هي ظاهرة لا تهدأ اوجهها واشكالها، حد انها صارت اشبه بالحمى التي وصلت اقصاها مع بدء العرض الرسمي للجزء الثالث من فيلم "مينيونز": الكائنات الصغيرة على شكل كبسولة، بلون قشرة الموز، التي احبها الناس بشكل طاغ، بما يعكس حاجة متواصلة للبراءة في عالم ب
هي ظاهرة لا تهدأ اوجهها واشكالها، حد انها صارت اشبه بالحمى التي وصلت اقصاها مع بدء العرض الرسمي للجزء الثالث من فيلم "مينيونز": الكائنات الصغيرة على شكل كبسولة، بلون قشرة الموز، التي احبها الناس بشكل طاغ، بما يعكس حاجة متواصلة للبراءة في عالم بات يفتقدها بقوة.، لكن هذا تحول الى نقيضه تقريبا، مع فيض من اشكال الاستثمار التجاري، حد ان لا شيء اليوم في الاسواق الاميركية، الا ويتخذ من اشكال تلك الكائنات الغريبة البريئة التي تتحدث لغة غير مفهومة ولكنها محببة وتأتي في سياق "البراءة" ذاته، شعارا للترويج التجاري، في عروض تبدأ من دمى الاطفال ولا تنتهي بالطعام والملابس، مرورا بالالعاب والاغنيات التي تحولت من لغتها الاصلية الى تلك "الرطانة" التي تتحدث بها الكائنات الصغيرة العجيبة.
وفي حين يقرأ صحافيون ونقاد اميركيون، ظاهرة الثلاثي: بوب، كيفن وستيوارت، على ان "ابعد من قضية كسب الملايين" لا سيما في الجانب الفني الذي حققه الجزء الاخير، واستعاد فيها بنجاح لافت، اجواء ستينيات القرن الماضي في كل من نيويورك ولندن، والايقونات السياسية والفكرية والاجتماعية المميزة لتك الفترة الصاخبة في احداثها وعالمها، الا انها "قضية كسب الملايين" حقا، في سعار لا يتوقف من تحويل البراءة التي قدمتها الشخصيات العجيبة تلك، الى تدفق مالي عبر استهلاك منظم ومتعدد الاوجه والمعالم.
الامر ليس جديدا على نمط اميركي شاع وصار عالميا، عبر تحويل العلامات الفنية الشهيرة الى تجارية لضمان رواج مختلف البضائع، وبالتالي فان ما كتبه جو مورغنشتيرن في "وول ستريت جورنال" من ان "المينيونز اكثر من قضية ملايين" لا يبدو صحيحا، حين تحولت الظاهرة من ابعادها الفنية القائمة على اعلاء قيم البراءة في عالم يفتقدها، الى عمل تجاري محض، وصل حد استخدام رطانة الثلاثي المحبوب في الترويج لحفاضات الاطفال، ناهيك عن الحلويات والعلكة والملابس والقبعات والاحذية الخفيفة.
وفي تناقضات الظاهرة، يبدو الانتصار الذي تحققه الكائنات الصغيرة البريئة على رموز الشر كما في شخصية سكارليت (تجسد صوتها النجمة ساندرا بولوك) كامرأة الشر المطلق الساعية الى الاستيلاء على تاج ملكة بريطانيا، هو نقيض ما انتهى اليه كمعنى انساني ما لبث ان صار علامات تجارية يستخدمها وحش لا يقل اذى عن سكارليت، في تحقيق رغباته التي لا تتوقف عن الربح والربح ولاشيء غيره.
وثمة من ينظر الى "مينيونز"، على انها المنقذ للشركة المنتجة، لاسيما بعد صفقتها الخاسرة مع الائتلاف الاعلامي والفني "تايم وورنر"، فحققت في ظاهرة "الكائنات البريئة اللطيفة"، اموالا عوضت نحو 300 مليون دولار خسرتها في الشراكة مع العملاق الاعلامي، وصارت "الكبسولات الصفر ذات الرطانة المحببة"، بمثابة الدجاجات التي تبيض ذهبا، حد ان هناك من يؤكد على ان "كل نقرة بحث في "غوغل" عن الظاهرة الواسعة، تعني عائدا اضافيا وربحا للشركة التي تتاجر بالبراءة، وبحاجة الناس الى فسحة بعيدا عن غول الشراهة الاستهلاكية الذي لا يهدأ، ولكنهم لن يجدوها على ما يبدو حتى مع كائنات غبية و... طريفة".