فوا عجبي من قوم يدعون انهم سائرون على نهج علي بن ابي طالب ويعتبرون المثول امام العدالة إهانة. كم من مرة مثل بها علي امام شريح القاضي رغم انه خليفة المسلمين وامير المؤمنين؟ هذا هو يا أصحاب الفرق بين الشموخ والغطرسة.
ما الذي حدا بجورج جرداق، وهو المسيحي، ان يكتب عن علي غير عدالته واحترامه للقضاء؟ أي امام اذن اقتدى به جماعة دولة القانون الرافضون لذكر أسماء المتسبب الأول بسقوط الموصل على الهواء؟ أليس لأنهم على يقين بانه ليس بريئا؟ البريء حين يتهم يطرب للمثول امام القضاء ليثبت براءته لا أن يأتي بشلل تصفق له على انه بريء.
هاكم عن ابن ابي طالب هذه الوقفة لعلكم تتذكرون ولا أقول تعقلون لأن من لا ضمير له لا عقل له:
عن ابن أبي الحديد: ان رجلا اشتكى عليا عند عمر بن الخطاب و علي جالس. فالتفت عمر إليه وقال: قم، يا أبا الحسن فاجلس مع خصمك، فقام فجلس معه وتناظرا. بعد ان انصرف الرجل ورجع علي الى مجلسه، لاحظ عمر التغير في وجهه فقال: يا أبا الحسن، مالي أراك متغيرا؟ أكرهت ما كان؟ قال: نعم. قال: وما ذاك؟ قال: كنيتني بحضرة خصمي، هلا قلت: قم، يا عليا اجلس مع خصمك؟ قالها لأن السلطة لم تكن عنده تساوي شسع نعله ولا تضيف له قيمة اعلى كما يراها أبو "ما ننطيها".
من بديهيات التاريخ ان أي بلد ينكسر امام عدو ليحتل ثلث ارضه ومدنه ويسبي نساه ويعمل السكين في رقاب شبابه، من حق شعبه ان يسأل القائد العام للقوات المسلحة أولا. ولأن الشعب بالملايين فلا يمكن، من الناحية العملية، ان نأتي بهم جميعا ليحاكموه. من هنا على المدعي العام، الذي يمثل الشعب، ان يدعوه للمثول امامه وعليه ان يلبي الدعوة رغما عنه. هذه عند العاقل فرصة يغتنمها ويسارع طوعا لتلبيتها. ولا يأنف منها الا مذنب او غبي.
انا شخصيا لا ألوم رئيس مجلس النواب على مسكه "للكرة" من الوسط ورميها في ساحة القضاء. يبدو ان الرجل "اتعظ" مما حدث لمتظاهرينا المسالمين العزل مؤخرا في ساحة التحرير. واضح انه تجنب تحويل ساحة مجلس النواب الى هجمات "للخوشية" بالسلاح الأبيض. قد تهون اذا خاف مجلس النواب. لكنها لن تهون وستكون وصمة عار لا تزاح مدى الدهر ان خاف القضاء.
اليوم يومك يا قضاء. وان الله ليحبك اذ منحك هذه الفرصة لتغسل أخطاء الماضي ولتعود لأحضان العدالة. ومن يحبه الله سيحبه الشعب حتما ويغفر له ما تقدم من ذنوبه، ولكن ليس ما تأخر.
اليوم يومك يا قضاء
[post-views]
نشر في: 17 أغسطس, 2015: 09:01 م