TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إصلاح.. بلا إصلاحيين!

إصلاح.. بلا إصلاحيين!

نشر في: 17 أغسطس, 2015: 09:01 م

حتى اللحظة لم تُقدّم القوى السياسية المتنفّذة في السلطة الدليل القاطع على أنها تؤيد حقاً وتتبنى فعلاً إجراء الإصلاح السياسي والإداري والمالي الذي تطالب به الحركة الاحتجاجية المتواصلة والمتصاعدة للأسبوع الثالث على التوالي وأعلنت الحكومة والبرلمان تجاوبهما معه (مطلب الإصلاح).
الجميع تسابقوا للإعراب عن التأييد، خصوصاً بعد إعلان الحكومة عن برنامج إصلاح جزئي وتصريح مرجعية النجف الدينية بدعمها مطالب الحركة الاحتجاجية.. بيد ان موقف القوى السياسية المتنفذة حيال الحركة الاحتجاجية ومطالبها لم يتقدم خطوة على التأييد اللفظي، فما من خطوة عملية اتخذتها هذه القوى منفردة أو مجتمعة تُظهرأنها عاقدة العزم على الاعتبار بما يجري الآن وبما جرى منذ 2003 ، وخوض عملية الإصلاح التي صارت لازمة.
التصويت بالإجماع في مجلس الوزراء ثم في مجلس النواب على المشروع الإصلاحي الجزئي الذي اقترحه رئيس الوزراء وعلى المشروع المماثل المقدّم من رئاسة مجلس النواب، لا يمكن التعويل عليه والتوثّق من أنه يعكس الموقف الحقيقي لهذه القوى ووزرائها ونوابها، فأيدي الجميع ارتفعت بالتأييد داخل المجلسين خوفاً من غضب الجماهير في الغالب، لأن الواقع يقول إن بعض كبار الفاسدين والمفسدين موجودون في المجلسين، والمنطق يقول إن من غير المعقول تأييد هؤلاء لاجراءات يُمكن أن تطالهم وتطيحهم من مناصبهم، وقد تؤدي إلى سجنهم.
الخطوات العملية الجادّة التي كنّا ننتظرها من هذه القوى هي أن تتداعى قياداتها إلى الاجتماع والنظر مليّاً في أحوال البلاد والعوامل التي أدت إلى انفجار الغضب الشعبي وفي الخطوات اللازم اتخاذها.
ما من حزب أو كتلة أو ائتلاف متنفّذ في الحكومة والبرلمان يمكن أن ينأى بنفسه عن أسباب الفشل في إدارة الدولة، وفي مقدمها الفساد المالي والإداري.. الجميع لديهم وزراء فاشلون وفاسدون.. والجميع لديهم نواب فاشلون وفاسدون.. والجميع لديهم وكلاء وزارة ومدراء عامون ورؤساء مؤسسات ورؤساء وأعضاء هيئات "مستقلة" وقادة في الجيش والشرطة والأمن فاشلون وفاسدون أيضاً. ولو كانت هذه القوى جادة في تأييد الحركة الاحتجاجية ومطالبها وبرنامجي الحكومة والبرلمان للإصلاح لبادرت من تلقاء أنفسها الى البحث في ما يمكنها أن تفعله حيال الفاشلين والفاسدين من ممثليها في مؤسسات الدولة، فتسحبهم أو تطلب إقالتهم، وبخاصة عديمي الخبرة ومفتقدي الكفاءة وأصحاب الشهادات والوثائق المزوّرة والانتهازيين من فلول النظام السابق الذين وجدوا الطرق السالكة إلى داخل الأحزاب الحاكمة، وبخاصة الإسلامية الشيعية والسنية وهم عنصر أساس في حال الفشل والفساد والارهاب.. كتلة واحدة فقط فعلت بعضاً من ذلك، هي كتلة الأحرار الصدرية التي أرغمت أحد وزرائها على الاستقالة ومواجهة القضاء عن تهم الفساد الموجهة إليه، لكنّها على أهميتها الرمزية ليست بالخطوة الكافية، فهناك آخرون من ممثلي هذه الكتلة من المسؤولين في الدولة متهمون بالشيء نفسه.
الإصلاح فعل وليس كلاماً، ومَنْ لا يُصلح حاله أولاً لا خيرَ فيه ولا خيرَ يُرتجى منه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram