رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة السابق لا يتحمّل أي مسؤولية عن سقوط مدينة الموصل وسائر المناطق التي تشكّل ثلث مساحة العراق في أيدي داعش، بحسب ما أعلنه هو وردده أقطاب في "دولة القانون" الذين لم يتردد أحدهم من وضع السيد نوري المالكي في مصاف النبي محمد قائلاً ما معناه أن تحميل المالكي المسؤولية عن سقوط الموصل يشبه تحميل النبي محمد مسؤولية هزيمة جيش المسلمين في معركة أُحد!!!
ومثل المالكي لا يتحمّل محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي هو الآخر أي مسؤولية عن ذلك السقوط، بحسب ما صرّح به هو غير مرة وكرّره ائتلاف "متحدون" الذي يقوده شقيقه أسامة النجيفي.
وبالطبع فان وزير الدفاع ورئيس الأركان ومدير مكتب القائد العام والوكلاء والقادة في وزارتي الدفاع والداخلية، بمن فيهم قائد القوات المشتركة وقائد القوات البرية وقائد عمليات نينوى وسواهم، هم كذلك في حلّ من المسؤولية لأنهم جميعاً مؤتمرون بأوامر القائد العام. كما أن كبار المسؤولين المحليين في محافظة نينوي غير مسؤولين ما دام المحافظ نفسه غير مسؤول، ولأنهم يتلقون الأوامر من المحافظ.
إذاً، لا أحدَ ممن وردت أسماؤهم في قائمة هيئة التحقيق النيابية يتحمّل المسؤولية عن سقوط الموصل وقبلها الفلوجة وبعدها تكريت وسائر المدن والبلدات والقرى التي اجتاحها داعش في غضون يومين وليلتين فقط... فما العمل الآن؟.. العمل أن مجلس النواب عليه أن يحلّ اللجنة التي شكّلها للتحقيق في قضية سقوط الموصل، وأن يمزّق ويحطّم ويحرق الأوراق التي كُتب فيها التقرير وأجهزة الكومبيوتر والأقراص المدمجة وسواها من وسائل النسخ التي طبع عليها وحفظ بها التقرير، ليختفي كل أثر للتحقيق وما ورد فيه من وقائع ومعلومات.
جهاز الادعاء العام من جانبه يتعيّن عليه أن يُغلق ملف القضية، حتى قبل أن يفتحه، وأن يسجّلها ضد مجهول كحال آلاف قضايا التفجيرات والقتل والسرقة والحريق والفساد الإداري والمالي التي شهدتها البلاد منذ 2003 حتى الآن ولم يهتد أحد الى فاعليها!
أكثر من هذا، الخطوة التالية التي على الحكومة ومجلس النواب وكل مؤسسات الدولة الإقدام عليها، هي أن تُعيد الاعتبار إلى رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة السابق وأن تعوّضه عما لحق به من أضرار معنوية ونفسية ومادية بسبب الاتهامات "الباطلة" الموجهة إليه في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، مع أن اللجنة لم تفعل سوى جمع المعلومات المتعلقة بالقضية ورفعها إلى مجلس النواب الذي أحالها بدوره إلى السلطة القضائية لتقوم بما تراه مناسباً. وبالطبع فان التعويض المناسب في هذي الحال هو إعادة السيد المالكي الى مواقعه السابقة.. وهو المطلوب!
الأشخاص الأربعة والثلاثون الآخرون الواردة أسماؤهم في قائمة لجنة التحقيق ينبغي بالضرورة أن يُعاملوا بالمثل.. أن يُعوضوا مادياً ومعنويا ويُعادوا إلى وظائفهم ومناصبهم السابقة.... وكأننا لا رحنا ولا جينا، وكأن الموصل لم تسقط وثلث مساحة البلاد لا يرزح تحت الاحتلال الداعشي، وكأن مئات الآلاف من العراقيين لم يُقتلوا أو يُؤسروا أو يُغتصبوا أو يباعوا في سوق النخاسة، ولا يعيشون في مخيمات البؤس وامتهان الكرامة الإنسانية.
أظن أن هذا ما سيحصل، أو ما يراد له أن يحصل، ما دامت القضية برمتها قد عُهد بها إلى قضاء لا يعترف بفساده ولا يريد أن يُصلح حاله.
الموصل... لا أحد مسؤولاً!
[post-views]
نشر في: 18 أغسطس, 2015: 09:01 م