TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > المستوى الفني لتمثيل التجريد وتراكيبه السيميائية

المستوى الفني لتمثيل التجريد وتراكيبه السيميائية

نشر في: 15 أغسطس, 2015: 12:01 ص

تجريدات زياد جسام أنموذجاً
 
 يثير الرسم التجريدي اسئلة عديدة حيال ما تذهب اليه الاعماق الجمالية للعمل الفني ولان موقف الفن  في ظاهرته الصورية لا يبتعد عن المدرك والملموس والتركيز على المستوى الذهني الذي يبثه مدلول اللوحة فان لوحات ز

تجريدات زياد جسام أنموذجاً

 

 يثير الرسم التجريدي اسئلة عديدة حيال ما تذهب اليه الاعماق الجمالية للعمل الفني ولان موقف الفن  في ظاهرته الصورية لا يبتعد عن المدرك والملموس والتركيز على المستوى الذهني الذي يبثه مدلول اللوحة فان لوحات زياد جسام لم تبد انظمتها البنائية بعيدة عن هذا التوصيف ولكن ما الجديد في تطبيقاته ونزعته في التجريد ؟

 

سياق التساؤل ياخذني الى معطيات بعض من اعمال كاندنسكي في بدايات القرن العشرين حينما رسم اول لوحاته التجريدية بالالوان المائية ليولج الطبيعة. فكرة الوحدات الصورية عند كاندنسكي لم تكن واضحة ولكن ثمة ضرورة تشير الى التمسك بالروحي في الفن وكأن فكرة التجريد التي يريدها تعطي دليلا لتمثيل الملموس بخفاء صوري ،زياد جسام في بعض اعماله التجريدية احالنا الى النظام الهندسي المركب لفن التجريد بحيث طغت العضوية ودوائرها بما جعل الخطاب الصوري يترسخ في الشكل قبل المعنى لهذا يعد الدال في وحداته مشكلا لبنية وسياق مغاير لما يذهب اليه المدلول ليس بمعنى التناقض انما ثمة انزلاق في الشكل يقود لعدد من المفاهيم وكأن كل وحدة بنسقها الرؤيوي تحفر في بواطن الاثارة ومن هنا من لم يقرأ زياد جسام في تجريداته لن يستطيع ان يعي ما تذهب اليه تعبيراته وخاصة المتعلق مدلولها بهاجس القبلة وشفراتها السيميائية اما البعض الاخر من تجريداته فهي اقرب الى اثارة العاطفة . وعلى هذا الاساس تتشيد محمولات بنائية على السطوح التصويرية بنمط متخيل مثالي الاحتكام هنا يدفع بالمظهري للوحة الى معرفة الانظمة التي يشتغل عليها هل هي مبنية على اساس القواعد الاكاديمية الصرف ام على اساس تجريدات مثالية تسعى لبث الحيوية واللمسة الشكلية فقط ؟ في نظام العمل التجريدي يعكس المعتقد المثالي عناصره موضحا ان الاشكال بالوانها وتشويه الانتقالات في اللوحة من شكل لاخر ومن محاكاة باطنية او مطلق متكامل انما يريد الوصول لغايته بما يبقي المدلول قائما بطريقة البحث عنه وليس التمسك بوضوحه وضراوة مثل هكذا اسلوبية تنتج عنها متناقضات سببها الغاية التي يراد لها ان تنفذ وتوزع الوحدات بطريقة صارمة وصريحة بالاضافة الى مبدأ التمسك بميول الاشياء الطبيعية لهذا يبدو الفن التجريدي وكانه ضرب من متخيل بوحدات غير منسجمة ولكن في حقيقة الامر هناك معادلات صورية تتوزع بانتظام هندسي واتذكر هنا الكثير من لوحات سالم الدباغ وسعيها للاحتفاظ ببنائها الهندسي وما تركه من بصمة في طريقته ودقتها بالاضافة لاسلوبيته ولان الكلام عن لوحات زياد فان طريقة هذا الفنان لا تبتعد عن القوانين الداخلية للفن التجريدي وطالما ان حدود الشكل ترتكز على معتقد وتركيب ذهني وعاطفي فان تعزيز المدلول يتاسس على التمسك بابداع اللمسات الساعية لاثبات الروحية في الفن الحديث .التراكيب السيميائية في مثل هكذا لوحات تكون قابلة للحضور وتحمل اكثر من مستوى وايماءة وهي نتاج مرجعية واشارة مزدوجة وظيفتها التمثيل وليس الايعاز لهذا قد تبدو بعض التجريدات وكأنها دلائل شكلية تنزاح لحساب الالوان والتعقيدات البصرية ولكن سمتها في التعادل الاشاري تؤكد على بث نوع من اليقين والالتزام بمعايير البنائية المعقدة في اللوحة التجريدية .واجد من المنطق ان نبحث في رسالة الفن التجريدي واتجاهه واشكاله ،فالغالب عليه انه لا يمتلك محددات وثوابت لغياب تفسيره وهذا الاعتقاد ساد ذات يوم حينما لا يحضر المدلول الحقيقي في بعض اللوحات التجريدية وحتى التي رسخها الغربيون مما يشكل حالة نفور عند بعض مشاهدي ومتابعي اللوحة التجريدية والحقيقة تكمن في غياب الموضوعية وتمثيلها الصوري.التجريد في لوحة زياد جسام يعتمد على انساق اشارية تستجيب لأمرين من العلاقات .الاول فرض منطق العلامة التي تمتثل لمفاهيم التصويرية وثانيا وجهة المعنى تتضمن استخدام صور المخيلة بحيث نشاهد انساقا متناثرة ومختلفة تعرض لنا جوهر الشكل وكأنه خليط لصفات مستمرة من الاثارة وتداعيات الخيال وهنا نحتاج لقراءة بصرية صرفة على اساسها ينظم الترابط بين الوحدات والعلاقة بينها واحسب ان اعتبار الشعور الداخلي والتعلق بتجسيد الحدس ضمن تكوين شكلي تختلف مراكز استثماره وحتى عناصره البنائية فكيف نحصل على لوحة اكثر تاثيرا في المتلقي ؟
الصياغات الشكلية لفن اللوحة التجريدية لدى زياد تقدم تغايرافيخطاب اللوحة وتحول اشكالها ومضامينها معتمدا بذلك على طرائقه التركيبية ونسيج الوحدات المركبة في السطح التصويري ولان المراوغة في اللوحة تبدو مجازفة شكلية او فائض لا معنى له فان المسعى البنائي وامتلاك ناصية الفن بصدق هو ما يسعى اليه هذا الفنان عبر العشرات من اللوحات التجريدية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

القضاء ينقذ البرلمان من "الحرج": تمديد مجلس المفوضين يجنّب العراق الدخول بأزمة سياسية

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram