اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > النوادي الاجتماعية للاتحادات والنقابات .. لِمَ لم تعد اجتماعية ؟!

النوادي الاجتماعية للاتحادات والنقابات .. لِمَ لم تعد اجتماعية ؟!

نشر في: 20 أغسطس, 2015: 12:01 ص

ذات مساء كنت على موعد مع احد الاصدقاء في مقهى رضا علوان بالكرادة داخل، صعدت سيارة الكوستر العاملة على الخط من ساحة الطيران، كان ثمة شاب في العشرينيات من عمره، يجلس امامي، رن هاتفه النقال بعد سلام وكلام ( والمعروف عن العراقي اول ثلاثة دقائق من الاتصال

ذات مساء كنت على موعد مع احد الاصدقاء في مقهى رضا علوان بالكرادة داخل، صعدت سيارة الكوستر العاملة على الخط من ساحة الطيران، كان ثمة شاب في العشرينيات من عمره، يجلس امامي، رن هاتفه النقال بعد سلام وكلام ( والمعروف عن العراقي اول ثلاثة دقائق من الاتصال يقضيها شلونك وبعد شلونك/ وشخبارك/ واحوالك وهكذا، بالطبع هذا الامر يفرح شركات الهاتف النقال جدا) المهم بعد ان انتهى من السلام اخبر صديقه انه ينتظره في نادي الادباء... وصلنا ساحة التحرير نزل الشاب واتجه نحو بناية الاتحاد... احد الاشخاص ممكن سمع حديثه تساءل كيف يسمح بمثل هولاء الدخول الى هكذا اندية اجتماعية نقابية محترمة، رد عليه شخص اخر الامور اختلفت كثيرا، عن السابق الامر يحدث في كل النوادي الاجتماعية العائدة للاتحادات والنقابات ومنها جمعية المهندسين التي انا احد اعضاءها..
 
 
الحركة المدنية
النوادي والجمعيات والمنظمات والتجمعات الثقافية والفنية والاجتماعية والنقابية في العراق اغلبها كانت تطوعية لايبتغي اعضاؤها الربح وكانت تقدم خدمات لمن يستحقها من الناس وكل ما كانت تهدف اليه ان تكون مكملة لمستلزمات الدولة المدنية العصرية عضو الهيئة الادارية لنادي العلوية د. كاظم المقدادي تحدث عن ذلك قائلا: النوادي الترفيهية منها العائلية ومنها غير ذلك مثلا العلوية تأسس سنة ١٩٢٤ ومازال من النوادي العائلية المهمة الذي يشكل قاعدة مهمة للمجتمعات المدنية في العراق، مستدركا: بالمقابل هناك الكثير من النوادي الترفيهية التي لاتمتع بصفات النوادي العائلية وتأسست بدون اجازات اصولية..مما سمح للجماعات المسلحة بالهجوم عليها ليس بدافع قانوني. إنما لكي تخضع لسلطة وإدارة الميلشيات وهذا يترتب عليه فرض اتاوات وغيرها في شارع عرصات الهندية، سمحت الميلشيات بفتح الملاهي للكسب المادي وهي تدعي انها من احزاب اسلامية.
 
 
الاحزاب الدينية
واضاف المقدادي: المفارقة هنا ان الملاهي كثرت في المناطق التي تكثر فيها مقار الأحزاب الدينية المطلوب ان تنتبه وزارة السياحة ومحافظة بغداد لهذا الامر الذي يسبب ازعاجا للاهالي، لان الملاهي موجودة اليوم في المناطق السكنية، مضيفا: لذا يفترض ان يعود دور وزارة السياحة لتنظيم عمل النوادي الاجتماعية لانها ضرورية لمجتمع مدني نريده وبهذا التنظيم الاداري يمكن منع الميلشيات وغيرها من الهجمات التي تقوم بها كل فترة.
وبشأن نوادي الاتحادات والنقابات مثل الأدباء والصحفيين والصيادلة وغيرها التي تحولت الى بارات تدخل بمجرد دفع مبلغ بسيط يسمى الدخولية. يقول: هذه النوادي اتجهت اتجاها استثماريا.. والمتعهدون هم الذين يتحكمون بها اما أعضاء الهيئة الادارية فقد استغلوا هذا الامر وصاروا بعهدة المتعهد ولاسباب ومنافع مادية بحتة.
 
 
كفالة الدستور
المادة 15 من الدستور نص على "لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرار صادر من جهة قضائية مختصة"، والمادة 17الفقرة الأولى"لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين والآداب العامة"، والفقرة الثانية "حرمة المساكن مصونة ولا يجوز دخولها أو تفتيشها أو التعرض لها إلا بقرار قضائي ووفقاً للقانون"، والمادة 22 الفقرة الأولى "العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة"، والمادة 35 الفقرة الأولى "حرية الإنسان وكرامته مصونة" أ- "لا يجوز توقيف احد أو التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائ"،ب- "يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية، ولا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه، وفقاً للقانون"، والفقرة الثانية "تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني"، والمادة 36 "تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب" الفقرة الأولى "حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل"، والمادة 40 "لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة"، والمادة 44 "لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناء عليه، على ألا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق والحرية".
 
 
فقدان الدعم
الناقد التشكيلي د.جواد الزيدي تحدث عن هذه الظاهرة قائلا: ان النوادي الاجتماعية هي ذات صبغة تخصصية وجدت من أجلها أصلا لألتقاء منتسبي تلك النقابات والاتحادات والجمعيات على صعيد الأفراد أو العوائل والاحتفاء بمناسباتهم الخاصة المهنية والعائلية. مبينا: يعد النادي الترفيهي للفنانين التشكيليين واحدا من هذه المنتديات الاجتماعية التي تهتم بتقديم الخدمات للتشكيليين العراقيين، وقد كان مدعوما من جمعية التشكيليين نفسها حيث تضع ضوابط مهنية لطبيعة الداخلين والمتمتعين بالخدمة وفرض الزي الرسمي عليهم حتى وان كانوا اعضاء في الجمعية،.
 
 
هجرة الفنانين
واضاف الزيدي: ألا أن الظروف المحيطة قد تكون متشابهة حيث فقدان الدعم عن الأتحادات والجمعيات والنقابات أثر سلبا على مريدي المنتدى واصبح هناك انزياحا وتنازلا عن التقاليد المتبعة فتم السماح للبعض من غير الفنانين واصدقائهم بالدخول. مسترسلا: هنا تم فقدان خصوصية منتدى التشكيليين ولم نجد في بعض الأحيان اي تشكيلي الا في مناسبات محددة، وهذا مرتبط بظروف اخرى غير ظروف الدعم المادي، اذ أنه مرتبط بهجرة أغلب الفنانين الى خارج الوطن أو ابتعادهم عن النشاط الاجتماعي أو تأثرهم بظروف الشارع العراقي وصعوبة الوصول الى المنتدى بفعل الأزدحامات والمخاوف الأمنية التي لا تسمح بعودتهم ليلا الى بيوتهم وهذا ما جعل البعض ان يتخلى عن مكانه في مكانه الأليف الذي يتم تداول موضوعات الفن واخباره الى اخرين يملأون المكان بحوادثهم اليومية والساذحة الذي لم يعنَ بها الفنان كثيرا.
 
 
زوال العوارض
ويرى الناقد التشكيلي د. جواد الزيدي: ان المسؤولين عن هذه المنتديات لو توافروا على بعض الممكنات المادية لما سمحوا بزحزحة التقاليد والأعراف في منتدى التشكيليين الاجتماعي ولأنه لابد من هذه الموارد فتم السماح للبعض. مؤكدا: ان هذا مرهون بزوال تلك العوارض التي تحدثنا عنها، فأن زالت عادت التقاليد الى عهدها القديم، ولكن على الرغم من هذه المشتركات ألا أنها لا تمثل نسبة اطلاق بل تتفاوت من منتدى الى آخر وارى أن نادي جمعية التشكيليين لم يسمح بخروقات كبرى في هذا المضمار لأستمرار فعالياته التي تدعو لحضور الأعضاء. 
 
 
الحملة الايمانية 
صديق صيدلي التقيته قبل سنين عائد من غربته الطويلة، حدثني عن دخوله قبل سنين الى نادي الصيدلة وكيف خرجت مستغربا من تحول النادي الاجتماعي الذي قضى فيها ساعات ممتعة بصحة الاهل والاصدقاء، لكن للاسف الان تحول الي شيء اخر بعيد كل البعد عن ذلك. الصيدلي د.علي الدهان تحدث عن هذا الامر بالقول: لم تكن نوادي النقابات والاتحادات محلات للشرب سابقا الى حين ظهرت "الحملة الايمانية" التي أغلقت محلات الشرب العامة مما اضطر الناس اللجوء الى نوادي النقابات والاتحادات. مضيفا: تحولت النوادي الى بارات وهذه ظاهرة غير مقبولة ورافقتها ضعف النقابات والاتحادات وعجزها ان تكون ملتقىً اجتماعيا وثقافيا لاعضاء تلك النقابات والاتحادات وقد ساهم إهمال الحكومات بعد (٢٠٠٣) لتلك النقابات والاتحادات وعدم دعمها على الأقل معنويا في تردي الواقع النقابي في العراق وانعكس ذلك بصورة واضحة في عجز العمل النقابي وانكساره وتحول نوادي النقابات من مراكز ثقافية او مراكز للتعليم المستمر والتدريب الى مجرد ماي خانات وبارات.
 
 
مداهمات وغلق
سبق وان أمر رئيس الوزراء د.حيدر العبادي. باجراء تحقيق ومحاسبة المتجاوزين على الفنادق والممتلكات العامة. وقال مكتب العبادي في بيان، إن العبادي "وجه وزارة الداخلية بضمان احترام وحماية الحريات الشخصية للمواطنين عند فرض القانون. مضيفا: أن العبادي أمر بالتحقيق لمحاسبة المتجاوزين على الفنادق وممتلكات المواطنين. في وقت سابق اليوم امر وزير الداخلية محمد سالم الغبان ضابط واثنين من المنتسبين بسبب "اساءة استخدام السلطة" على خلفية مداهمة فنادق ونواد ليلية في العاصمة بغداد. وعزت وزارة الداخلية سبب اغلاقها لنواد ليلية ومحال بيع الخمور في العاصمة بغداد الى انها لا تحمل رخصا لمزاولة اعمالها. وقالت في بيان انه ليس لها اي عداء شخصي مع اصحاب هذه الاماكن وكل ما تريده هو تطبيق القانون والتعليمات الخاصة بعملها على الجميع دون اي تمايز. وتعهدت في الوقت نفسه بـ"محاسبة اي من منتسبيها بشدة يعمل على استغلال السلطة او يحاول استفزاز المواطنين.ش
 
 
تسويف وعود
لكن شيء من ذلك لم يحدث وظل الامر خاضعا لمزاج القوى المتحكمة والمتنفذة بالشارع العراقي، وهذا ما دفع اتحاد الادباء والكتاب في العراق الى بغلق ناديه الاجتماعي احتجاجا على تسويف الوعود التي قطعت من قبل وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد والتي جاءت بعد مطالبة قيادة الاتحادات بضرورة توفير قوة حماية مخولة باتخاذ اي أجراء ضد اي تهديد او اقتحام للنادي الذي يعد الاشهر في بغداد. بالاضافة الى ذلك ظلت قضية الاموال المجمدة للاتحادات والنقابات خارج اهتمام الجهات المعنية، اضافة الى قضية توفير الدعم المالي لهذا النقابات والاتحادات التي تعتمد على اشتراكات اعضائها في تمشية امورها المالية.
 
 
الرداءة الثقافية
عضو اتحاد الادباء والكتاب في العراق الشاعر صلاح حسن ذكر ان الرداءة في العراق تشمل كل شيء تقريبا من السلوك اليومي الى الممارسات الاخرى في الصناعة والتجارة والاقتصاد الى السياسة.اما الثقافة الغائبة عن حياتنا اليومية فهي الدليل على هذه الرداءة الشاملة التي نعيشها يوميا. واستطرد حسن: من بين مظاهر الرداءة هو تحويل النوادي الاجتماعية والثقافية الى بارات قذرة يدخلها كل من هب ودب حتى بملابس النوم افضل نموذج يمكن ان نتحدث عنه هو نادي اتحاد الادباء الذي تحول في السنوات الاخيرة الى بار من الدرجة العاشرة يسمح بدخول كل من هب ودب بمجرد دفع الف دينار. مبينا: ان المثقفين هجروه الى نواد اخرى بعد ان ضاقت مساحة النادي عليهم باختصار حياتنا الثقافية والاجتماعية تتراجع امام الرداءة والترييف وصناعة الجهل الذي يشارك فيه المثقفون انفسهم.
 
 
 
 
فارزة

ساهمت النوادي الاجتماعية في النقابات والاتحادات المهنية والابداعية مساهمة فعالة ومثمرة في توطيد العلاقات بين أصحاب المهن الواحدة أو بين أفراد المجتمع والطبقات والشرائح الاجتماعية، من خلال السهرات والحفلات الفنية والغنائية، والمعارض الفنية، والسفرات النهرية والترفيهية وحتى سفرات الى خارج العراق للأعضاء والى مختلف الدول وبأجور مخفضة أو بالتقسيط، اضافة الى الجلسات اليومية التي كانت تزدحم بها حدائق وقاعات النوادي الاجتماعية التي للاسف لم تعد كذلك ولعدة اسباب..
ومعلوم إن النوادي والملاهي والمقاهي والمسارح وغيرها، لها وظائف اجتماعية ترفيهية يلجأ إليها الناس بعد عناء العمل للترويح عن النفس وتخفيف المتاعب، ليقضوا ساعات ممتعة مع أصدقائهم وزملائهم في الاختصاص والاهتمام العملي اوالابداعي، وهي صمام أمان لتخفيف الضغوط النفسية التي إن تركت تتراكم ستتحول إلى أمراض وعقد نفسية. وبما ان الاسباب التي حولت هذه النوادي الى بارات وماي خانات قد زالت مع زوال "قائد الحملة الايمانية وحزبه" وتم فتح عشرات البارات والنوادي للعامة يفترض ان تعود النوادي الاجتماعية للنقابات والاتحادات الى عهدها السابق وتكون داعمة للحياة المدنية المتحضرة مثلما تساهم في اعادة تشكل العلاقات بين اعضاءه خاصة وبين اعضاء بقية الاتحادات والنقابات من خلال تبادل الدعوات الجماعية والاحتفاء بالرموز الثقافية والاديبة والاجمتماعية والفنية. من جهة ثانية لم تعد النوادي الاجتماعية ةالعائلية قادرة على استيعاب عدد اكبر من الناس فمن غير المعقول ان عاصمة عدد سكانها قرابة (7) ملايين نسمة، لا تملك سوى ثلاثة او اربع اندية اجتماعية/ العلوية / الصيد/ الهندية. يعود تاريخ تاسيسها الى اربعينيات القرن الماضي، اعتقد اننا بحاجة الى فتح اكثر من نادي اجتماعي ترفيهي عائلي يعود بالحياة العراقية الى سابق عهدها الزاهي البهي. مع ضرورة التأكيد على منع تكرتر اي هجمة جديدة من قبل القوات الحكومية وغير الحكومية وحصر الامر بيد الجهات المختصة ووزارة السياحة بعد دمجها بوزارة الثقافة ووزارة الصحة واي جهة اخرى. فما حدث من ترويع في اخر هجمة لازال عالقا في الاذهان ولا زالت عواقبه سارية بغلق نادي اتحاد الادباء والكتاب في العراق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram