة "راس كوب" كثيرة العطلات قصيرة العمر.
"راس كوب" مصطلح شائع في الاسواق ، وطبقا للمختصين باللهجة المحلية ، فانه استخدم ايضا في الاشارة الى البضاعة الرديئة ، يعود اساس المفردة الى ماركة ساعة روسية الصنع باسم "روسكوف" استوردها التجار لانخفاض اسعارها فاقتناها اصحاب الدخل المحدود وصغار الموظفين ، لكن بالتجربة بوصفها افضل برهان ، اكتشف حاملو الساعة الروسية انها" راس كوب" فتحورت المفردة كغيرها من المفردات لتكون مصطلحا ينافس الستوك ، وربما تفوق على الثاني في الاشارة الى حاجيات لا تستحق دفع درهم واحد لاقتنائها بعملة الزمن الماضي .
الستوك خرج من مدار الاسواق ليدخل في مفاصل الحياة الاخرى ، ومصطلح "راس كوب" اقتصر تداوله على النشاط التجاري ، امامه اليوم فرصة ذهبية ليدخل المعترك السياسي ، ليجمع وزراء سابقين واصحاب مناصب مبعدين مشمولين بالإجراءات الحكومية الاصلاحية الاخيرة ليشكلوا تنظيما سياسيا باسم " راس كوب " ليس من المستبعد ان يحقق حضورا في المشهد السياسي ، لان قادته كانوا رموزا تاريخية كبيرة ، توفرت لهم فرصة خوض تجربة الحكم ، لكنهم فقدوها بمؤامرة دبرت بليل ، على حد وصف المنزعجين من حركة الاحتجاج الشعبي .
القلقون من الاصلاح عليهم ان يحجزوا مقاعدهم القيادية في التنظيم السياسي الجديد لتعويض خساراتهم ولاسيما ان بعضهم خسر الصاية والصرماية واصبح "راس كوب" بماركة ستوك الشعبية .
تنظيم " راس كوب " السياسي
[post-views]
نشر في: 11 أغسطس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
صائب طراد
عمت صباحا الاستاذ علاء كم رائع وكم مقالات اروع تحياتي باحث كلية العلوم السياسية /جامعة بغداد /ماجستير