ضيّفت رابطة النقاد في اتحاد الادباء والكتاب العراقيين الدكتور رعد الزبيدي في محاضرة بعنوان (القناع والشعر) ضمن منهاجها الثقافي ليوم الاربعاء الماضي حيث دار الحديث حول ماهية القناع وعلاقته بالقصيدة. وبيّن مقدم الجلسة الشاعر والناقد علوان السلمان ان قص
ضيّفت رابطة النقاد في اتحاد الادباء والكتاب العراقيين الدكتور رعد الزبيدي في
محاضرة بعنوان (القناع والشعر) ضمن منهاجها الثقافي ليوم الاربعاء الماضي حيث دار الحديث حول ماهية القناع وعلاقته بالقصيدة. وبيّن مقدم الجلسة الشاعر والناقد علوان السلمان ان قصيدة القناع تنتسب الى قصيدة التجربة لأنها تعكس اعمق ما اصاب القصيدة الحداثوية من تطورات. وقال: هي تحاكي شيئاً غير بنية التجربة ذاتها، اضافة الى انها تمثل المنجز الشعري لتجاوز النزعة الرومانسية التي لم تعد ملائمة للتعبير عن توترات الحياة وهموم المجتمع.
وفي حديثه ، اشار الزبيدي الى ان القناع يعني في اللغة الغطاء او التخفي، وفي الأدب يعد اداة فنية يتخفى خلفها الشاعر ليستطيع ان يحقق التخفيف من نبرته الذاتية كي لا يظهر مع المتلقي بشكل مباشر وهو يدلي بما يريد قوله، والأهم من ذلك هو مشاركة المتلقي مع القصيدة. وعندها لم تكن التجربة الشعرية في القصيدة ملكاً لصوت الشاعر ورؤيته وانما يشاركه فيها آلاف المتلقين. وقال: القناع بالنسبة للبياتي يعد اكتشافاً خطيراً، لذا نجد الكثير من الشعراء وقعوا في اخطاء، لذلك ليست كل قصيدة قناع ناجحة. ومن ابرز هذه الاخطاء هي سطحية القناع. لافتاً الى ان هناك الكثير من القصائد التي نتصورها قصائد قناع لكنها في الحقيقة هي قصائد شخصية يتحول فيها الصوت. ومن الأمثلة التي طرحها المحاضر ما ورد في قصيدة السياب (العودة الى جيكور) مبيناً انه استعمل شخصية الرسول (ص) لكنها بقيت بحدود العنوان فقط، اما مضمون القصيدة فكان السياب وجيكور والمرض والجوع، وهو ما نسميه علو صوت الشاعر. كما في قصيدة البياتي (الى امهات جنود ألمانيا) يستعمل قصيدة بصوت الأم لكن المضمون يتحول الى بيان سياسي حربي عسكري لا يتناسب مع تداعيات القناع. واحيانا نجد تفتت القناع، فحين يتحدث البياتي عن عمر الخيام في ديوانه (يأتي ولا يأتي) نجد القصيدة تزدحم باقنعة ورموز كثيرة لا نجد فيها عمر الخيام.
وفي مداخلته أوضح الشاعر محمد حسين آل ياسين ان البياتي صاحب تنظير في مسألة القناع. منوهاً الى ان ما ورد في قصيدته (عائشة وبستانها) يؤكد انه صادر عن شاعر يؤمن بالقناع ويصنعه وينظر له. وقال: البياتي شاعر مثقف واسع الاطلاع كثير القراءة يعرف تفاصيل تراث الشعر الصيني والأوروبي فضلاً عن العربي. لذا تعد عائشة والبستان قناعا واسعا جسد من خلاله ما أراد بتفاصيله ودلالاته.
فيما اشار الناقد ياسين النصير الى ان الشعر العربي لم يستعمل القناع وفق مفهومه، وانما استعمل المرايا، وهذه ليست اقنعة وانما هي مرايا. موضحاً ان البياتي حين يستعمل امرأ القيس او السهروردي فهذه ليست اقنعه، لأن القناع وفق مفهومه المعرفي، هو ثيمة راسخة متشكلة قبل ان يستعملها الشاعر، ولها بعد اجتماعي وواقعي ونفسي تشكل مسبقاً وأخذ شكله، وحين يستعيره الشاعر يستعير المرحلة والمناخ ايضاً. لذا نجد الشعراء كالبياتي وسعدي يوسف وأدونيس لم يستعملوا الأقنعة بمفهومها الدقيق، وانما كمرايا متشظية متنوعة تعكس أزمنة وتواريخ يصنعها الشاعر بنفسه. اما القناع فيفرض وجوده وايديولوجته ومجتمعيته وتاريخه على الشخصية. مؤكداً اننا بعيدون عن مفهوم القناع، في حين ان المرايا تلعب دورها في التجدد واستحضار الماضي.