تداهمني صورتها — بإنسانيتها المسلوبة — كلما تناسيت تفاصيلها ، هممت بتدبيج مقال يستعرض مكنونات المشاهد الساخنة ، شديدة السخونة ، التي تسلب اهتمام العراقي ، وتستولي على لبه وهو يرى زرافات الناس ، وحشودهم البشرية تتقاطر وتتجمع في الشوارع وساحات الاعتصام . بحثاً عن طرق للخلاص . وخوفا من مجهول لا يمكن التنبؤ بنتائجه الكارثية المحدقة في عراق قلق ، قيل عن شعبه إنه قد يهجع - لفترة - ولكنه لا ينام ، قد يتوعك حينا لكنه يستعصي على الموت !
……
تداهمني صورتها - في الصحو والغفوة - صبية حلوة الملامح ، لوّحتها الشمس اللاهبة ، تتنقل عبر الشوارع ومفترقات الطرق ، تنتظر الضوء الأحمر لتتوقف الحافلات ، تعرض على الركاب بأنفة مفتعلة تشبه الاستجداء ، شراء علبة مناديل ورقية ، قد تعيل بثمنها امها الأرملة ، او لتسد بالثمن ، رمق طفل جائع يبجث في كدس الزبالة عن كسرة خبز ،
تقرعني صورتها ، ترتدي ثوبا استطال برقعة مغايرة اللون ضماناً للستر ، . افترشت رصيفا معشوشبا ، استظلت من لهب الشمس بعلب المناديل الورق . داهمها النوم فاستسلمت لسلطانه دون وسادة او مفرش او غطاء .
صبية ، لم تذهب لمدرسة ، لتتعلم ، لم تطأ مصنعا لترتزق . ما ضمها بيت آمن مستقر لتطمئن .
……….
ليت بالإمكان تأطير الصورة . وإرسالها لمن لا يهمهم الأمر ، لعلهم يستحون ، لوحة ناطقة . ليتفرج عليها العالم ، الباعة والمشترون ،، صورة تاريخية توازي في قيمتها الإنسانية ، تلك الصورة التي هزت ضمير العالم ، صورة الطفلة العارية المرعوبة ،الهاربة من نيران القصف في فيتنام ، التي غدت أيقونة إدانة ، وصارت وثيقة تاريخية معتمدة لتبيان بشاعة ظلم الإنسان لآخيه الإنسان .
مطلوب ذوو حمية وضمائر حية . ساسة وفنانون ومثقفون ، يتناخون لتأطير الصورة وإهدائها …. لمن ؟ هذا هو جوهر السؤال !
صورة تفتقر لإطار
[post-views]
نشر في: 12 أغسطس, 2015: 09:01 م