اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > اعلانات الكترونية واخرى جدارية..الــدروس الخـصــوصية ســوق للـعــرض والـطــلـــب

اعلانات الكترونية واخرى جدارية..الــدروس الخـصــوصية ســوق للـعــرض والـطــلـــب

نشر في: 16 أغسطس, 2015: 12:01 ص

عبير طالبة في المرحلة النهائية السادس العلمي كانت تتوق الى الحصول على معدل عال يمكنها من الدخول الى احدى الكليات الطبية لكن المستوى الاقتصادي لعائلتها لم يمكنها من اخذ "دروس خصوصية" اسوة بزميلاتها اللواتي كن يدفعن الملايين لمدرسين ومدرسات البعض منهم

عبير طالبة في المرحلة النهائية السادس العلمي كانت تتوق الى الحصول على معدل عال يمكنها من الدخول الى احدى الكليات الطبية لكن المستوى الاقتصادي لعائلتها لم يمكنها من اخذ "دروس خصوصية" اسوة بزميلاتها اللواتي كن يدفعن الملايين لمدرسين ومدرسات البعض منهم فضل جمع الطالبات في بيت احدهن واعطاهن الدروس. مع كل الفوارق الطبقية الاخرى في نهاية العام الدراسي ومع اعلان نتائج الامتحانات النهائية كانت فرحة عبير اكبر من زميلاتها اذ نالت معدل يدخلها كلية علمية، فيما اكتفت زميلاتها بمعدلات الكليات الانسانية، وبذلك ضاع املهن وتعبهن ومال ذويهن في دروس خصوصية الكثير منها يتحول بعد ساعات من بدايته الى جلسات اصدقاء وصديقات ..
 
 
اعلانات منوعة
عندما كنت ابحث عن سوق مريدي الاكتروني الذي يضم كل ما يمكن ان تحتاجه من بضائع وحاجيات اكتشفت ان هناك اعلانات عن وجود مدرسين خصوصيين يقومون بالاعلان عن استعدادهم لاعطاء دروس خصوصية للطالب ولكافة الدروس ، الشي ليس بغريب ولكن مجرد الاعلان يعتبر كارثة تربوية وما وصلت اليه العملية التربوية بالعراق من تدني في المستوى العام. الشوارع هي الاخرى من الان تنشر اعلانات ملونة لمدرسين ومدرسات يعلنون استعدادهم للتدريس الخصوصي، في شتى الاختصاصات والمراحل الدراسية. 
 
 
متاجرة 
أسعار الدروس الخصوصية والمدرسين ترتفع وتنخفض تبعا لشهرة الاستاذ اضافة الى اهمية الدرس والمرحلة الدراسية، ما يؤسف له ان المدرس تحول من مصلح تربوي الى تاجر يبحث عن الربح اينما وجد. ابو علي والد لطالب في المرحلة المتوسطة الصف الثاني في مدرسة اهلية، تفاجأ ان مدرس مادة الانكليزي يطلب حضور الطلبة الى منزله قبل الامتحان لاعطاءهم درسا خصوصيا وبسعر( 10 ) الاف دينار لكل طالب وعددهم (30 ) تلميذا ومن ثم اعطاءهم اسئلة المادة، لكي يتمنكوا من حلها اثناء الامتحان ومن لايحضر يرسب ويتحمل المسؤولية.
ويضيف ابو علي : امور كثيرة ومسببات كانت وراء انخفاض المستوى التربوي يقف في مقدمتها لامبالاة التدريسيين، مبينا: فكيف يمكن ان اقوم بدفع قسط مقداره (مليون ونصف) دينار ثم ادفع مبالغ للدروس الخصوصية. معلل الامر بسبب المدارس الحكومية التي تعاني من سوء المباني واكتظاظ الصفوف بالطلاب حيث عدد طلاب الصف الواحد في مدرسة زين العابدين والواقعة في منطقة حي العامل( 60 ) طالبا (30) منهم يجلسون على الارض بينما في المدرسة الاهلية (25) طالبا يجلسون على المقاعد .
 
من الانسانية الى الربحية
فيما علق سعد فارس وهو والد لثلاثة اولاد في الاعدادية والمتوسطة كان الطالب يحترم الاستاذ ويحسب له الف حساب، لكن في الوقت الحاضر تغير كل شي. مضيفا: والامر طبعا بسبب تصرف بعض المدرسين وتعاملهم من التعليم كمنهة رابحة على حساب الانسانية. 
وبين فارس: ان الكثير من المدرسين يقومون بطبع المناهج التدريسية على شكل ملازم ملخصة ويجبرون الطلاب شراءها باسعار مرتفعة. مسترسلا: ناهيك ان الدروس الخصوصية التي باتت موضة تنتشر قبل كل موسم دراسي، اذ نلاحظ انتشار الاعلانات في الشوارع والمواقع الالكترونية..
 
