أعتدنا اخبار الموت لدرجة اننا نبدأ بها صباحنا حين نشغل التلفاز أو نراجع الفيس بوك قبل خروجنا للعمل لنتعرف على اماكن التفجيرات الجديدة وعدد الشهداء فيها لليوم السابق او نراجع عدد لافتات الجنود الشهداء المعلقة على مداخل الاحياء السكنية وان كانت قد ازدادت واحدة او اكثربعد كل هجمة على داعش او هجمة مضادة منه ..قبل ايام ، سمعت سببا جديدا للموت الذي يحصد الشباب قبل غيرهم حين فقدت احدى زميلاتنا في العمل ابن شقيقها الشاب الذي توفي غرقا في بحر إيجه ...كان ينوي السفر الى اوروبا مع عدد كبير من المهاجرين من العراق وسوريا ملاحقا حلما رومانسيا بمغادرة متاعب العراق والارتماء في حضن اوروبا فهي اكثر امانا بالنسبة له حاليا مهما واجه من عوائق فيها ..لم يكن يعلم هو ورفاقه ان اول تلك العوائق هو الموت غريبا في لجة بحر شاسع ودون ان يعثر اهله على جثته او تقر عين والدته برؤيته لآخر مرة قبل دفنه عزيزا في وطنه !
ماالذي يدفع شبابا بعمر الورد للتدافع على مكاتب اصدار الجوازات وقطع الصلات مع الوطن ومن فيه للاندفاع الى خارجه حتى لوتم ذلك عبر (طريق الموت) كما يطلق على طريق الهجرة غير الشرعية الذي تقول احصائيات وزارة الهجرة والمهجرين ان مايقارب 100عراقي يسلكونه يوميا من مختلف القوميات والاديان للخلاص من الخوف والتهديدات والتوتر السياسي والبطالة وضغوط المعيشة ..لعلها اسباب كافية لمغادرة حضن الوطن والسعي وراء المجهول في ارض غريبة فالقاعدة الجديدة تقول ان غربة يحياها الانسان خارج وطنه افضل بكثير من غربة يحياها داخله ، واغلب العراقيين اليوم على قناعة كاملة من ان حضن الوطن يلفظهم خارجه حين يحرمهم من اسباب العيش الكريم ويخنق حريتهم ويستبيح كرامتهم التي تتبعثر احيانا امام رمز بسيط للسلطة في الشارع او في دائرة حكومية وحين يعجز عن اعادة حقوقهم الضائعة اليهم بعد ان يسلبها منهم مسؤول مترف او حزب مقتدر او ميليشيا وقحة ...
نعود للاحصائيات التي تقول ان عشرين شخصا ماتوا غرقا قبل ايام وان هناك دولا مثل المانيا باتت ترفض استقبال اللاجئين مهما صعبت ظروفهم وانها بدأت تنصب لهم خياما بينما تعمل دول اخرى على اعادتهم الى بلدانهم بعد انقاذهم من الضياع او الغرق في البحر ، وهنا يتبدد الحلم الوردي وتصبح العودة الى الوطن عقوبة ويأسا ابديا ..
يقول احد القادة العرب من الذين اوصلوا بلدهم الى مصاف الدول الغربية "ان الانسان هو القاعدة وهو العمود الفقري لبناء حضارات الامم، ولتحقيق هذا الهدف النبيل فقد سعينا لتوفير الحياة الحرة الكريمة للمواطن في الريف والبادية والحضر " ونقول ان بناء الاوطان لايكتمل إلا ببناء المواطن لكن حكوماتنا دأبت على التفريط بهذه الثروة البشرية وتحولت حياة المواطن بالتالي الى احلام مستعصية التحقيق ..(وظيفة بعد التخرج ، عمل شريف لمن لايملك شهادة علمية بدلا من تشغيل العمالة الاجنبية ، توفير مناخ مناسب للكفاءات الموجودة في الخارج بهدف استقطابها لبناء البلد) ..اذن ، ليس غريبا ان يسلك بعضهم طريق الموت مهما كانت العواقب عسى ان يحظى بالخلاص ومن يبقى منهم في العراق فهو مخير بين ان يكون تابعا او مبادرا والتبعية هي سجن دائم اما المبادرة فهي أمل جديد حتى وان كان ضعيفا ببناء وطن ، وهي افضل الف مرة –برأيي- من الموت في البحر خارج حضن الوطن !
طريق الموت
[post-views]
نشر في: 14 أغسطس, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 1
اكرم حبيب
الست عدوية وهل للموت في العراق كرامة قبورنا ليس لها حرمة استباحها داعش واخواته من رجال الدولة ومليشياتها الم يكن ﻻستﻻم الجثة والبحث عن اسم المغدور ثمن باهظ لسماسرة الموت ان تعيش غريب خير الف مرة من ان تعيش ذليل على ابواب بغداد او كردستان او غيرها مع