تصوّرت الى حدود بعيدة أن تكون أعذار بعض الاندية حول استحالة مشاركتها بدوري النخبة للموسم الحالي هي للاستهلاك الإعلامي والضغط على بعض الجهات المانحة لتكون أكثر جدية وكرماً في التمويل والإسناد، وأن مشاكل الملاعب وعقود اللاعبين والمدربين والعدد اللوجستية يمكن تجاوزها بطريقة وأخرى ، فالمهم لدى الجميع ان يقتنصوا فرصة التواجد بدوري النخبة كونه الأهم للاعلان عن هوية الاندية واستحقاقاتها وربما بالغت بعض الاندية في فترات سابقة بتهديدها ووعيدها لبلورة الضغط الى حقيقة مفيدة، ولكن اعترف أن عدداً كبيراً من هذه الصور تلاشت من مخيلتي وأنا أجوب اطراف الوافد الجديد لدوري النخبة نادي السماوة وألتقي بهيئته الإدارية المحبطة تماماً امام جمهورها بعد ان خسرت جميع منافذ التمويل لديها وتعاني اليوم من ديون كثيرة كبتت حرية العمل والتفكير لديها في ظل وضع متأزم في مجلس المحافظة الذي توقف تماما عن دعم نادي المحافظة الأول في التمثيل الرياضي على مستوى العراق ولم يعد يفكر بواجهته الرياضية قدر تفكيره بالخروج من المأزق المستمر واستهدافه من المتظاهرين ، وتمويل آخر متوقف من وزارة الشباب والرياضة بجوانب المنح والاستثمار لأسباب خارجة عن الإرادة يغلفها الروتين الإداري وعقدة المراجعات وحالة التقشف التي صارت أحد أهم الاعذار الجاهزة لنسف أي ملف للتسليف والإعانة الأمر الذي أثمر عن توقف صرف مستحقات اللاعبين ومعهم المدرب المصري محمد علوش وإنزواء الداعمين للنادي تحت ضغط الأوضاع الصعبة وعدم جدوى الدعم بدراهم معدودات!
هذه الصورة ربما عكست لنا الحال في الاندية الأهلية عموماً سوى البعض منها من نال دعم مجالس المحافظات أو تصدّقت به بعض المؤسسات الحكومية لتسيير الأوضاع آنياً وليس بصفة دائمة وافكار جديدة تضمن الاستفادة من الاندية وارباحها كما يحصل في جميع بلدان المعمورة سوى العراق وقد يستثنى من الاشارة اندية المؤسسات التي منحها القدر آلية الاستمرار بمقدرات واستقطاعات من المؤسسة ولكنها هشة كذلك اليوم ولم تعد سخية كما كانت في فترة سابقة بفعل حالة التقشف وانهيار اسعار النفط مصدر دخلنا الأوحد والحالة الأمنية وما تتطلبه من جهود كبيرة لاستقرار الأمن وضرب الارهاب والدليل على ذلك ان اكبر اندية المؤسسات لدينا لم تعد قادرة على استمرار حملات ترميم وتأهيل ملاعبها وصارت بعض الملاعب المتعبة اصلاً مطلباً لثلاثة أندية او اكثر فضلاً عن متعلقات مالية معطلة لعقود اللاعبين والمدربين وغيرهم .
إن ما نشير اليه من واقع صعب لابد ان يفرض نفسه على دوري الكرة شكلاً ومضموناً ويترجم الى حالة ضعف في الإعداد والأداء معاً وربما كان هناك ما هو الأكثر إيلاماً باعلان الانسحابات كما في النية لبعض الاندية وهي ان حصلت فعلا فانها ستكون ضربة موجعة للكرة العراقية ومستقبلها بصورة عامة وليس للدوري والاندية والاتحاد فحسب وربما كان عذرهم واضحاً. فكيف لفريق ضمن دوري النخبة الكروي لم يفلح حتى قبل شهر من انطلاق الدوري من اقامة مباراة ودية واحدة للوقوف على جاهزية لاعبيه ولم يتمكن من تعزيز صفوف فريقه بأي لاعب جديد وخزينة النادي خاوية على عروشها ؟ كيف له أن يقابل المنافس الآخر الذي استعد خارج العراق وعزز فريقه بعقود جديدة ؟ انها حالة واضحة كالشمس لا يمكن لهذا النادي المتهالك أن تكون له عناصر القوة والصمود والمطاولة وهو إن فعل فسيكون ضحية الهزائم المنكرة والمشاركة من أجل المشاركة فقط بما ينعكس على دوري النخبة ضعفاً. وقد يسأل أحدهم هنا وما الحل ؟ الحل البعيد هو بتفعيل منافذ الاستثمار للاندية في الاراضي التي تشغلها كي تتمكن من تغطية تكاليف اعداد فرقها مع تكثيف الرقابة والمطالبة بمشاريع رصينة ناضجة لا تكون ابداً على حساب الالعاب الرياضية، والحل الأسرع في الوقت الراهن هو دعم الاندية لدوري النخبة من قبل الوزارة والاتحاد واللجنة الاولمبية، لأن دوري الكرة الاول هو الواجهة الكبرى لرياضة العراق وتقنين المشاركات الخارجية بلا جدوى من اجل المحلية التي تديـم زخـم رياضتنا وإنجازاتها.
الدوري على كـفِ عفريت!
[post-views]
نشر في: 17 أغسطس, 2015: 09:01 م