 
(كلشي بسعره) 
الاء كاظم طالبة في الخامس الاعدادي تقول ان هناك بعض المدرسات تقوم باخبارنا عن امكانية اخذنا دروس خصوصية في منزلها وباسعار مناسبة شرط ان نجمع اعدادا كبيرة من الطالبات حتى يكون السعر مناسبا وتبلغ المحاضرة الواحدة (15) الاف دينار للساعتين. وتسترسل كاظم: المفارقة ان المدرسة هنا بشخصية مغايرة عن شخصية المدرسة التي اعتدنا عليها. فهي اكثر حماسا واسلوب مشوق بشرح المادة وبشكل مبسط وعندما سألتها احدى الطالبات عن سبب العصبية والمزاج المتعكر يوميا قالت ان اعداد الطلاب كبير في الصف ولايفهمون مهما شرحت ومن يريد ان يفهم ليدفع وعلى قول المثل (كلشي بسعره). 
بينما علقت ام نرجس (اولادها في المرحلة المتوسطة) ان على وزارة التربية وادارات المدارس اعداد المفتشيين التربويين والمشرفين بشكل افضل كي يتمكنوا من التواصل المستمر مع الطلبة واعتبارهم مصدرا لبيان كفاءة المعلم او الاستاذ، بالاضافة الى اعتماد نسبة النجاح في كل صف. مطالبة بمعاقبة المعلم الفاشل في حال اثبات عدم كفاءته او شعوره بالمسؤولية تجاه الطلبة ومستقبلهم.
 
 
الوزير يؤكد لكن ؟!
سبق وان اكد وزير التربية محمد اقبال، على اهمية اعداد آلية فاعلة للحد من انتشار ظاهرة التدريس الخصوصي، مبينا ان هذه الظاهرة لها آثار سلبية على المستوى العلمي للطلبة. وقال المكتب الاعلامي لوزير التربية في بيان تلقت (المدى) نسخة منه، إن الوزير وجه الجهات المعنية في الوزارة الى اعداد آلية فاعلة للحد من انتشار ظاهرة التدريس الخصوصي لما لها من آثار سلبية على المستوى العلمي للطلبة مؤكدا: على ضرورة متابعة المشرفين الاختصاصيين والتربويين وإدارات المدارس والمدرسين والمعلمين، وبث الوعي الديني والتربوي، من اجل الحد من هذه الظاهرة.
وتابع ان الوزارة مستمرة بالمتابعة واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة بحق المدرسين والمعلمين المخالفين، لافتا الى انها ستستقبل شكاوى المواطنين بهذا الشأن من خلال مديرياتها العامة في بغداد والمحافظات.
 
 
ابتزاز الطلبة
المشرف التربوي ايهاب العزاوي ذكر لـ(للمدى) إن المبالغ التي ينفقها بعض أولياء الأمور من ميسوري الحال قد يتجاوز المليون دينار أو أكثر على كل درس، تُصرف على بعض المدرسين الخصوصيين. والمشكلة الاكبر ان هذا السرطان انتشر في جسد التعليم بالعراق، حتى وصل الى المدارس الاهلية التي يفترض ان تترفع عن ذلك. مبينا : ان طرق التدريس المعتمدة الان في اغلب المدارس العراقية لم تعد تتماشى من التطور العلمي في العالم، الامر الذي يجبر الطالب الى الاتجاه الى الدروس الخصوصية، وهذا ما يشجع عليه الكثير من المدرسين. مسترسلا: لأنها اي (الدروس الخصوصية) باتت مكسبا للمعلمين والمدرسين وليس للنهوض بالمستوى العلمي للتلميذ والطالب، فالدرس الخصوصي أصبح ابتزازاً للطلبة وليس عملية تربوية بحتة.
 
 
من يملك المال
المدرٍسة سوسن فضلت عدم ذكر اسمها الكامل حين وجهت لها السؤال عن رأيها بانتشار اعلانات الدروس الخصوصية في الشوارع والمواقع الالكترونية بينت انه ليس هناك ضير من اخذ دروس خصوصية لبعض الطلاب فهم يريدون النجاح والتفوق. مبينة: ان هذه الاعلانات تسهل عليهم الامر وتوفر الكثير من التعب والجهد الذي بالامكان استغلاله في الدرس. 
واضافت عبد الرحيم : لماذا نحول الامر الى مشكلة تؤثر على العملية التربوية، مبينة ان الدروس الخصوصية موجودة منذ زمن وهي ليست جديدة وليست من صنع احداث ما بعد 2003. مستطردة: من يملك المال ولايفهم الدروس بسهولة يتجه الى التدريس الخصوصي للحصول على معدلات او تحقيق النجاح، وبكل صراحة هناك تلاميذ يأتون الى بيوت المدرسين ويطلبون اخذ دروس خصوصية وبموافقة عوائلهم فان اعلنوا او لم يعلنوا فان تلك الظاهرة حالة طبيعية حتى وان اختلفت الظروف وتحسنت المستويات المعيشية .
 
 
تضخيم اخطاء
بينما علق المدرس حسين علاوي قائلا:هناك بعض المدارس ومنها الاهلية هي من يقوم مدرسوها باعطاء دروس خصوصية واغلبهم يقومون بالاعلان عن امكانية اعطائهم وهولاء يكونون خارج السلك الوظيفي الحكومي. موضحا: اما في المدارس الحكومية فهناك كثير من الاساتذة يقومون باعطاء الدروس خصوصية وبعلم ادارات المدارس.
واضاف علاوي: اما بالنسبة للوزارة فهي لديها الثقة الكاملة بأن مدرسيها يقومون بواجباتهم على أكمل وجه وعملية تدريسهم للطلاب لا تشوبها اي شائبة ولا يعتريها تقصير وان الأهل من يبالغ في تضخيم أخطاء المعلمين، وفي حال لم تكن النتيجة جيدة، يسهل إلقاء اللوم على الأستاذ، ليتحول الأمر إلى مشكلة عائلية بين الاهل والمدرسة ، وابناء لا يبذلون الجهد.
 
 
اين دورات التقوية ؟!
مع نهاية العطلة الصيفية يبدأ الآباء رحلة البحث المضني عن مدرس خصوصي يعين ابناءهم على تجاوز حاجز البكالوريا في المرحلتين المتوسطة والاعدادية خاصة الصفوف المنتهية، والرحلة في كل الاحوال ليست يسيرة حيث تتطلب ميزانية استثنائية ونزيفاً متواصلاً للمصاريف، وغالبا ما يتم حجز المجاميع الدراسية لدى المدرسين المتميزين بوقت مبكر وبأسعار تتصاعد مع شدة الاقبال وسمعة المدرس، حتى باتت ظاهرة تنتشر بسرعة. رئيسة لجنة التربية والتعليم غروب العزاوي قالت لـ(للمدى): ان الدروس الخصوصية افة تنخر في المستوى التعليمي بكل مستوياته ويجب الوقوف ضدها ومنعها وتشجيع اقامة دورات التقوية في المدارس وحث المدرسين على ذلك. مبينة: من حق الطالب ان يتعلم وان يكون المدرس بمستوى المسؤولية. داعية الى ضرورة محاسبة من لايقوم بتأدية واجبه بالشكل الصحيح.
أشارت العزاوي الى ان لجنة التربية تمنع اعطاء الدروس الخصوصية وعلى الطلاب التوقف عن اخذها وابلاغ الجهات المعنية. كما طالبت اعلام لجنة التربية والتعليم بشأن المدرس المتاكسل والذي يتعمد عدم اكمال المادة. 
 
 
وزارة التربية !!
اجرينا اتصالات هاتفية عدة بالمكتب الاعلامي لوزارة التربية لكن دون اي اجابة منه ولانعلم لماذا لايجيب المكتب الاعلامي على وسائل الاعلام،فهل تصرف شخصي ام امر اداري يمنع ذلك؟. قانون وزارة التربية رقم (22 ) لسنة 2011 والمنشور على موقع وزارة التربية تنص المادة -3 – خامسا فيه على تهيئة المعلمين والمدرسين والمشرفين التربويين والمسؤولين عن ادارة العملية التربوية والاشراف عليها واعادة تدريبهم اثناء الخدمة وتطوير قدراتهم المهنية والعلمية . وبحسب تقرير اليونسكو فإن العراق في فترة ما قبل حرب الخليج الثانية عام 1991 كان يمتلك نظاما تعليميا يعتبر من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة. كذلك كانت نسبة القادرين على القراءة والكتابة (literacy) في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الفائت عالية لكن التعليم عانى الكثير بسبب ما تعرض له العراق من حروب وحصار وانعدام الأمن، حيث وصلت نسبة الأمية حاليا إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ التعليم الحديث في العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram